وحدة الخليج.. مصير مشترك

فايزة الكلبانية

 

نحزن من أعماقنا عندما ندرك حجم التحديات التي يواجهها "خليج السلام" من فرقة وخلاف، فلا نتمنى واقعا يهدد "خليجنا واحد"، إذا لم نعد النظر فيما يتعلق بسياسات التعامل بين دول الخليج، نسعى بحبر ومداد أقلامنا لنساهم بنداءات وطنية وشعبية لقادة وحكام دول مجلس التعاون الخليجي ليكون اجتماع القمة المقبلة انطلاقة لعودة "خليج السلام".. لعل وعسى أن يكون لأقلامنا الحرة صدى يدوي عبر المنابر الإعلامية المرئية والمقروءة والمسموعة ومن مختلف إعلاميي دول مجلس التعاون الخليجي، حاملين آمال أوطاننا وصوت شعوبنا إلى طاولات الحوار والنقاش التي تجمع قادة خليجنا.

فقد جاء اتفاق قادة دول مجلس التعاون الخليجي على توحيد الصفوف الخليجية تحت مظلة "مجلس التعاون الخليجي" في عام 1981م، لتكون لهم قوتهم في التصدي لجميع التحديات والمخاطر التي تواجههم من مختلف القوى المعادية للمنطقة، مما مكنهم مع مضي الوقت وبهذا التكاتف من أن يصنعوا لهم كقادة هيبة وكلمة لها قوتها بين مختلف دول العالم، مما جعل من دول الخليج العربي قوة عظيمة يشار إليها بالبنان ولإنجازاتها ولتوحيد صفوفها وتآلفها واحترامها لبعضها بعضا؛ فإذا اشتكت أية دولة من سوء أو مشكلة تلاحمت صفوف شقيقاتها من الدول الأخرى لانتشالها مما يقلق راحتها وشعبها بكل ترحاب ومحبة، باذلين الغالي والرخيص من منطلق الوحدة الخليجية التي تجمعهم؛ إلى أن آلت الأوضاع في السنوات الأخيرة إلى ما نحن فيه من توجهات، واختلافات واشتباكات؛ تقودها بعض السياسات التي تؤرق مضجع الأمن والسلام والوحدة بين دولنا الخليجية؛ نتيجة لسياسات دول قد تصيب أو تخيب متأثرة بالمؤامرات التي يحيكها المتربصون لتفكيك هذا الشمل والأسرة الخليجية الواحدة، وقد يكون للحملات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي يد في بث هذه السموم بين دول خليج السلام.

حقيقة لابد أن نعيها جميعًا في السياسة "العدو لا يصبح صديقا إلا في ظل مصلحة يبتغيها، فلا يجب أن نجعل الغير يستحوذ على مجدنا وثرواتنا على حساب أوطاننا والتفرقة بيننا"، فلنجعل أعداء الخليج بعيدًا عنا، ولنسعَ إلى دفع جهود التكامل والتعاون بين دول مجلس التعاون التي كنّا قد بدأنا العمل فيها والتخطيط لاستكمالها، وزيادة مكتسبات المواطن الخليجي، وتطوير المشاريع المشتركة، وأهمها القطار الخليجي، فاليوم نحن بحاجة إلى قوتنا التي استجمعناها في يوم ما لنواجه تحديات انخفاض أسعار النفط، والحفاظ على الثروات الوطنية.

كلنا معترف بوجود تحديات كبيرة ومنعطفات كثيرة ولكن لن تحل هذه التحديات إلا بالمزيد من التكامل والتعاون الخليجي المشترك. ومن هذا المنطلق اليوم دول مجلس التعاون الخليجي مطالبة بأخذ الحيطة والحذر أكثر من أي وقت مضى، فالمتربصون تكثر أعدادهم، والفجوات بيننا تساعدهم، ولابد أن نعي بأنّهم يطمعون في زعزعة أمننا واستقلاليتنا وإهدار ثرواتنا ولاسيما النفطية منها، ليس حبا وكرامة، وإنما مكرا وأنانية ونشرا للفوضى التي تفكك تلاحمنا لتجعلنا يوما ما كلنا في صف واحد مستقل ومنعزل بدولته، فكم من دروس مرّت علينا خلال السنوات الأخيرة كانت لنا فيها عبرة وعظة ولكننا نأبى أن نتعلم من هذه الدروس، كل هذه الفوضى هدفها أن يأتي يوم وبسبب تفكك الوحدة الخليجية نكون في حاجة لمساعدة العدو الذي لا ولن يكون لنا عونا في يوم ما بلا مقابل، وها نحن اليوم والبعض منا يدفع الثمن غاليا ليبقى صامدا، فما خسرناه لابد أن يتوقف إلى هذا الحد وكفى.. وننظر إلى المستقبل ونعيد النظر في حاجة أوطاننا وشعوبنا قبل كراسي العرش والحكم والتي سندفع لأجلها ثمنا غاليا.