شريكة في تحقيق المواطنة المسؤولة

د.بدرية بنت ناصر الوهيبية

المواطنة دروس تُمثلها القيم الاجتماعية الرفيعة، وتبرزها الأعمال والجهود الوطنية من خلال ما يقوم به الفرد من نشاط وعمل جاد ومُتواصل لتحقيق سبل الرخاء في مجتمع يتمتع برفاه اجتماعي تسوده السعادة والصلاح والأمن والأمان. وتعرّف المواطنة بأنّها صفة المواطن الذي ينتمي للوطن وبانتمائه هذا يترتب عليه واجبات كالولاء، والانتماء، والإخلاص، وأداء العمل، ويسن له حقوق كحق التعليم، والرعاية، والرفاه، والعمل، والمساواة، والعدالة، وحماية حقوق الإنسان، وعليه فإنّ المواطنة هي علاقة وطيدة محددة بنظام وقوانين تربط بين الفرد ودولته.

وفي هذه الأيام تتمثل على أرض عماننا الحبيبة صورة من صور المواطنة المسؤولة في مشروع الترشح لمجلس الشورى والانتخابات، في حالة تجسدها قيم المواطنة الفاعلة والواعدة لتحقيق رؤية عُمان المستقبلية من منظور الشراكة المجتمعية الشفافة؛ منطلقة من حرية الرأي والاختيار بدون أي قيود، ومستخدمة أحدث التقنيات ومستندة لمرتكزات فنية تديرها سواعد عمانية، اليوم تدور العجلة وتتجدد الدماء المرتقبة لتدير دفة التنمية وتمثل مطالب المواطنين وتوصل رؤيتهم ليكون لهم حق اتخاذ القرار والمشاركة في وضع الإستراتيجيات الوطنية.

فقريباً سيجني المزارع حصاده، وسينال المجتهد فوزا ونجاحا، ومن يحتضن المسؤولية الاجتماعية وحب الوطن سيشمخ ويعبر عن وطنيته بترشحه لأخذ دوره من المسؤولية المجتمعية أو بانتخابه من هو أهل لتلك المسؤولية العظيمة، فالحراك للجميع رجالا ونساءً فهم سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات، وتفخر عمان بأبنائها الأوفياء إذ حان الوقت ليردوا لها الجميل بالجميل الطيب، فنهضة عمان مسؤولية كل من اغترف من خيرها في مراحل حياته المختلفة فمن علمها انتفع، وبالصحة تمتع، وبمائها العذب ترعرع، وعلى ثرواتها تربع، فآن الأوان أن ينضج الثمر ويزهر الربيع ويلعق منه الوطن.

    ومن مبدأ المسؤولية الوطنية فالمرأة العمانية لها شأن عظيم في تحقيقها من خلال ترشحها لمجلس الشورى أو اختيار الأنسب، فضلاً عن مشاركتها في تحقيق التنمية وصناعة القرار؛ فهي "الجناح الآخر للمجتمع"، هي نصفه بل أكثر، هي من أعطاها القائد المفدى -حفظه الله ورعاه- سبل الوصول للمعالي، فواصلت المسير والتعليم لتبني من حروف الوطن شموعا مضيئة تنير طريقها وتشد عزمها وتفخر بمنجزاتها الوطنية، فقد أصبح لها دور كبير في دفع عجلة التنمية ولا ينمو المجتمع إلا بها ولها، وأثبتت جدارتها في مختلف المواقع والمناصب، فكان لها من لدن صاحب الجلالة مكرمة سامية وهي تخصيص يوم المرأة العمانية ليصبح لقاءً تبرز فيه منجزاتها وتنشد تطلعاتها مستشرفة لمستقبل أفضل تواكب فيه تطور الحياة في مختلف الميادين والمجالات التنموية، والأرقام والأعمال شواهد ولواحظ لما حققته المرأة من إنجازات متوالية في مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فكثير من الدول العربية والعالمية تطالب بضرورة تمكين المرأة وإدماجها جنباً إلى جنب مع الرجل في مختلف المجالات، ولكن السلطنة سابقت الخطى في الاهتمام بالمرأة وتعزيز مشاركتها وتمكينها، وأصبحت من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث أتاحت الكثير من المجالات للمرأة مما جعلها تفوق الرجل في بعض المجالات، فتشير المؤشرات الإحصائية إلى انخفاض معدل الأمية للنساء من(19.4 %) عام 2010م إلى( 14.6 %)عام 2016 م، كما بلغت نسبة النساء في القوى العاملة حوالي ربع العاملين ( 25.1 %) وكذلك ارتفعت نسبتهن في الوظائف الإشرافية من( 4.3 % )إلى(7.1 % )بين عامي 2010 و 2016 م. أمّا في مؤشر متوسط الدخل الشهري للنساء فقد ارتفع بأكثر من( 160 % )عام 2016 م ليبلغ 765 ريالا عمانيا، مقارنة ب 292 ريالا عام 2010م.

أمّا بالنّسبة لتمكين المرأة العمانية سياسيًا وتعزيز مشاركتها في العمل البرلماني فقد قطعت شوطًا في ذلك وحققت نسبة ( 17 %) بتمثيلها في مجلس الدولة، و(1.2 %) بمجلس الشورى، و( 3.5 %) في المجلس البلدي، وهكذا كان وما زال لها دور في تمثيل البرلمانات الوطنية،  وإن كان وجودها في مجلس الشورى دون الطموح، ولكن الأمل في أن تزيد نسبة مشاركتها في المرحلة القادمة مازال يتجدد، فتكتمل الفرحة أكثر إذا حققت المرأة مطالب المجتمع بزيادة عدد حضورها تحت قبة مجلس الشورى لتساهم في سن التشريعات ووضع السياسات الوطنية، وتشارك بدور فعال في رسم ملامح عمان المستقبلية مستوحية من مجتمعها خطط التنمية الشاملة، وتكون لها بصمتها الدامغة في الاستثمار والتنمية، فهي قوى وطنية كامنة تتجلى في زيادة الناتج المحلي والاقتصادي وتحقيق الخطط التنموية المستدامة، متحملة المسؤولية الوطنية في العملية الشورية التي تمثلها مع الرجل في ظل السياسة الحكيمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس –حفظه الله ورعاه- لإشراك جميع المواطنين بلا تمييز في ممارسة المواطنة المسؤولة والبذل الصادق من أجل رفعة الوطن وتحقيق منجزاته والمحافظة على مكتسباته.

تعليق عبر الفيس بوك