كفانا اجتماعات وانزلوا للملاعب والميادين

 

أحمد السلماني

أرسلت إحدى المؤسسات الرياضية العملاقة لدينا خبرًا للنشر مفاده أنَّ أحد الاتحادات الرياضية اجتمع وقد أقر...وأقر...وقرر...وسوف...وغيرها من القرارات والدراسات ولجان التقييم واللازم منه، ويكفي أن استقطع فقرة صغيرة من المنشور فقط للاستدلال إلى أي مدى نحن بارعون في التنظير وعقد الاجتماعات والخروج بتوصيات لا تسمن ولا تغني من جوع حتى أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي طبع به الخبر حيث اقتبسه للقارئ كما جاء"استعراض ومناقشة محضر اجتماع اللجنة الفنية المنعقد الشهر الماضي واعتماد توصيات اللجنة حول الاتفاق نحو وجود معايير رقمية وفنية تضبط آلية الانضمام لقائمة المُنتخبات الوطنية بما يخدم تحقيق الأهداف المرجوة واعتماد جدول المعايير الفنية والرقمية المرفقة بالمحضر لجميع منتخبات الفئات العمرية." انتهى الاقتباس.

قرأت هذه الفقرة وتذكرت "لجنة التقييم والمُتابعة" التي انبثقت من اللجنة الأولمبية العمانية لتقييم وإجازة المنتخبات التي شاركت في بطولة الألعاب الآسيوية بجاكرتا، طبعاً تصدر خبر اجتماع هذا الاتحاد الصفحات الرياضية بالصحف المحلية ووسائل الإعلام الأخرى، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي والأجمل كانت صورة الخبر، تأملتها كثيرًا ودخلت في نوبة ضحك أثارت فضول أحد الزملاء ممن أراحوا أنفسهم من الرياضة وهمومها، هنا تطلب الأمر أن أشرح له فقط تعابير الصورة فكان مما قلت له"الصورة بانورامية لاجتماع هام لأحد الاتحادات الرياضية وهؤلاء الثمانية أعضاء مجلس إدارته لا أعرف أي واحد منهم رغم أنني محسوب على الإعلام الرياضي منذ ما يقارب العقد من الزمان، موجودون لدواعٍ إعلامية بحتة "صورة وبس"، في كل اجتماع لهم مُكافأة، غالبيتهم من الموظفين بوزارة الشؤون الرياضية والوزارات والمؤسسات الأخرى، عددهم أكبر من عدد لاعبي منتخب تلك الرياضة، حقائبهم جاهزة للسفر خلف مشاركات المنتخبات، غالبيتهم سبق لهم وأن كانوا في اتحاد رياضة أخرى ولما انتهت الدورة انتقلوا إلى هذا الاتحاد وكلهم يسبحون في ذات الفلك، وبعضهم موجودون في لجان باتحادات أخرى وهكذا دواليك، أما ذلك المترئس لطاولة الاجتماع فهو رئيس اتحاد اللعبة ورئيس الاتحاد العربي لتلك اللعبة وعضو تنفيذي في الاتحاد الدولي لهذه الرياضة وأمين سر مؤسسة رياضية كبرى لدينا و... و...، يعني بالدارج "يكرف كرف وزين يحصل فرصة حتى يوكل روقه" ، وللعلم فيمكنك أن تستنسخ مثل هذه الصورة في أغلب الاتحادات واللجان الرياضية بالسلطنة لتدرك يقينًا حجم الترهل والفوضى بالرياضة العمانية ناهيك عن أنَّ الموارد المالية والدعم المقدم لمثل هذه الاتحادات يذهب جله في مثل هكذا دورات عمل مترهلة وبالية ولا ينفق على الرياضة والرياضيين إلا الفتات فقط لأنَّ الأنظمة والقوانين التي تم تكييفها لمثل هذه الأغراض تبيح لهم فعل ذلك للأسف وكله قانوني وموثق.

زميلي كان في غاية الدهشة، الحقيقة أنَّه ومثله كثيرين لا يدركون حجم المعاناة التي تُعاني منها الرياضة العمانية ومن المحسوبين عليها، وأن أقصى ما تنتجه إنما هو مجرد اجتماعات في المكاتب وثرثرة تنشر في وسائل الإعلام لتخدير الوسط الرياضي وقبله مؤسسات الدولة ذات العلاقة، أما الملاعب والميادين فهم لا يعرفون حتى أين مكانها ومواقعها.

دعوة للإعلام الرياضي المسؤول بضرورة التجرد وتحري الأخبار رأفة بالمتلقي ودعوة للقائمين على الاتحادات واللجان الرياضية أن يوجهوا الأموال والمقدرات للملاعب وللرياضيين ودعوة للمؤسسات الرياضية الرسمية أن تنظر بعين الرقيب لما يحدث فلسان حالنا يقول مثلما قال الشاعر المصري هشام الجخ" سقينا الذل أوعية..سقينا الجهل أدعية .. مللنا السقي والساقي".