اصنع من نفسك رُوحا يحبها الله

مروة بنت حسن البداعية

أنتَ جزءٌ من هذا العالم الكبير، المليء بالنجوم والمجرَّات، والعجائب والمعجزات، فلماذا تحتقرُ نفسك؟ لماذا تُعذبها؟ وقد قال عليٌّ بن أبي طالب: "وتحسب أنك جرمٌ صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر"!

أتغلبك الدنيا وأنت تردِّد الحمدلله، وآمين فجراً وعصرا؟ أييأس قلبك ويحزن والله يقول: "ادعوني أستجب لكم"؟ لم يخلُق الله لك هذه الروح لتعذبها، ولا لتكن رواية أسى وحزن تروى بعد موتك (لاتحزن )، همسها رسول الله لصاحبه، وقال له: "إن الله معنا"، لاتحزن على دنياك وأنت تعلم أن الله كافلها، أليس هذا جديراً بأن ترتاح؟!

يُولد ملايين من البشر يوميًّا ويموت مثلهم، وما هي حكايتهم؟ يولدون.. يعيشون.. ثم يموتون! دون أثر، دون أن يحركوا ساكناً، وفي المقابل هناك من يموت جسده ولا تموت روحه، تبقى ذكراه، ويبقى نجماً ساطعاً في سماء البشرية، وقد قيل:إذ ا لم تزِد على الدنيا، فلا تكُن زائداً عليها.. لذلك اصنع من نفسك روحاً يحبها الله وكن أملاً لكل من عرفك.

يبحثُ الكثيرون عن السعادة ولا يجدونها.. وفي الحقيقة، السعادة هي أن تمسح دمعة وتنفّس كربة وتشعل همة، السعادة أن تجعل من نفسك صديقة للفقراء والمساكين ومن خذلتهم الحياة، فما تزرع في صدور الآخرين من بذور حب واحترام..ستكبر تلك البذور يوماً وتغدو شجراً تستظل به..فزرعك اليوم، حصادك غداً.

سألني شخص في يوم من الأيام: من هو السعيد؟ فكرتُ قليلاً ثم قلت: من يملك المال، حاسبتُ نفسي كثيراً بعدما سمعت جوابه: الشخص الغني هو الذي يعيش في قلوب الناس، المال يفنى.

لا مكان في هذا العالم للضعيف، الذي ضيع نفسه واختار أن يكون نكرة، أن يكون على الهامش دائماً، الذي ينتظر من السماء أن تمطر عليه ذهباً وفضة، والذي يبكي على اللبن المسكوب ويطيل الوقوف على الأطلال.

الحياة تعطي وتأخذ، تُبكي وتفرح وكأنها تقول لك: لا تفرح كثيراً ولا تبكي كثيراً، إنما هي سويعات ستمضي بحلوها ومرها، لا تقف على عتباتها متكتفا بأيديك منتصباً متألماً، بل كن أنت المسابق إلى تغيير ذاتك وتبديل حالك، لتهزم الحياة وتنال ما تتمنى، كن أنت من يجذف في بحر الحياة، ولا تجعل الحياة تجذف بك لمكان لا عنوان له، كن في الحياة مثابراً وصابراً كصبر أيوب، ولتكن همتك في الثريا لا في الثرى، ولتكن متفائلاً بالخير دائماً.

ستعيشُ أياماً وشهوراً كلها معدودة؛ فلتجعلها مليئة بالإنسانية والعطاء، ولتكن من الذين مرُّوا وصابروا، الذين يقال عنهم مرُّوا، وهذا الأثر، ويستبشرون بقول ربهم: "ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون".

تعليق عبر الفيس بوك