المعتصم البوسعيدي
وانفض السامر عن مشاركة منتخبنا الوطني لكرة القدم في بطولة أمم آسيا بالإمارات والتي لازالت تتنفس بثمانية منتخبات؛ سيخوض غمار الدور الثمن النهائي بينها فريقان عربيان فقط ضمن مشاركة قياسية لعرب آسيا الذين توالت خيباتهم ــ وقد تستمر ــ مع تفوق وتطور الآخرين.
يمكن القول إن مشاركة منتخبنا "لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد" إنما هالة جماهيرية وحالة من التعاطف غطت على النتيجة العامة المتمثلة في ثلاث خسائر مع فوز وتأهل جاء بالرمق الأخير، على أن نظام البطولة كان له دور بهذا التأهل مهما كان اعتراض البعض على ذلك، وبالتالي فالمنتخب أشبه بقصة مسلسل مصري شهير حمل عنوان "الضوء الشارد". ضوءٌ يحمل النور لكنه لا يستمر؛ فمنتخبنا ـ للأسف ـ لا زال دون هويةً وشخصيةً عند مواجهة "كبار القوم"، ولا زلنا نكرر ذات الأخطاء ونبرر بذات الأعذار، وننتظر "خراب مالطا" حتى نبدأ رحلة النقد الذي في غالب الأحيان يضيق في خانة "مع وضد"، ولا نستثمر الفرص وهي واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار.
تغيّرت الأحوال وتبدل المعطيات، ومن كان في آخر الركب صار في المقدمة، ونحن مثلما نحن، وفي المسلسل آنف الذكر يقف "رفيع بك" الشيخ الشاب الذي يحمل إرث عائلته وصيتها، ليقرأ الواقع المتغير ويتعامل معها بحكمة، ويقدم تضحياته من أجل المحافظة على ذلك الصيت والوصول إلى الهدف بالصبر والجلد، فيما كان من ينافسه "وهبي" يصارع ضعف عائلته القديم وقهرها، ويكبرُ ويكاد يتفوق لولا أنه اختار طريقة ملتوية لم تصل به إلى شيء في النهاية، وبينهما يقف منتخبنا؛ لا شيء يُنبئ عن قراءة واقع ولا جرأة في التقدم
"الضوء الشارد" هذا يمثل البطولة ذاتها؛ حيث تشابه وتناقض المشهد الكروي مع المشهد السياسي على المستوى العربي، وهناك من يلعب على الوتر حتى يحقق ما في نفسه دون السماع لصوت السلام والرشد، واتحاد آسيوي لا يملك الجرأة في الفصل ولا في القول، مع اخطائهِ الكثيرة، لعلَّ أهمها جدوى النظام الجديد للبطولة، إضافةً لعدم استخدام "الفار" لإعطاء كل ذي حق حقه تحت تسويف غير مقنع البتة.
لسنا بحاجة لفلسفة "فيربك" التي لا ترى في النقد سوى "الغباء والجنون"، ولسنا بحاجة لشرح ما ينبغي عمله؛ حيث الوضع يعلمه القاصي والداني، ونحن في عُمان ــ من وجهة نظري ــ بحاجة لثلاثة أشياء مهمة: اعتراف بالخطأ، وإيمان بضرورة التغيير والتطوير، وتحرك حكومي على أعلى مستوى لجعل الرياضة ــ المتفوقة قارياً وعالمياً ــ أولوية قصوى بالتنفيذ ثم التنفيذ ثم التنفيذ مع المتابعة، وإلا فإنّ الضوء الذي نمتلكه ليس إلا ضوءا شاردا ينير بخجلٍ بين فترة وأخرى، ثم يُلبسنا "لعنة" السواد.