تهيئة ظروف السلام في سوريا

 

شهدتْ القِمَّة الرُّباعية التي احتضنتها مدينة إسطنبول التركية، تأكيدَ الأطراف المشاركة على الحاجة لوقف دائم لإطلاق النار، ومُوَاصلة قتال المتشددين، فَضْلا عن الدعوة لتشكيل لجنة لصياغة الدستور السوري على أن تجتمع بحلول نهاية العام.

وفيما يبدُو أنَّه خارطة طريق، أَسْهَمت في رسم ملامحها تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، إلا أنَّه من الغريب جدا أن لا تحضر الأطراف السورية -سواء الحكومة أو المعارضة- هذه القمَّة، على الرغم من الأهداف الإيجابية التي تمَّ الإعلان عنها، وعلى الرغم من مشاركة روسيا الحليف الرئيسي لدمشق، لكنْ ينبغي رفض مثل هذه المحاولات التي تبدو وكأنها عملية وصاية على الشعب السوري؛ فالأولى أن يُقرِّر الشعب السوري أولا أي خارطة طريق يُريد المضي وِفْقَها، وأي المطالب ينبغي أن يَدْعَمها المجتمع الدولي، لا أن تَرتَهن الإرادات السورية في يدِ مجموعة من الدول التي شابتْ مواقفها من الأزمة السورية الكثير من التناقضات، بل إنَّ بعض هذه الدول مُلطَّخة يداها بدماء السوريين الأبرياء، والبعض تراجع أميالًا بعدما فتح أراضيه لاستقبال الفارين من جحيم الحرب في سوريا، بل إنَّ دولا طرحت أفكارًا لإعادة اللاجئين إلى سوريا رغما عنهم، وليس طَوَاعية. لكن ربما يكون أمرًا إيجابيًّا أن يتضمن البيان الختامي المشترك لهذا الاجتماع، التأكيدَ على أهمية تهيئة الظروف في أنحاء سوريا "لعودة آمنة وطوعية للاجئين".

الملف السوري شهد الكثير من التجاذبات والمفاوضات خلال المرحلة الأخيرة، بالتوازي مع اتساع سيطرة القوات الحكومية على الأراضي السورية واستردادها من أيدي المقاتلين المتطرفين؛ مما عزز فرص عودة الاستقرار في البلاد، تمهيدا للبدء في عملية إعادة الإعمار.

... إنَّ التحدي الرئيسي أمام الحكومة السورية وحلفائها يتمثل في إمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد، وليس فقط مناطق خفض التصعيد، أو حتى المناطق التي يؤمل أن تكون منزوعة السلاح؛ إذ يتعيَّن أن تكون سوريا كلها مناطق منزوعة السلاح، وهذا لن يتم إلا عندما تتوقف الدول من داخل الإقليم وخارجه عن وقف إمداد المسلحين بالسلاح والعتاد.

تعليق عبر الفيس بوك