مبادرة وطنية للتشغيل

فايزة الكلبانية

التحديات التي مرَّت على الجميع في السنوات الأخيرة الماضية (أفراد ومؤسسات قطاع خاص أو حكومي) جعلتنا في تحدٍ مع أنفسنا قل واقعنا من أجل أن نتعلم اليوم أنَّه لابد لنا جميعاً" من أن نصنع من الأزمة فرصاً" لنستمر ونصمد في وجه الظروف العاتية.

ومن هذا المنطلق جاءت البرامج الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل بالسلطنة لنعطي اهتماماً أكبر لإيجاد بدائل للدخل عن النفط، فاليوم نجد أنَّ قضية الباحثين عن عمل تشغل حيزًا كبيرًا من الرأي العام والمؤسسات الحكومية والخاصة، ويعول على القطاع الخاص الكثير، ولكن حقيقة الأمر نحن بحاجة إلى المزيد من المرونة للوصول لأهدافنا لحل قضية الباحثين عن عمل، لاسيما وأنه تم مؤخرا الإعلان عن تأسيس المركز الوطني للتشغيل والذي جاء في مُقدمة القضايا والمحاور التي ناقشها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- عند ترأسه لاجتماع مجلس الوزراء الموقر ببيت بهجة الأنظار العامر بصحار، مؤكداً جلالته على الدور الذي سوف يضطلع به في توفير فرص العمل لأبناء هذا البلد في العديد من المجالات، وذلك بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.

ومن هذا المنطلق فإنَّه ومن المؤكد أن هناك حلولا كثيرة، منها ما يتم اقتراحه ومناقشته علناً وطرحه ولكن لا زلنا نقف في انتظار المنفذ لهذه الأفكار بسرعة زمنية وجيزة.

وهنا مبادرة وطنية للتشغيل نقترحها لمن يهمه الأمر تحت شعار "#25_ألف_شركة_50_ألف_باحث"، والذي يستهدف -عبر خطة غير تقليديَّة في عملية التوظيف- 25 ألف شركة من الشركات الكُبرى والمتوسطة؛ لتوظيف 50 ألف باحث عن عملٍ سنويًّا، بواقع باحثين اثنين لكل شركة (كحدٍّ أدنى)، علمًا بأنَّ عدد الشركات العاملة بالسلطنة ولديها سجل تجاري يقارب 250 ألف شركة، نفترضُ أنَّ 100 ألف منها لديها القدرة على ضمِّ موظف واحد لهيكلها الوظيفي؛ وفق خطة عمل قوامها التواصل المباشر مع الشركات المستهدَفة، وعرض قوائم الباحثين عن عمل عليها ضمانًا لتحقيق "التوظيف المستدام".

وكخُطوة تحفيزية للشركات والمؤسسات، تُمنح الشركة المُشاركة في المبادرة "البطاقة الخضراء"، والتي تحصل مُقابلها على امتيازات في سرعة تخليص إجراءاتها ومُعاملاتها لدى وزارة القوى العاملة، أو "البطاقة الخضراء بلس"، والتي تمنحها امتيازات إضافية لدى الهيئات والدوائر الحكومية ذات العلاقة باختصاص الشركة، وهي بطاقة تكون صالحة لمدة عام واحد فقط، يتمُّ تجديدها حسب تجدُّد مُشاركة الشركة في المُبادرة، مع منح الشركة المُتفاعِلة مع المبادرة فترة سماح أكبر للتعمين.

 

ويأتي الهدف الذي نرجوه من تفعيل هذه المبادرة أو الأخذ بها بعين الاعتبار من مبدأ الشراكة المجتمعية الفاعلة لإيجاد حلول لأزمة الباحثين عن عمل، وإبراز الدور الوطني للقطاع الخاص وقدرته على تقديم حلول ناجعة انطلاقاً من مسؤوليته الوطنية والمجتمعية، إلى جانب اختصار المسافات الزمنية أمام أبنائنا الباحثين عن عمل للحصول على وظائف، تُحقِّق طموحاتهم وآمالهم المُستقبلية، وإيجاد آليات عمل حقيقية تضمن الوصول لحلول إيجابية قابلة للتحقق، ورفع مستويات تمكين الشباب، ومن ثمَّ معدلات التعمين القائم على الكفاءة لتعزيز الإنتاجية، بالإضافة إلى استحداث طُرق عملية غير تقليدية للقضاء على أزمة الباحثين عن عمل نهائيًّا، وضبط ميزان المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل.