عَادل سعد ثَائِرٌ عَلَى أَقَانِيمِ الْعَشِيرَةِ الْهَادِئَةِ

...
...
...


فتحي مهذبي | شاعر تونسي

ثَمَّةُ نُصُوصٌ تَقْتَضِي مِنْكَ ضَرْبَاً مِنْ الطُّهْرَانِيَّةِ وَالْحَجِّ إلَى بِكْرِ أَقَاصِيهَا وَسِدْرَةِ مُنْتَهَاهَا لِلظَّفْرِ وَالْفَوْزِ بِفَاكِهَةِ مَا تُبْطِنهُ مِن نَعِيمٍ جَمَالِيِّ مُمْتَدٍّ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ.
يُخَيَّلُ لِي وَأَنَا أقْرَأُ هَذِه النُّصُوصِ الْمُتَأصِّلةِ فِي تِبْرِ الْحَدَاثَةِ الشِّعْرِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّنِي لا أَعْدُو فَرَاشَةً مُعَلَّقَةً عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ تَسْتَوْحِي مِنْ فُيوضَاتِ الضَّوْءِ  سِرَّ وُجُودِهَا وَجُذُورِ بَقَائِهَا مَأْخُوذَاً بِسِحْرِ أَوْرَاقِهَا الْمَلِيئَةِ بِعَمِيقِ الإشَارَاتِ وَقَصِيِّ الدَّلالاتِ مَرْفُودَاً بِوَهَجٍ ضَوْئِي نَادِر.
إنَّهَا شَجَرةٌ تَضِجُّ بِرَوْحَانِيِّةٍ بَاذِخَةٍ مُطَعَّمَةٍ بِأنْسَاغِ سِيميَائِيَّاتٍ عَمِيقَةٍ مَفْتُوَحَةٍ عَلَى لا مُتَنَاهِيَاتِ النَّصِّ وَضِفَافِه الْمُتَرَامِيَة.
إنَّ قِرَاءَةً وَاحِدَةً لا تَكْفِي للْحُصُولِ عَلَى تَأْشِيرَةٍ شَرْعِيَّةٍ ابْتِغَاءَ السَّفَرِ صَوْبَ جُزُرِهَا الدَّلالِيَّةِ الْمَحْفُوفَةِ  بِالأسْرَارِ وَالْمَنَاطِقِ الْمُتْوَحِّشَةِ الْبِكْر.
كُلُّ شَيءٍ يَنْتَظِرُكِ
الأَحَدُ الَّذِي يَتَنَفَّسُ لَمْسَتَكِ
شَفَّةُ وَرْدَةٍ عَلَى سِيَاجِ جَارِنَا الْعَجُوزِ
الْيَنَابِيعُ الَّتِي تُزْهِرُ فِي الْعُطَلِ الأُسْبُوعِيَّة..
(أَنَامِلُكِ)
الَّتِي تَرَكْتِهَا فِي جَيْبِي
مُنْذُ أَنْ تَوَحَّمَتْ بُرْتُقَالَةٌ عَلَيْك... الخ الخ
أَلَيْسَتْ هَذهِ ثَوْرَةٌ إبْدَاعِيَّةُ عَارِمَة يَقُودُهَا شَاعِرٌ مُسَلَّحٌ بِأعْتَى تَرَسَانَةٍ جَمَالِيَّةِ رَهِيبَةٍ لاسْتِئْصَالِ شَأْفَةِ الْقَوَالِبِ الْجَاهِزَةِ الْمُتَعَفِّنَةِ نَزَّاعَةٍ خَلْقَاً وَابْتِكَارَاً إلَى مَوَاطِنِ السُّطُوعِ وَالْجَمَالِ وَالتَّوَهُّجِ وَالتَّفَرُّد.
إنَّهُ (هَذَا الثَّائِرُ عَلَى أَقَانِيمِ الْعَشِيرَةِ الْهَادِئَةِ)
يُعُيدُ رَسْمَ خَارِطَةِ  الْكَلِمَاتِ بِشَهْوَانِيَّةٍ إِبْدَاعِيَّةِ مُفْرِطَةٍ، نَافِخَاً مِنْ رُوحِهِ الْمُتَشَفِّفِ فِي الأشْيَاءِ وَالْكَلِمَاتِ نَارَ الآلِهَةِ مَرْفُودَاً بِفِضَّةِ الأَسَاطِيرِ . فَتَنْثَالُ الْعِبَارَاتُ الشِّعْرِيَّةُ يَنَابِيعَ مُدْهِشة آخِذةً بِمَجَامِعِ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ وَالْعَقْلِ فِي سِيمْفُونِيَّةٍ حَمِيمَةٍ وَجُوَّانِيَّةٍ أَثِيرَة.
أَنْ أَضَعَ مَذَاقَ حَيْرَتِي
عَلَى قَمِيصِكِ التُّرْكُوَازِيِّ
وَأَرْكُضُ
فِي كُلِّ رَشْفَةٍ
عَلَى بِيَانُو شَفَتَيْك.
اُنْظُرْ أَيَّهَا الْقَارِئُ  الْمُتَشَوِّفُ إلَى لَذَّةِ النَّصِّ وَجَنِي ثِمَارَ الضَّوْءِ.
اكْسِرَ قَوْقَعَةَ الْقَدَامَةِ.. شَذِّبَ رَوَاسِبَكَ التَّلِيدَةَ.. تَطَهَّرْ مِنْ بَلاغَةِ الْجُدْرَانِ المُتَدَاعِيَةِ.. اشْرِعْ كُلَّ شَبَابِيكِ رُوحِكَ  لِتَفْقَه لُغَةَ الرُّوحِ وإلْيَاغُورِيَّاتِهَا الْمُتَرَاكِبَةِ، وَتَلَمَّسْ شُرْفَةَ نَجْمَتِهَا الْبَعِيدَة.
فِي ذَلِكَ الصَّبَاحِ  
وَأنْتِ
تَفْحَصِينَ تُرْبَةَ الْكُمْبُوستْ
وتُفَكِّرِينَ فِي زَهْرَةِ  Grand Amour
تُفَكِّرِينَ كَمَا الْفَرَاشَاتُ
الَّتِي تَأخُذُ خَيْطَاً مِنْ الصُّورَةِ الرَّعَوِيَّةِ
وَتَبْدَأُ فِي حِيَاكَةِ الْحَيَاةِ
فِي ذَلِكَ الصَّبَاحِ  
أَغْمِزُ لَكِ
بِالأُمْسِيَّةِ الَّتِي سَكَبَتْ حَلِيبَهَا عَلَيْك.

وَأنْتَ تَتَصَفَّحُ هَذِه النُّصُوصَ كَمَا لَوْ أَنَّكَ تَجْلِسُ عَلَى صَخْرَةٍ مَطْلِيَّةِ بِالذَّهَبِ الإبْرِيزِ فِي حَدِيقَةٍ غَنَاءَ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ مُتَصَفِّحَاً إضْبَارَةَ إلهٍ مِيثُولُوجِيٍّ  مَلآى بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْخَوَارِقِ، ترَافِقُكَ أُورْكِسْتِرَا مَلائِكَةٍ تُقَاسِمُكَ عُذُوبَةَ وَحَرَارَةَ الْحُلُولِ وَالْفَنَاءِ فِي أَمْشَاجِ هَذِه النُّصُوصِ الْمُتَوَهِّجَةِ جِدَّاً.
نُصُوصٌ اجْتَرَحَهَا عَادِل سعد يوسف فِي أَمْكِنَةٍ سِرِّيَّةٍ.
نُصُوصُ تَتَطلَّبْ قَارِئَاً اِنْتِحَارِيَّاً مُغَامِرَاً وَنَاقِدَاً.
نُصُوصٌ مُكْتَظَّةٌ بِعُيُونِ إِلَهٍ يُونَانِيٍّ حَكِيمٍ.
......................
من أجواء الديوان:

فِي الْمَقْهَى
عِنْدَ انْكِسَارِ الْيَنَابِيعِ الْفُسَيْفِسَائِيَّةِ
فِي أطْيَافِ ضَحْكَتِكِ
هُنَا
بالْقُربِ مِنَ النَّافِذَةِ الْمُطِلَّةِ عَلى الظِّلالِ الْمُوحِشَةِ
أنْتَظِرُ
سَنَابَلَ مَحَبَّتِكِ
أنْتَظِرُكِ
لا أعْبَأُ بالْعَابِرينَ
لا أعْبَأُ بِسَاعَةِ الانْتِظَارِ الطَّويلَةِ
بِلُفَافَاتِ التَّبْغِ الَّتِي تَلْفُظُ أنْفَاسَهَا
بِعَدَدِ الْفَناجِينِ الْمُهْدَرَةِ
ودَهْشَةِ النَّادِلِ
الْمُرْتَبِكِ.
هُنَا
..........

 


كُل مَا أرِيدُه
أنْ أتَعَرَّفَ عَلَيْكِ
أنْ أخْتُمَ وَجْهَكِ بالْبَرَاءةِ الْعَمِيقَةِ
وَأسْنُدَ جَفْنَيْكِ
أسْنُدُكِ بِالتَّفَاصِيلِ
بِالْمَمَالِكِ الْمُسْتَيْقِظَةِ عَلى قَنَادِيلِكِ الْمُطْمَئِنَّةِ
أسْنُدُنِي
بِالْتِفَاتَةِ النَّدَى
وَأبْصُرُكِ
بِالْمُضْمَرِ
مِنْ نَشِيجِ الْقُبْلَةِ الْبَاهِيَةِ.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك