لكي ننتهي من البيروقراطية

فايزة الكلبانية

 

تُمثل البيروقراطية أحد أبرز التحديات التي تقف عائقًا أمام الاستثمار والمستثمرين ليس على صعيد بلادنا فقط، وإنما عالميًا، حيث إنَّ بيئة الأعمال اليوم ترى أن البيروقراطية تحدٍ لابد أن ينتهي وبشكل سريع ليتمكن القطاع الخاص من القيام بأدواره ومهامه المتوقعة منه، ولكي يتمكن صاحب الأعمال أيضاً من الاستمرارية في مشروعه أمام مختلف التحديات المحيطة.

هنا لا أخص مطلقًا بالذكر الشركات الكبرى المدعومة من الحكومة، وإنما بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو ممن لم تحظ بفرص الدعم الحكومي، وظلت صامدة، كما أننا نتفق جميعًا اليوم على أنَّ قضية الباحثين عن عمل، ليست حكراً على وزارة القوى العاملة والجهات المعنية بالتوظيف فقط، بل إنها قضية مجتمع بأكمله وبمختلف مؤسساته الحكومية والخاصة والمجتمع عامة، وفي المُقابل نتفق على أن إيجاد حلول للانتهاء من تحديات "البيروقراطية" أمام القطاع الخاص ليكون شريكاً حقيقياً فاعلاً مبادراً، وبدوره سيساهم في أن يكون شريكا حقيقيا في حل هذه القضية وغيرها من القضايا الاستثمارية والاقتصادية وتسارع دخول الاستثمارات محلية وأجنبية، وجذب المزيد من أصحاب الأعمال، ممن يجدون أن البيروقراطية تحول دون استمرارية أعمالهم أو حتى تأسيسها للوهلة الأولى هرباً من الشروط التعجيزية وما يتبعها من تحديات.

***

"اطلقوا العنان للقطاع الخاص"...اليوم نتطلع إلى أن يكون دور الحكومة إشرافيًا وليس تنفيذياً لمختلف الأعمال والمشاريع، حيث إن الحكومة يجب أن تختص اليوم بشكل أساسي برسم السياسات العامة، وتحديث الإجراءات والقوانين، والعمل على تسهيل الإجراءات وتحديث القوانين الهامة التي عفا عليها الدهر، والبعض منها في انتظار التعديلات التي ستطرأ عليها، وأبت أن تنتهي والبعض الآخر لا زالت غائبة أو أنها مستمرة بمحتواها الذي يناسب الزمن الماضي قبل 40 عاماً مع تغيير بيئة الأعمال ومتطلبات السوق ونحن لا زلنا مستمرين في تطبيقها على من يرغب في دخول عالم التجارة والاستثمار، الأكيد أنَّ بيئة الأعمال اليوم تتطلب التجديد والتحديث مع سرعة التنفيذ وتسهيل الإجراءات أمام القطاع الخاص.

***

الشيء بالشيء يذكر، فالأكيد أن الحكومة اليوم أيضًا غير مطالبة بتأسيس المزيد من الشركات الحكومية، والتي تعمل بدورها على منافسة القطاع الخاص، فعلى الحكومة أن تلعب الدور التشريعي السيادي بقوة، وتسند العمل التنفيذي للقطاع الخاص وتسهل المهمة أمامه، لأنها ليست مهمة الحكومة ومهمتها التحفيز لخلق بيئة أعمال استثمارية مناسبة سواء بوضع الخطط والاستراتيجيات الواضحة، والتي تساعد على تقوية القطاع، أو برفد السوق بالمزيد من رواد الأعمال، والعمل على إيجاد مناخ استثماري من خلال نشر ثقافة العمل الحر وعدم الخوف من المُغامرة حتى في ظل التحديات المختلفة. إن ما يحدث اليوم من تعدد الشركات الحكومية وتوسعها ما هو إلا توغل للشركات الحكومية المدعومة التي تعمل على منافسة القطاع الخاص، وتضر بعمله، فلابد أن تكون هناك إستراتيجية لتقوية العمل بالقطاع الخاص العماني، لكي يكون قطاعا خاصا مبادرا قادرا على خلق فرص عمل مختلفة.

***

خلاصة القول يجب أن تكون هناك إستراتيجية حكومية لتقوية وتعزيز القطاع الخاص، فمن هذا المنطلق انطلق البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، لإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر، بحيث تقوم الحكومة بتسليم تنفيذ الأعمال لشركات القطاع الخاص، ونؤكد على أن المرحلة الجديدة بحاجة إلى أن يكون للحكومة دور هام في إنهاء البيروقراطية وتسهيل القوانين والاشتراطات التعجيزية التي تقف عائقاً أمام الاستثمار والمستثمرين، وأن تعمل على تحديث وترتيب القوانين القديمة وفقاً لمتغيرات الأوضاع وبيئة العمل لوجود بطء في إصدار القوانين المنظمة للأعمال.