تحت عنوان "البناء الفكري لشخصية الفرد"

حضور جماهيري كبير في الجلسة الحوارية لسماحة المفتي بجامعة السلطان قابوس

...
...
...

 

< الشيخ الخليلي: المسلم ينظر بعين الله سبحانه فيقيس كل شيء بمقياس الحق ويزنه بالقسط

< يجب على الإنسان ألا يُقوقع نفسه ويحبسها في محيط ضيق ولا يكون بعيدا عما يحدث

 

مسقط - الرؤية

شهدتْ القاعة الكُبرى لمركز جامعة السلطان قابوس الثقافي حضورًا جماهيريًّا كبيرًا في الجلسة الحوارية الفكرية "البناء الفكري لشخصية الفرد"، والتي قدَّمها سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، كما أدار المحاضرة الشيخ الدكتور سيف بن سالم الهادي.

يأتي تنظيم هذه الجلسة بالتعاون بين دائرة الإرشاد والتوجيه الديني بعمادة شؤون الطلاب ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم.

وقد بدأتْ الجلسة بسؤال الشيخ الدكتور سيف الهادي لسماحته عن موقع البناء الفكري في شخصية الفرد المسلم مقارنة بالبناء العاطفي والروحي. هل هما بناءان مُختلفان؟ وأجاب سماحة الشيخ: لا ريب أن الفكر إنما هو تأطير لما يجب أن يكون عليه الإنسان في حياة ثابتة. والإنسان كما هو معلوم لا يمكن أن يتخلى عن المشاعر والأحاسيس لأنها جزء منه، ولكن يجب أن تكون هذه المشاعر والأحاسيس مقودة للفكر لا أن تكون قائدة للفكر؛ فالإنسان المسلم ينظر بعين الله سبحانه وتعالى، فيقيس كل شيء بمقياس الحق، ويزنه بموازين القسط، ويعطي كل شيء حقه، فيجب على الإنسان أن يؤطر هذه الأحاسيس والمشاعر بإطار الفكر، وهذا ما سار عليه السلف الصالح، عندما يكون فكر الإنسان مستلهمًا من المنابع الصافية الرقراقة من كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه، واستخدام العقل.

وذكر مدير الجلسة أنَّ البعضَ يتعامل مع الإسلام على أنَّه الدين الذي ورثه من آبائه، دون أن تكون لديه فكرة عن طريقته الفكرية في بناء الشخصية الإنسانية، وفي تحليل المواقف السياسية والاجتماعية، وسأل سماحته: ما الفكر الإسلامي الذي نبني عليه شخصياتنا ونؤطر عليه سلوكنا وأخلاقنا ونربي به أبناءنا؟ وأجاب سماحته: إنَّ الفكر الإسلامي الصحيح قائم على أن الإنسان عبد لله سبحانه وتعالى، وأن الله عز وجل وحده السلطان المطلق في هذا الكون كله. ولا ريب أن الإسلام مبني على الفطرة الصحيحة التي فطر الله الناس عليها، ودلل كلامه بآيات قرآنية. مضيفًا في الصدد ذاته بأن الفكر الذي يجب أن نصوغ بمقتضاه حياتنا، وأن نربي عليه أولادنا وأن نوجه إليه الإنسانية كلها، هو أن تكون العبودية لله سبحانه وتعالى.

وبعدها، تحدث الدكتور سيف الهادي عن الفكر الإسلامي، وضرورة أن يفهمه الشباب جيدًا، وأكد أن كل فكر قابل للنقد؛ إذ النقد يوجه إلى طبيعة الفهم أو إلى منهجية التعامل مع النصوص، وفي عالم اليوم شخصية المسلم تواجه مؤثرات فكرية وتتأثر بالمتغيرات السياسية والاجتماعية، ومع قلة القراءة يصبح الإنسان متذبذبًا فكريًّا. فهل في الفكر الإسلامي نفسه ما يمكن أن يكون من قبيل المتغيرات التي يُسمح فيها للمسلم بأن يعيد النظر فيها في بعض مقوماته وركائزه؟ ورد سماحته: أن الفكر الأساسي من عند الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يمتد فيه النقد، فيجب علينا أن نسلم فيه تسليمًا. حتى الأوامر في القضايا الفرعية ما يأتينا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ليس لنا فيها خيار. وأصل الفكر مستقَى من النصوص القاطعة التي هي قطعية الثبوت والدلالة التي لا شك في ثبوتها مثل القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك طرح الدكتور سيف الهادي أسئلة الحضور من الأكاديميين والطلاب والموظفين وغيرهم، وقال: مع الأطروحات العلمية والإعلامية تتشكل للفرد أسئلة حائرة: هل أظل محافظًا وهذا هو الأسلم لديني؟ أم أتفاعل وذلك قد يعرض البناء الفكري للاهتزاز؟ ولكن إن كنت محافظًا سأكون معزولًا عن العالم وبعيدًا عن المعرفة التي أستعين بها في فهم التعقيدات. هل يستطيع الشاب والشابة المسلمة أن يكونوا مع هذا النسق دون اختلال الدين؟ وقال سماحته ردًّا عن هذا السؤال: بالنسبة للانفتاح على المعارف والمعلومات فيجب على الإنسان ألا يقوقع نفسه ويحبسها في محيط ضيق، وألا يكون بعيدا عن كل ما يحدث؛ فالإسلام ربَّى أبناءه على الانفتاح، فيجب على الإنسان أن يعرف ما يدور حوله ويدركه جيدا، ولكن يجب عليه أن يفرِّق بين الزائف والصحيح. فلا يتقبَّل أي شيء ولا يستفزُّه كل عائق. ثم تطرَّق الدكتور الهادي إلى النظريات، وأشار إلى أنَّ بعض المنصات المنتشرة المؤثرة في بناء فكر الإسلام، وبعض الذين يؤطرون الفكر الإسلامي تأثروا بها، وسأل سماحته: ماذا يقول في نظرية التطور التي تعرف بالدارونية؟ وأجاب سماحته بأن الإنسان لا يمكن أن يكون حيوانًا، وكذلك الحيوان لا يمكن أن يكون إنسانًا، وأنَّ البكتيريا ووحيد الخلية والجراثيم موجودة منذ نشأة الكون ولم تتحول إلى الآن، وجميع هؤلاء يشتركون في تسبيح الله وعبادته. وأسهب سماحته في الحديث عن هذه النظرية، ودلل على أقواله بآيات قرآنية ومواقف حدثت له حول هذا الموضوع، وكذلك بعض الأدلة العلمية.

تعليق عبر الفيس بوك