إنك لن تستطيع أن تغير العالم

 

منى البلوشية

 

أهلا بك عامي الجديد وأهلاً بما سيأتي فيك وبك، وأبارك لكم في عامكم الجديد وارجو أن يكون عاما بعيدا عن الأحزان وهلم به من العبارات التي أُرسلت وسترسل، هذه هي وغيرها من العبارات التي ملأت هواتفنا بالتهنئة للعام الجديد 2019 وما نشاهده في برامج التواصل الاجتماعي.

أنا لستُ من المهنئين للعام الميلادي الجديد، ولكنني من المجددين الذين يحاولون جاهدين بأن يغيروا أطباعا وأفكارا للأفضل، وإن أرسلت سأرسل رسالة أقول بها كيف كانت سنة 2018 لديكم.

وسأجد وابلا من الردود بأنّها كانت سنة تعيسة وسنة ارتكبت بها أعمال لا تليق بي كإنسان وفعلت وفعلت ولكنني نادم وهناك من خذلني وسلب مني كذا وكذا، وأخرى ستقول: غيّرت وطورت وبحثت وانضممت وجددت وأصبحت أفضل من ذي قبل وهذا الذي حدث بالفعل.

أليس هذا الذي نحن نرجوه ونتمناه بأنفسنا التغيير والتطوير؟

عام 2018 ليس هو إلا عام كغيره من أعمارنا نزداد به عمرا سيمضي وسيرحل وكأنه ورقة ستسقط مثلما تتساقط أوراق الخريف. والأهم من الأعوام الراحلة ما هي الإنجازات التي قمنا بها وهل حققنا بها ما كنا نودّ تحقيقه، ما هي الإخفاقات التي صادفتنا وما هي تلك العثرات التي حاولت أن تُسقطنا ولكننا بقوة إرادتنا وعزيمتنا تمكّنا منها وواصلنا الطريق بقوى مطمئنة واثقة بأنها لن تهزمنا.

أنا لن أقول بأنه كان عاما سيئا وكان به من الأحزان وفارقنا من فارقنا؛ نعم سأقول بأنّها سنة رائعة حدثت لي فيها أشياء جميلة فكل هذا مقدر ومكتوب لنا وبقضاء من الله تعالى، ولكن الأهم كيف نحن نتقبل كل هذا وبعزم وإرادة نمضي بها، فكل لحظة لابد لنا أن نعيشها  بتلك اللحظة والوقت الذي حدث به، حتى لا نعود لها فيما بعد ونلتفت للخلف لابد لنا وأن نعلم كل تلك النقاط التي أقعدتنا وكل التجارب التي مررنا بها، والتي لابد أن تكون عبرة لنا ولغيرنا فهناك من يحاول أن يقوم بعملية جرد لكل شيء في حياته ويُخرج كل الذين أساءوا له وظلموه وخذلوه بعيدا عن كل شيء يعكر صفو حياته ليجددها وليعيش الأمان والسلام الداخلي بدون حقد وكراهية. وقبل كل ذاك وذاك يراجع ذاته من الناحية الروحية هل هي عاشت السعادة الحقيقية بقربها من الله تعالى أم لا. فلنغير ونطور من أنفسنا (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فكن مُغيراً لنفسك وذاتك ليس كمثل ذلك الذي قضى 40 عاما محاولا أن يُغير من حال بلاد غريبة عنه ولكنه لم يستطع وعندما عاد لوطنه حاول أن يُغير في مجتمعه وأسرته وأبنائه ولكنه لم يستطع أيضا، فأُصيب بالإحباط  وبنهاية المطاف فهم وعَلِم بأنه هو من لابد أن يتغير وجاءه ذلك الصوت المنادي بداخله قائلا: نعم أنا أستطيع أن أُغير من نفسي فالسلام والحب والوئام هو لي قبل كل أحد آخر فعندما تتغير سيتغيركل من حولك.

وبنهاية المطاف، كن لذاتك كل شيء امنحها السعادة وارتقِ بها ولا تُسلمها للأوهام التي قد ترافقها فكل لحظة تعيشها وفكرة تحوم بك ما هي إلا نتاج لتفكيرك وهي التي ستكون عليها بعد حين وسنوات فكن إيجابيا بأفكارك وابتعد عن كل ما قد يحول بينك وبين ما تود تحقيقه ولا تلتفت لمن يحاول أن يُحبطك ويُثنيك عن مطلبك.

تعليق عبر الفيس بوك