الدرس القطري الياباني.. منتخبنا لم يكن ببعيد

أحمد السلماني

انفضَّ سامر آسيا، وبدأت كرنفالات الفرح الخليجي، واستعاد "الأدعم" القطري الهيبة لغرب القارة، بعد 12 عاما من سنوات التيه؛ لذا لا نلُوم الجماهير الخليجية عندما انفجرتْ فرحا بهذا الإنجاز الكروي القاري الكبير، بعد أن أفرزتْ لنا بُطولة أمم آسيا عن قوة كروية آسيوية عُظمى جديدة اصطفَّت بجوار مثيلاتها اليوم، وزاحمت كلًّا من اليابان والمملكة العربية السعودية وإيران وكوريا وأستراليا.. قطر بمساحة لا تتجاوز 12 ألف متر مربع تُزلزل أكبر قارات الكون، وتعلن عن نفسها بطلة مفوَّضة ليست على العادة ولمدة 4 سنوات مقبلة.. الرسالة التي يجب أن تصل للأشقاء في قطر وهم مؤكد يدركونها بعمق كبير "ليست العبرة بالتربع على القمة إنما بالثبات عليها". وعلى كل حال، فمشاركة العنابي القطري في كوبا أمريكا تعني أنهم يسيرون وفق الإستراتيجية التي بدأت في 2004 فحصدت كأس آسيا، وهم في طريقهم للظهور المشرف في كأس العالم، وما يُدرينا لعل القطريين عازمون على أن يكتبوا تاريخًا غير مسبوق للكرة الخليجية والعالمية.

المُدهش أنَّ اليابانيين وهم طرف في النهائي القاري الكبير أيضا، سيقارعون منتخبات أمريكا الجنوبية بمعية قطر؛ فهل هناك من توأمة بين الكرتين القطرية واليابانية، ولقد قدمنا نحن العمانيين للأشقاء في قطر الواجب وأكثر، ويرتبط اتحاد الكرة بنظيره الياباني بوشائج صداقة عميقة، فهل لنا أن نستفيد من التجربتين، وأن يقدم لنا الأشقاء والأصدقاء الدعم الفني والتقني، نظير ما يملكونه من كفاءات ومناهج تدريبية وتدريسية عالية في كرة القدم.

مُنتخبنا لم يكن ببعيد في أمم آسيا، لكنَّ طريقه كانت قاسية ومليئة بالأشواك، وأحذيتنا كانت بالية واصطدمنا بإيران واليابان، عدا ذلك فقد كان العمل شبه متكامل في منظومة منتخبنا؛ سواء من اتحاد الكرة والجهاز الفني وتفاني اللاعبين والدعم الإعلامي والجماهيري المطلق للمنتخب، فضلا عن الاهتمام الرسمي من الوزارة وسفارة السلطنة بأبوظبي، وبعض مؤسسات القطاع الخاص والأهلي، ومع ذلك خرجنا من الباب الكبير.. المهم استيعاب أن ركنا أساسيا مهما كنا نفتقده؛ وهو: بناء منتخب منافس يصل لمنصات التتويج والبطولات.

تُعَاني الشقيقة قطر من شح في تفريخ اللاعبين؛ نظرا لتعداد سكانها الضئيل، فيما نحن نمتلك من الموارد البشرية الوقادة والمتطلعة لخدمة المنتخبات الوطنية ما يُمكننا من صناعة منتخبات وليس منتخبا واحد، فقط لنوجه البوصلة في الاتجاه السليم من حيث الاهتمام بالبناء الحقيقي للفنيين والمدربين واستغلال المجمعات الرياضية في التنشئة، قطر صبرت 15 عاما، وأراهن أننا في السلطنة ومع الوفرة الهائلة في المواهب والبنية الأساسية الطيبة التي تحتاج إلى "إدارة تشغيلية مؤمنة برسالة الرياضة"، فسنحتاج فقط إلى نصف هذه المدة وأقل.. "فهل أنتم مستمعون".

تهنئتان مُغلفتان بالود والاحترام؛ الأولى للمنتخب القطري على الإنجاز الكبير، والثانية للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة على روعة التنظيم وكريم الضيافة.. في عُمان، المنتخبان الإماراتي والقطري عينان في رأس واحدة.