علاج التشاؤم والهبوط الفكري والتشويش الذهني

د.محمود رمضان | الدوحة


توطئة:
مرحبا بكل المتفائلين.. أصحاب الذوق الرفيع وسمو الأخلاق والأعمال الجليلة والقلوب البيضاء الصافية الذين يحبون الحياة والأمل والتفاؤل والطموح النبيل والعلم والعمل والنقاء والود والعزم والصبر والمثابرة والقوة والإصرار والنجاح والمحبة والمودة والسلام.
ومن هذا المنطلق ليس للمتشائمين مكان ولا مكانة بين البشر الذين يملون حتى من رؤية صورهم في المرآة، ومن الضرورة سلامة القوي العقلية والمؤهلات النفسية لهم.
التشخيص:
ومرجع ذلك بسبب معاناة المتشائمين والتكوين المتراكم والعقل الباطن والذكريات غير الحميدة لهم من خلل نفسي عميق، فهذه كارثة تهدد أجيالا كاملة، ربما لمعاناة عتيقة ووسطى وحديثة وعصرية أو من ويلات ما مر عليهم من مآسي وإبتلاءات أزلية وحضارية.
 عاملان مهمان كان لهما أثرهما المباشر في معاناة المتشائمين ، أولهما : الإفراط في احتساء الأعشاب غير الصحية وهي بالغة الضرر، والثاني : سيرهم في حقب التاريخ بلا هدى ،ومنهم مَنْ ليْسَ لهُ حَظٌ مِن السعادةِ وتَعِسِ الفِكْرِ ، ولم يحظ بالفوز ولو بقسط ضئيل من المواعظ والعبر منذ أقدم العصور.
على أن سببا ثالثا واتجاها أساسيا يفرض نفسه - في ذات السياق- مؤداه أن المتشائمين وبالرغم من التطور المتلاحق للحضارات الإنسانية إلا أنهم مازالوا يعيشون في صورتهم الأولى.
وفي موازة هذا الاتجاه وجد اتجاه آخر تشكل معه في وقت واحد من قبل حركة التاريخ ، هو انه قد أصابت شظايا تلك الكوارث والصراعات النفسية المتشائمين بتشوهات نفسية، وفكرية.
ويظل الشد والجذب والصراع النفسي للمتشائمين بين ظهور الخلل النفسي لهم الذي يتمثل في التلميح والتنابذ واللمز والغمز ، وكل المرادفات اللغوية واللفظية للأفعال، والفعل الجامد والمتصرف والصحيح والمعتل والمجرد والمزيد واللازم والمتعدي والمعلوم والمجهول، وشخصنة النقد بوجه عام.
والأولي لمن يحمل في قلبه وفكره هذه الإنطباعات غير الطيبة، لأن معظمها يخرج من عقل أجوف وفراغ فكري وقصر نظر، وعلي مثل هؤلاء الاتجاه لمصحة نفسية ليخضع للعلاج، وهذا ليس عيبا أو انتقاصا من أي متشائم أصيب بهذا الوسواس، بل واجب عليه ليحمي نفسه طبيا في المقام الأول ، ويكفينا هبوط مستوى وقدر ما قد يطرحه بشكل عام من أفكار واهنة ،واهية، ناتجة عن نفس بائسة ،تعسة وتعيسة وواهنة، ومنهج مشوش ملتبس.
انطباعات :
إن الناس لم تدرك بالممارسة واليقين حقيقة ان الإختلاف في الأراء بين البشر هو من السنن الكونية تماما مثل تعاقب الليل والنهار ولكن التشويش الذهني والهبوط الفكري وبعدهما عن الإتزان والواقعية وعدم تحصيل العلم هو ما يبقي الناس في حبس صورهم الذهنية عن فترات زمنية بعينها.

برامج جديدة:
ويبدو جليا ان ثمة برامج جديدة لمقاومة ما يسمى بالهبوط الفكري، والتشويش الذهني، والتباس المعنى، والهذيان والخلط في المصطلحات والمفاهيم ومضامين العلوم الطبيعية والإنسانية.
تتلخص البرامج العلاجية الفكرية المبتكرة في عدة عوامل جوهرية هي : القراءة والعلم والتحصيل الجيد الهادف ومعرفة الأصول والمنهجية العلمية وعدم التحيز والأخذ عن العلماء ومجالستهم وقراءة التاريخ والمواعظ والإعتبار وفهم تاريخ الخطط والعمران ودراسة علم الآثار واللغة وعلم تاريخ الأفكار.
العلاج:
وفي العمق ، إن العلاج بإنتاج الأفكار الجديدة البناءة، ومقاومة عدم رجاحة العقل وتذبذب استقراره أو عدم وضوح الطرح الفكري، وضرورة التمسك بالنسق العقلاني في معالجة القضايا الفكرية والثقافية وثبات اليقين العلمي المهم.

خاتمة:
يبدو جليا من خلال الأمل والتفاؤل والعلم والعمل ونقاء القلوب المحبة للحياة والسلام بعيدا عن التشاؤم ومنهج أصحابه والأخذ بكل القواعد العلمية والمنهجية في دراسة وتحليل كافة عناصر العلوم والفنون ، وما استجد من نظريات علمية جديدة في البحث والدراسة في الحضارات الإنسانية ، مع الاحتفاظ بروح الأصالة ومنهجية البحث وقمة التألق الفكري واللغوي والمعماري والتخطيط والتطوير العمراني وقبول مفردات النقد البناء والأفكار الجديدة المتزنة الثابتة والعميقة دون ترك أي فرع من فروع العلوم بدعوى ما يسمى الحداثة والمعاصرة والحداثة وما بعد الحداثة والحداثة الجديدة في حركة الفنون والعلوم بوجه عام.
 ونتيجة لذلك سنحصل على عقول متزنة غير مشوشة فكريا تقبل النقد البناء، وتعتمد على التحليل والاستدلال للوصول للحقيقة، وفق منهج علمي يأخذ بالأصول والموضوعية والقواعد العلمية السليمة أيضا.

الأمل باق .. الأمل باق .. الأمل باق.

تعليق عبر الفيس بوك