الفيتوري شاعر بلا أرض

زيد الطهراوي | الأردن

 

ولد شاعرنا محمد الفيتوري في السودان و نشأ في مصر و درس فيها و ترك الجامعة ليعمل في الصحافة التي تفتحت مواهبه في ظلالها عكس ديوان الشاعر الأول (أغاني أفريقيا) غضباً فكرياً على كل تمييز عنصري بين الإنسان و أخيه الإنسان ففي هذا الديوان يعلن الشاعر أمام العالم أنه زنجي أسود و أنه لا ينكر هذه الحقيقة وأنه راضٍ بهذه الحقيقة ولا يتألم بسببها ولكنه يرفض أن يعامل بانتقاص بسببها.

يقول:(قلها لا تجبن.. لا تجبن قلها فى وجه البشرية/ أنا زنجي وأبي زنجي الجد وأمي زنجية/ أنا أسود..أسود لكـنى حر أمتلك الحرية). ويرحل الشاعر إلى السودان ليكون شاعر دبلوماسيا وتحط به عصا الترحال في لبنان بلاد الثقافة و الحرية فهدأ الشاعر الذي كانت حساسيته سبباً في بعض شقائه وهو الذي قال :(لم تشقني دمامتي في الورى/لم تشقني إلا حساسيتي) وأحب فتاة لبنانية لم يتيسر له الزواج بها بسبب معارضة أهلها لاختلاف الدين

و لكنها ألهمته ديوانه :(ابتسمي حتى تمر الخيل) و رثى شاعرنا الفيتوري عبد الخالق محجوب الذي ساعد الانقلاب على الرئيس جعفر النميري عام 1971م وحكم عليه بالإعدام فتم فصل الشاعر من عمله و سحب جنسيته منه ليصبح تائها يبحث عن أرض و ينتبه القذافي إلى أن جذور الشاعر ليبية فيعينه  دبلوماسيا في إيطاليا و لبنان الى ان يستقر في المغرب العربي وحين غادر القذافي الحكم والدنيا سحبت ليبيا من الشاعر جنسيته و فصلته من وظيفته ليعود الشاعر بلا أرض يصارع المرض و الغربة والفقر وحيداً لم يقف بجانبه إلا زوجته المغربية التي كافحت معه وصمدت أمام الظلم الذي تعرض له زوجها بكبرياء وحزن حين كانت المساعدات الأخيرة تحاول أن تشق طريقها إلى الشاعر المريض لتكتسب مجدا زائفاو شهرة ملوثة بآلام الشاعر الكبير .. ومات سلطان العشاق بثورته وصوفيته وهو الذي تنبأ بأن يشرق الصبح منهيا عذاب الإنسان ومعلنا بانتهاء السجن و السجان.

تعليق عبر الفيس بوك