نصَّــــــــان


محمود عميرة | الأردن

(1)
كان من السهل عليّ أن أنساكِ
لكنني لم أفعل
أحرص على فعلِ أي شَيْءٍ
يذكرنيّ بكِ
المقاهي التي ارتدناها
باتت تملني
الأغاني أدندنها بنفس الطريقة حينما
كنّا سويةً
الأكلات ، الشوارع ، والأفلام
حتى تلك السهوة عندما أُشعل سيجارة جديدة
ناسياً  الممددة على طرف المنفضة
يذكرني بكِ
وجهي ، حين أعبس
حين أبكي
وعندما أسترجعُ أمام المرآة كيف كنتُ اضحك
عند الدفء وحين أجوعُ برداً
ساعتي وهدوء الليل
وصندوق رسائلي الفارغ
أصدقائي الذين لم أعد أراهم
كي أخفف صفعتهم : كيف هي الآن ؟!
وجه أمي ، أحلامي
وشمٌ تربع على ساعدي

كان من السهل عليّ أن أنساكِ
لكنني لم أفعل
لا لشيء سوى أن الإحساس توقف عندكِ ..   
(2)
أين سأكون بعد أربعين عام ؟!
ربما سأصبحُ جداً لأحفادٍ عيونهم زرقاء
لا يتقنون لكنتي ، ذلك لأنني أخترتُ أن أُكمل درب جنوني في بلادٍ بعيدة،
وصار ليّ وطنٌ جديدٌ لا يفارقه الجليد ..
أو لعلي أكون أمهر لاعب نرد على الإطلاق
في مقاهي المدينة المكتظة بالبائسين
حيث لا مكان يحملنا وخرفنا غيرها
بعد أن ضجرت منا كراسي الوظيفة
لتسبق اسمنا صفة التقاعد..
عند المدفأة وحدي أرمي الحطب
لا يد تسندني عند الوقوف
ولا ضفيرة مغطاة بالشيب
تمد لي كأساً من اليانسون..
أراني أسمع أغنية لصوتٍ نسيت أسم صاحبه
يتعبني التخمين أنظر للسماء ثم أصرخ ؛ فيروز !!
هدنيّ " الزهايمر" والركض خلف معرفة أسماء الوجوه
التي تتقافز من حولي
والصوت المنبعث من الأسطوانات في أرشيف الذات
ينهش وجهي، أرتق ما تبقى منه ببعض الدمع
فوجهي لا يخون الملح ولا ينساه.

 

تعليق عبر الفيس بوك