ومضات فكرية من كتابات حاتم الطائي (49)


الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".. ما قلّ ودلّ:
(1)     في "رؤية 2040" فقد تعلمنا من دروس الماضي، وبتنا أكثر وعيا وقدرة على التخطيط المستقبلي برؤية استشرافية تضع سيناريوهات تعمل على تفادي أية انتكاسات أو تراجعات في سيرورة التطبيق الفعلي للخطط والأهداف والبرامج المستقبلية.

(2)     رؤية "عُمان 2040" تجسيد حقيقي لعلم المستقبليات، وتؤكد أن بلادنا ماضية على نهج التطور والتقدم وفق أحدث العلوم وأنجع الأساليب والطرق.

(3)     رؤية "عُمان 2040" تتحلى بمرونة يمكن من خلالها تعديل آليات العمل، ووضع برامج بديلة تضمن تنفيذ الأهداف المتفق عليها، علاوة على معالجة أي خلل يصاحب عملية التنفيذ، ويضمن تفادي التحديات أو على أقل تقدير التأقلم معها، وبمشاركة المواطن، في ظل دولة المؤسسات والقانون.

(4)     تستند رؤية"عُمان 2040"، على 3 محاور رئيسة هي: الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والحوكمة والأداء المؤسسي.

(5)     القرار السياسي الفاعل سيكون هو الحاسم في ترجمة رؤية "عُمان 2040" على أرض الواقع، بجانب الإصرار المجتمعي على تنفيذ هذه الرؤية، في مرحلة نسميها "مرحلة تضافر الجهود" التي تتطلب مشاركة الجميع، بما يكفل تحويل هذه الرؤية الطموحة إلى واقع حي يقودنا إلى مستقبل أكثر ازدهارا تنعم به الأجيال القادمة.

(6)     تُعد الأضخم، منذ بزوغ فجر النهضة المباركة، وتضع 13 أولوية تبدأ من التعليم، مع المرور على أولويات بناء القدرات الوطنية وتعزيز البحث العلمي والمواطنة وسوق العمل والتشغيل، فيما تنتهي بحوكمة الجهاز الحكومي والموارد والمشاريع.


تساؤل جدير بالنقاش العلمي:
ما الذي يميز بين رؤية عمان 2020 وتلك الرؤية الجديدة "رؤية 2040"، على الرغم من أن رؤية 2020 والتي أوشكت على الانتهاء لم تحقق جميع ما كانت تصبو إليه من تطلعات، بل إنها لم تستطع بلوغ نسب متوسطة في عدد من المجالات؟!
إجابات منطقية:
الإجابة عن هذا السؤال المحوري والهام جدا- برأيي- يمكن الوصول إليها عبر منظورين أساسيين؛
(1)     المنظورالأول: أنّ رؤية 2020 صيغت ووضعت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ولم يكن العالم أو السلطنة وقتها على دراية بما سيحدث من متغيرات هائلة على المستوى التقني والمعرفي والاجتماعي، بل سارت التوقعات في اتجاه بعُد تدريجيا عن المسار الذي وضعت عليه إذن هناك تغير جوهري عميق اجتاح العالم مع مطلع الألفية الثالثة، وكان المفترض أن تتحلى نظريات التنمية وخطط التقدم بالمرونة الكافية لضمان مواكبة مثل هذه المتغيرات الهائلة.

(2)     المنظور الثاني: من المقارنة بين 2020 و2040، فالرؤية الأولى (2020) لم تتحل بالمرونة الكافية التي تتيح إمكانية تغيير الخطط والاستراتيجيات، بل بكل وضوح أقولها إننا لم نواكب بالسرعة المطلوبة المتغيرات التقنية والمعرفية، ولم نطبق كل ما كنا نطمح إليه في فترة التسعينيات من حيث التنويع الاقتصادي بسبب التقلبات الاقتصادية التي عصفت بالعالم وتأثرنا بها حتما، لاسيما في بداية الألفية الثالثة من حروب وصراعات في منطقتنا، فضلا عن أزمة الرهن العقاري التي عصفت بأقوى البنوك الأمريكية والأوروبية، وقد تأثرت عملية التنمية في بلادنا بذلك كله، فلسنا في معزل عن العالم، بل نحن جزء أصيل منه. كما لم نتمكن من مواكبة مسارات وبرامج التعليم لمتغيرات سوق العمل، وباتت تلك الفترة أشبه بمرحلة التجارب في الكثير من القطاعات، دون رؤية تنموية واضحة المعالم لها فلسفتها وغاياتها المعروفة.

أما قبل 2040:
بفضل التطورات المتسارعة في أداء مؤسسات الدولة، نجحنا في وضع أقدامنا على طرق هذا التطور التقني والمعرفي، واستطعنا أيضا أن نتأقلم مع المتغيرات الاقتصادية، وخير دليل على ذلك ما حدث خلال السنوات الأربع الأخيرة، والتي مثلت فترة عصيبة من الناحية الاقتصادية، وانعكاس ذلك على الأوضاع الاجتماعية، وتباطؤ الأنشطة الاقتصادية. فمن كان يتوقع أننا سنتمكن من مواصلة عملية التنمية في ظل التراجع الشديد في أسعار النفط، والتي وصلت خلال السنوات القليلة الماضية إلى مستوى 25 دولارا أو أقل؟ غير أنّ الواقع برهن قدرتنا على تحدي الصعاب والتحول نحو نموذج ترشيدي أكثر ملاءمة للتعامل مع الموارد المالية المنخفضة. وفي المقابل، نجح المواطن العماني أن يؤكد أيضا أنّه على قدر المسؤولية، وأنه يشارك الحكومة في مجابهة الصعاب وتجاوز الأزمات، فتعاطى المواطن مع تحرير سعر الوقود وارتفاع بعض أسعار الخدمات وزيادة الرسوم، من منطلق وطني، لأنه يدرك جيدا أنّ الأمر يصب في صالح الوطن ومستقبل الأجيال القادمة.

 

تعليق عبر الفيس بوك