طالب المقبالي
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" صدق الله العظيم.
وَرَد في الآية الكريمة ذِكر "الفاسقين"، ولهذه الآية قِصَّة كباقي الآيات الكريمة التي نزلتْ على الرَّسول -عليه الصلاة والسلام- وهذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط في حادثة مُعينة، ولا تعنينا الكلمة، ولا يعنينا الحدث الذي نزلت فيه الآية الكريمة، ولكن يعنينا قياس المعنى من قوله تعالى: "فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ"، والقياس هنا "فَتَثَبَّتُوا" قبل الحُكم على الشيء.
وعالمُنا الآن وَجَدت فيه الشائعات واللغط في حقوق الآخرين بيئة خصبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ونقل الشائعات قبل التثبُّت من الشيء. وبات من الطبيعي أنْ توجه الانتقادات وتُكال الشتائم للمؤسسات التي تقدم خدمات معينة للناس كافة، من مواطنين ومقيمين، والشركة العمانية للاتصالات "عمانتل" واحدة من المؤسسات الخدمية التي تقدم خدمات الاتصالات بشتى أنواعها للمواطن والمقيم في السلطنة، إلى جانب الشركات الأخرى، ومن الطبيعي أن تجد النقد والثناء في آن واحد.
وقد أتاحت هيئة تنظيم الاتصالات المجال للشركات للتنافس فيما بينها لتقديم خدمات أفضل للمستفيدين كل وفق الإمكانيات المتاحة، وبالطبع هناك من يأنس لهذه الشركة، ومنهم من يأنس لتلك، وكل شركة تسعى للربح مقابل تقديم خدمة جيدة للمشتركين.
لقد كتبتُ كثيراً وغرَّدت على "تويتر" كثيراً عن الشركة العمانية للاتصالات "عمانتل"؛ كوني أحد المشتركين فيها منذ العام 1978، فتارة أشكرها على الخدمات التي تقدمها، أو على خدمة معينة، أو على إجراء أو وسيلة اتبعتها لتسهيل التواصل مع المشتركين كما تسميهم الشركة، وتارة أنتقدها نقداً بناءً بهدف تجويد الخدمات، ومعالجة وضع معين، وبالفعل أجد تجاوباً وتفاعلاً مباشراً من المسؤولين في الشركة في كل مرة.
ففي شهر نوفمبر من العام 2017، كتبتُ مقالاً عنوانه "شكراً عمانتل" ونشرته جريدة "الرؤية"، وكانتْ مُقدِّمة المقال تقول: "ما إن نغرد عبر "تويتر" عن "عمانتل" من أجل المطالبة بتجويد خدماتها في البلاد، إلا ونجد الرد سريعاً؛ سواءً من خلال الحساب الجديد الذي أطلقته خدمةً لزبائنها باسم "اسأل عُمانتل"، أو بالاتصال المباشر من قبل المسؤولين في "عُمانتل"، والذين تهمهم جودة الخدمة المقدمة إلى المواطن والمقيم"، فمن هذا المقال يتبين أنه إذا توجَّب الشكر فإن الشكر واجب، ويقول نبينا الكريم -عليه أفضل الصلاة والتسليم- "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"، فشُكر الله مُرتبط بشكر الناس الذين سخرهم الله عز وجل لخدمتنا.
وما دَفَعني لكتابة هذا المقال ذلك العرض الذي تُقدِّمه الشركة للمشتركين لشراء هواتف جديدة مُنخفضة السعر، مقابل الاشتراك في إحدى باقاتها آجلة الدفع، بعقدٍ سنوي.
لقد قامتْ الشركة، مُؤخراً، باشتراط مرور ستة أشهر على الاشتراك في إحدى الباقات للحصول على الهاتف، فثارت الثائرة عليها، وكُنت أحد المنتقدين لها، خاصة وأنني مشترك في الهاتف الثابت المنزلي برقميْن، وبخطيْ إنترنت بلا حدود.
وقد تمَّ التواصل معي من قبل أحد المسؤولين الأفاضل، الذين أهنئ الشركة لوجود أمثالهم، مسؤولين على قدر عالٍ من الطيبة والأخلاق والذكاء والعقلية الناضجة التي يحق لعُمانتل أن تفخر وتُفاخر بوجود أمثالهم في هكذا موقع، كما أهنِّئ "عمانتل" لوجود بعض الموظفين في صالة الرستاق ممن يستحقون الثناء على أخلاقهم العالية، وعلى إتقانهم وإجادتهم للعمل، وحسن التعامل مع المشتركين.
الرجل تواصل معي، وأوضح الأسباب التي أدَّت لاتخاذ هذا الشرط؛ فخرجتُ بقناعة أنَّ قلة قليلة من المستهلكين بسوء تصرفاتهم واستغلالهم السيء لمثل هذه الامتيازات يحرمون الآخرين من بعض التسهيلات المقدمة، ليس من "عمانتل" وحدها، وإنما في شتى مناحي الحياة؛ وبالتالي فهي تجلب الضرر للآخرين، أتمنى أن يُفهم المعنى. ومن هنا، أقولها صراحة: "عذراً عُمانتل، فقد فهمناكم خطأ".
muqbali@gmail.com