الطريق إلى المستقبل

فايزة الكلبانية

 

(1)

أمنياتٌ اقتصادية عدة نُعِيد صياغتها كأهدافٍ نتطلَّع لتحقيقها على مدار عام جديد من عُمرنا، وطموحاتنا تجاه أنفسنا والوطن، ومن نُحبهم أيضًا.. وها هي تتوالى أمنيات الاقتصاديين؛ حيث لا يزال "تبسيط الإجراءات أمام القطاع الخاص"، والقضاء على "البيروقراطية"، أولى أمنيات العاملين في سوق العمل، من مستثمرين واقتصاديين وأصحاب أعمال. وفي المقابل، لا تزال الحكومة بمختلف مُؤسساتها تناشِد القطاعَ الخاص دخول مستثمرين عُمانيين مُبادرين للمساهمة في رفد سوق العمل بالمزيد من الاستثمارات، التي من شأنها أن تُسهم في خلق فرص للتوظيف، وزياة الناتج المحلي وتنمية الاقتصاد، وهذه التوجُّهات تأتي من منطلق "الشراكة بين القطاعين العام والخاص".

الإدارة الحقيقية في ظلِّ الأزمات المفاجئة تعني كيف لنا أن نُخطِّط بسرعة، وخلق فرص في ظل ما هو متاح لدينا وفي أيدينا اليوم، فلنُنْهِ خططنا في 2020 بكفاءة ومصداقية وجودة وشفافية ونتائج ملموسة ومثمرة، وعلى رأسها قضية "الباحثين عن عمل"، وبعدها نكرِّس الطاقات الأكبر لرؤية "عُمان 2040"، ومن الأفضل لو تقلَّص لتكون خطة قصيرة الأجل مع فاعلية في التنفيذ؛ فالإستراتيجيات بحاجة لمنظور مستمر ومتجدد.

 

 (2)

الإصلاح والتعزيز الاقتصادي بحاجة لشراكة قويَّة وحقيقية؛ لأنَّ الفترة المقبلة قد تكون مرحلة أكثر صعوبة مما سبق، لا يوجد استقرار اقتصادي ولا حتى سياسي في العالم من حولنا، كل الاحتمالات المفاجئة واردة، وهنا تحدٍّ كبير أمام مؤسساتنا التي صَمدت أمام تبعات أزمة تراجع أسعار النفط، من خلال إيجادها للحلول والبدائل، وصناعة آمال مبتكرة، حيث تمكَّنوا من تحويل الأزمات إلى فُرص، واليوم التحدِّي أمامهم في الحفاظ على هذه النجاحات التي تحققت، وعدم التراجع أمام أية تحديات قادمة قد تعترض خططَ وسياسات عملهم مستقبلًا. وتحدٍّ آخر أمام القطاعين الحكومي والخاص في إنعاش السوق والاستثمار بالمشاريع التي من شأنها إيجاد وخلق فرص عمل وتوظيف للأعداد الهائلة والمتكدِّسة من الباحثين عن عمل والتي تتزايد بشكل سنوي؛ فجميعُنا لا يرغب بأن يأتي يوم لنعود إلى ما كنا عليه في العام 2011 نتيجة لتكدُّس الباحثين عن عمل، في ظلِّ انتظار استحداث خطط وسياسات لم تتمكَّن من إيقاف غضبهم وتنفيذ بعضٍ من مطالبهم في بلدهم.

 

(3)

مِن الدُّروس المستفادة خلال ما مَضَى من خطط ودراسات وإستراتيجيات تقوم بها الجهات المختصة، وما يصاحبها من بطء في التنفيذ، خلال السنوات الأخيرة الماضية، يتأكَّد لنا أننا اليوم بحاجة لسرعة في الإنجاز لهذه الخطط فعليًّا، وإعادة النظر فيما لم يتم تنفيذه لليوم والتحديات التي تقف عقبة أمام ذلك، وهذا ما جاء من أجله إطلاق برنامج تعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، ولكن ما زلنا نعاني من البطء في تفعيل مبادرات هذا البرنامج الواعد، رغم أننا لا ننكر وجود جهود حثيثة تُبذل للوصول للأهداف المعهودة، ولكن يبقى الشيء الرئيسي "تحديات القطاع الخاص"، نكرِّر سؤالنا: أين المستثمر العُماني المبادر؟ ومتى سيتم تذليل التحديات والعراقيل وتبسيط الإجراءات من الحكومة أمام القطاع الخاص ليقوم بدوره في التنفيذ يا صُنَّاع "تنفيذ"؟!

 

(4)

البعضُ يتساءل: لماذا لا نتعلَّم من الدروس التي مرَّت علينا في تنفيذ رؤية "عمان 2020"، لنستغني عن وضع خطط وإستراتيجيات طويلة المدى، ونعيد الكرة مع رؤية "عمان 2040"، ولا نعلم ما الذي سيُخبئه لنا القدر من مفاجآت قد تؤثر على الأسواق الاقتصادية أسوأ من أزمة تراجع أسعار النفط، ونتفاجَأ بعقبات وصدمات تُعِيق عملية تنفيذ هذه الخطط "طويلة المدى"، ونظل نبحث عن حلول في منتصف الطريق للتنويع الاقتصادي؛ فلماذا لا نعمل على وضع خطط  وإستراتيجيات قصيرة المدى ونكرِّس إمكانياتنا لتنفيذها وتجاوز عقباتها، ونضمن الاستثمار فيها، وفي الوقت ذاته نوظف فيها جميع الطاقات والإمكانيات لإنجاح هذه الخطط في الوقت الراهن، ونركز عليها في ظل ما يتوافر لدينا من صلاحيات وإمكانيات، عِوَضًا عن قضاء أوقاتنا في وضع خطط وإستراتيجيات بعيدة وطويلة المدى، ونحن نفتقدُ حتى اللحظة التنفيذ الكامل لبعض الإستراتيجيات التي وضعناها سَلفا، رغم ما نُواجِهه من تحديات نتيجة تراجع أسعار النفط، والتحديات الاقتصادية والسياسية المختلفة... وغيرها من ظروف الحياة والسوق.