الدروس الخصوصية (1-2)

طالب المقبالي

لَم أتعامل مع الدروس الخصوصية، ولم أجد نفسي مُضطراً لها طيلة فترة دراسة أولادي؛ فقد دَرَس أولادي دراسةً عاديةً، واجتازُوا جميعَ المراحل التعليمية ولله الحمد؛ وبالتالي لم أَجد حاجةً أو ضرورةً للكتابة في هذا المجال. إلا أنَّ هُنَاك مَطَالب لتسليط الضَّوء على هذا الموضوع، والذي اعتبره كثيرٌ من الناس قضيةً مُؤرِّقة تُثقل كاهل الأسرة، كما اعتبره البعض تجارةً رابحةً تُدرُّ أموالاً طائلة لمن يمارسون هذه الحرفة - على حدِّ وصف البعض.

لقد وصف أحد المفكرين -الذين استطلعتُ آراءهم- الدروس الخصوصية بالظاهرة التي تمنع التفكير؛ فحينما تواجِه صعوبةً في حل مسألة أو فهم فكرة، فلابد أن تَمْنح لنفسك بعضاً من الوقت بدلاً من التوجه لطلب حل سريع خصوصي، فهكذا تنمو مهارة التفكير.

ويقول أحد التربويين إنه ومع تطوُّر الامتحانات وصعوبتها، تكون الدروس الخصوصية أحيانا مفيدة وليست سيئة؛ لأنَّ المعلِّم لا يستطيع أن يعطي أسئلة ابتكارية داخل الحصة خلال مدة 40 دقيقة؛ فالمُعلِّم يعطي المادة ولا يستطيع أن يُشارك الطالب حلَّ الأسئلة. وكذلك الأنشطة الجديدة، لا يستطيع أن يُعطيها الطالب خاصة في المواد العلمية كالفيزياء والكيمياء والأحياء ومادة اللغة الإنجليزية، لما تحتويه من أسئلة ذهنية؛ لهذا يكون الطالب بحاجة إلى أن يتدرَّب على هذه المواد مع معلم خاص، وتكُون هذه الدروس ضرورية للصفوف 11 و12 دون غيرها؛ لأنَّ بها مواضيعَ صعبة؛ وبالتالي يكون الطالب بحاجة لتقوية نفسه فيها.

ويقول آخر إنَّ الدروس الخصوصية تستقطِع وقتاً من المذاكرة؛ مما يترتب عليه ترك بعض المواد دون أهمية.

فيما يعتبر البعض اللجوءَ لهذه الدروس هو ضعف في أداء المعلم في المقرر. وفي المقابل، هناك أحياناً إصرارٌ من ولي الأمر على أن يوفر لابنه الدروس الخصوصية، رغم عدم تقصير المعلم.

كما يعتبرها البعض للمباهاة؛ فالطالب لا يحتاج إليها؛ وبالتالي تستنزف وقته في النقل وترك واجباته، وعدم إعطاء بقية المواد حقها في المذاكرة، وأحيانا ما تكون المباهاة من طرف بعض الأمهات؛ حيث تقول: ابن جارتي يدرس دروسا خصوصية وابني ليس بأقل من ابن فلانة؛ وبالتالي يكون الضحية هو الأب أو ولي الأمر الذي يُنفق على الأسرة.

وهنا.. يتشتَّت فكر الطالب في فهمه للدروس؛ لاختلاف طريقة المعلم بالمدرسة في الشرح عن طريقة المعلم الخصوصي؛ مما يستدعي الأمر بقاء الطالب على الفكرة والطريقة التي اعتاد عليها في المدرسة؛ كون مكُوثِهِ في المدرسة أكثر من مكوثِهِ لدى المعلم الخصوصي، وفي أغلب أوقاته يكون مُتأقلِماً مع فكر معلمه، كما أنَّ هدف المعلم الخصوصي ربحي بحت.

ويذكُر أحدُ أولياء الأمور أنَّه مُضطر للاستعانة بالدروس الخصوصية لابنه، الذي يدرس في المرحلة النهائية؛ كونه غير مُتفرِّغ وغير موجود في البلد لمراجعة الدروس مع ابنه، كما أنَّ معلم المدرسة يُعطِي الدرس أو المعلومة لعدد لا يقل عن 30 طالبا؛ وبالتالي لا يُمكن لجميع الطلاب استقبال المعلومة بالوجه المطلوب، وفي هذه الحالة يكون الحل في الدروس الخصوصية، ولا ضرر ولا ضرار.

كما يقُول أحد الذين استطلعتُ آراءهم أيضاً: إن الدروس الخصوصية مفيدة للطلاب الذين يعانون من صعوبة في بعض المواد الدراسية، وإن كان المعلم جادًّا في تدريسه، فيستطيع الطالب تجاوز تلك الصعوبات، وربما يتفوق في تلك المواد.

ولنجاح الدروس الخصوصية، يجب أن تتوافر ثلاثة عوامل رئيسية؛ هي:

جدية المعلم، وشرحه المادة بشكل مبسط بهدف إيصال المعلومة للطالب، والتركيز على النقاط الصعبة التي لم يستطع فهمها خلال حصة الدراسة بالمدرسة، وكذلك رغبة الطالب الأكيدة وحبه في الحصول على الفائدة، ومصارحة المعلم بالنقاط التي يجد فيها صعوبة، كذلك ضرورة التنسيق والتعاون بين ولي الأمر والطالب مع المعلم، وتضافر الجهود للحصول على النتائج الإيجابية المرجوة.

وللمقال بقية في الجزء الثاني...،

الأكثر قراءة