بتنظيم من "الإحصاء والمعلومات" بالتعاون مع "تقنية المعلومات"

الندوة الوطنية للبيانات المفتوحة تبرز أهمية الإحصاءات في صناعة القرار وإعادة هيكلة القطاعات

...
...
...
...

 

 

◄ البرواني: الندوة تهدف لفتح حوار بين القطاعين العام والخاص للتوسع في انفتاح البيانات

◄ السلطنة ملتزمة بمبدأ الشفافية وفقاً للاتفاقيات الدولية

◄ تعاظم القيمة الاقتصادية للبيانات المفتوحة يدعم جهود نشرها في المجتمع

◄ 5 تريليونات دولار القيمة الاقتصادية للبيانات المفتوحة عالميًا

◄ الرزيقي: السلطنة تحرز تقدما كبيرا في مجال إتاحة البيانات في إطار دعم الاقتصاد الرقمي

 

 

الرؤية- أحمد الجهو ري

 

 

رعى صاحب السُّمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، أمس، انطلاق أعمال الندوة الوطنية للبيانات المفتوحة، والتي ينظمها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بالتَّعاون مع هيئة تقنية المعلومات وتستمر حتى غد الأربعاء، بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمهتمين بموضوع البيانات المفتوحة.

وألقى سعادة الدكتور خليفة بن عبدالله البرواني الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات كلمة المركز، رحَّب فيها بالحضور في هذا التجمع العلمي حول البيانات المفتوحة، وقال إنه يهدف إلى تسليط الضوء على البيانات المفتوحة من حيث المفهو م والأهمية والاستخدامات والانعكاسات على ترتيب السلطنة في منظومة المؤشرات الدولية، إضافة إلى التعرف على بعض التطبيقات الناجحة في مجال البيانات المفتوحة.

 

 

وأكد سعادته أنَّ الندوة تسعى لفتح نافذة للحوار بين القطاعين العام والخاص للتوسع في مجال انفتاح البيانات، مبيناً أن عملية الانفتاح على الجمهور ليست دائماً سهلة، وقد تتطلب التخلي عن بعض الممارسات التي أصبحت مألوفة في نشر البيانات واستبدالها بأخرى أكثر تعزيزاً لمبدأي الإتاحة والانفتاح.

 

مبدأ الشفافية

وأوضح البرواني كذلك أن الشفافية في عرض البيانات تجعلنا جميعًا نشعر بالارتياح وتقدم الخدمات بصورة أفضل، مبيناً أن إتاحة البيانات تُعد من العناصر الأساسية لاكتساب ثقة المواطنين، خاصة عندما تكون الحكومة مصدراً لهذه البيانات. وأضاف سعادة الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن عالم اليوم يشهد كمًّا واسعًا ومتنوعًا من البيانات يجمع يومياً لمختلف الأغراض سواء من قِبَل مؤسسات القطاع العام أو القطاع الخاص أو الأفراد. وأشار إلى أنَّ هذه البيانات تمثل ثروة هائلة فيما إذا أحسن استخدامها والانتفاع منها، ولاسيما بيانات القطاع الحكومي، والذي يعد المصدر الأساسي للإحصاءات الرسمية، نظرًا لكمية البيانات التي يتم جمعها وعلاوة على أهميتها المركزية. وتابع البرواني قائلاً إن الكثير من هذه البيانات يتم جمعها في إطار تسيير المهام المناطة بمختلف الجهات، دون أن يقصد بها إصدار مؤشرات أو إحصاءات، وهذه البيانات عند فتحها وإتاحتها إلكترونيا يمكن استخدامها بطريقة مبتكرة من قبل الحكومة والأفراد، من أجل إيجاد أدوات مفيدة لدعم وتطوير الأعمال وتسهيل الخدمات العامة، وإعادة هيكلة الإجراءات الإدارية، كما ستساند المجتمع أفرادا ومؤسسات في اختيار القرارات المناسبة لظروفهم وأوضاعهم.

وبيَّن سعادته أن أحد أبرز الأسباب التي تستدعي أن يكون الكثير من هذه البيانات مفتوحا هو الشفافية، والتي تعني الوصول بحرية إلى البيانات والمعلومات أو مشاركة تلك المعلومات مع الآخرين، مضيفاً أن جميع الدول التزمت بمبدأ الشفافية وهو المبدأ الثالث من مبادئ الإحصاءات الرسمية التي اعتمدتها اللجنة الإحصائية بالأمم المتحدة عام 1994، وأعادت تأكيدها عام 2013، وأقرتها الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة بموجب القرار 21/2013.

وأوضح سعادته أهمية إطلاق القيمة الاجتماعية والتجارية للبيانات، خاصة في العصر الرقمي، لا سيما وأن العالم يشهد ثورة صناعية رابعة، وهو ما يعد سببا ثانيا أساسيا لجعل البيانات مفتوحة؛ حيث تمثل هذه البيانات موردًا رئيسيًا للأنشطة الاجتماعية والتجارية. وزاد سعادة الدكتور خليفة البرواني قائلاً إن الدراسات أثبتت تعاظم القيمة الاقتصادية للبيانات المفتوحة، فقد أشارت دارسة سوق البيانات الأوربية الصادرة في مايو2017، إلى أنَّ إمكانية التدفق الحُر للبيانات سيعزز النمو الاقتصادي في جميع أنحاء أوروبا، وأن من المتوقع أن تصل قيمة اقتصاد البيانات في الاتحاد الأوروبي إلى 739 مليار يورو بحلول عام 2020؛ منها 325 مليار يورو القيمة الاقتصادية المباشرة للبيانات المفتوحة. وأوضح أنَّه من المتوقع أن يوفر قطاع البيانات المفتوحة حول العالم 100 ألف فرصة عمل بحلول عام 2020 بزيادة في حدود 7% عن عام 2016، وسيبلغ حجم التوفير في تكاليف القطاع العام جراء انفتاح البيانات حوالي 1.7 مليار يورو خلال هذه الفترة.

ولفت الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أنَّه وفقًا للتقرير الذي نشرته مؤسسة "ماكينزي" عن البيانات المفتوحة وتأثيرها على الاقتصاد، فقد قدرت القيمة الاقتصادية التقديرية العالمية لهذه البيانات بين 3 إلى 5 تريليونات دولار أمريكي؛ حيث حللت الدراسة سبعة قطاعات: شملت التعليم والنقل ومنتجات العملاء والكهرباء، والنفط والغاز وتمويل المستهلك، كما تظهر الدراسة أنَّ أكثر القطاعات المستفيدة من البيانات المفتوحة هما قطاعا التعليم والنقل.

وانتقل البرواني بعد ذلك للحديث عن برنامج الندوة، وقال إن اليوم الأول مخصص للتعرف على البيانات المفتوحة وأهميتها واستخداماتها، فيما يتضمن اليوم الثاني عقد حلقات عمل بين مؤسسات القطاعين العام والخاص، بهدف تأسيس حوار حول مجالات هذه البيانات، في حين أن اليوم الأخير سيتم تخصيصه لاستعراض نتائج حلقات العمل وتوصيات الندوة.

إلى ذلك، تم عرض فيلم قصير عن البيانات المفتوحة؛ حيث سلط الضوء على الأهمية التي تمثلها البيانات المفتوحة في الحياة اليومية، والفائدة التي ستعود على الجميع من إتاحة هذه البيانات في قوالب يسهل استخدامها ومعالجتها.

تقديم أفضل الخدمات

من جانبه، قال الدكتور سالم بن سلطان الرزيقي الرئيس التنفيذي لهيئة تقنية المعلومات إن البيانات المفتوحة تعد أساسًا لتقديم أفضل الخدمات وأنَّ الكثير من القرارات التي يتم اتخاذها تعتمد من خلال البيانات الموجودة لتلك المؤسسات سواء كانت في القطاع العام أو الخاص وبالتالي تكون هذه القرارات متخذة بطريقة واضحة من خلال هذه البيانات. وأضاف أنَّ أهمية هذه البيانات تتمثل في الربط بين المؤسسات الحكومية والمشاركة في البيانات وتقديم خدمات متاحة للجميع وتساعد في تطوير الكثير من الأنظمة والبرمجيات، مشيرًا إلى أنَّ هناك أكثر من 1000 مؤسسة حكومية مرتبطة بالشبكة الحكومية إضافة إلى حوالي 30 مؤسسة حكومية بدأت في عملية تكامل البيانات فيما بينها. وأكد الرزيقي أن السلطنة تقدمت تقدمًا كبيرًا في مجال إتاحة البيانات من خلال المبادرة التي أطلقتها الهيئة في عام 2013، موضحًا أن إتاحة هذه البيانات للجميع يساعد على الابتكار والإبداع والاقتصاد الرقمي وإيجاد شركات ومنتجات عمانية جديدة.

أما آرثر ميكوليت المحلل الرئيسي للبحوث في مجموعة "جارتنر لبحوث واستشارات الرؤساء التنفيذيين للمعلومات"، فقال في كلمة له بالندوة إن البيانات المفتوحة توفر مستوى أعلى من الشفافية وترفع من ثقة المواطنين وتحسن من مستوى الخدمات العامة وتساعد على وضع سياسات أكثر فاعلية، مشيرًا إلى جهود العديد من الحكومات لجني الآثار الملموسة المتعلقة بهذه القطاعات وتقديم التقارير اللازمة بشأنها.

وقدم الدكتور أحمد بن سالم الحوسني الرئيس التنفيذي لشركة تكوين للتكنولوجيا عرضًا مرئياً بعنوان "البيانات المفتوحة في السلطنة بين الواقع والطموح"، أشار خلاله إلى أن هذه المعلومات التي تصدرها الإدارات العامة وهيئات القطاع العام تعد بمثابة مورد رئيسي لمجتمع المعرفة وأحد الدوافع الرئيسية نحو التقدم التجاري والنمو الاقتصادي.

جلسات الندوة

وتضمنت الندوة في يومها الأول أربع جلسات، وأدار الجلسة الأولى المهندس محمد بن حمد المسكري مدير شركة خط المعلومات (انفولاين)، وشهدت تقديم روزا فاسيلفا مستشارة بيانات مفتوحة في البنك الدولي والباحثة في جامعة نوتينجهام بالمملكة المتحدة ورقة عمل بعنوان "مفهوم وفوائد البيانات المفتوحة"، تطرقت خلالها إلى تعريف البيانات المفتوحة، مبرزة فوائدها للحكومات ولمؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني.

بعد ذلك، قدم ريتشارد ستريلنج المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة أكسفورد انسايتس ورقة عمل بعنوان "البيانات المفتوحة في التقارير الدولية"، سلطت الضوء على المناقشات والرؤى المُستمدة من المؤتمر الدولي للبيانات المفتوحة الذي عقد في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس سبتمبر المنصرم.

وانطلقت الجلسة الثانية بعنوان "تجارب وخبرات في البيانات المفتوحة"، وأدارها الدكتور أحمد بن محمد القاسمي مدير عام التخطيط والإحصاء بوزارة الصحة، وشهدت تقديم 4 أوراق عمل، وجاءت الورقة الأولى بعنوان "البيانات المفتوحة في القطاع الصحي"، وقدمها عبدالله بن حمود الرقادي مدير عام تقنية المعلومات بوزارة الصحة، وتناولت قيمة البيانات المفتوحة الصحية بالقطاع الصحي وإنعكاساتها الاقتصادية، علاوة على إبراز التحديات والحواجز التي تحول دون نشر البيانات الصحية، واقتراح الحلول والتطلعات المستقبلية للبيانات المفتوحة بالقطاع الصحي لتحسين مستوى الرعاية الصحية.

فيما قدمت فينسنت جونزاليس مدير مشروع في شركة بورتك برشلونة المشغلة لنظام ربط الموانئ في برشلونة ورقة العمل الثانية بعنوان "البيانات المفتوحة في قطاع النقل واللوجستيات"، وتناولت نظام وحدة الموانئ "PCS"، والذي يقدم خدمات المعلومات اللوجستية في أكبر موانئ العالم.

وقدمت بتول نفيد عبيد الخبيرة في الإحصاء الاجتماعي بالمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ورقة العمل الثالثة بعنوان "البيانات المفتوحة في قطاع العمل"، سلطت الضوء فيها على كيفية تفاعل مكاتب الإحصاء الوطنية في المنطقة للحفاظ على دورها في صناعة المعلومات.

فيما تناولت ورقة العمل "البيانات المفتوحة في قطاع المناخ" والتي طرحها ماثيوراجيندرا المبتكر التكنولوجي المعروف باستخدام التفكير الإبداعي، التعريف التقليدي للصناعات الخطية، وأوضح العلاقة بين الاستدامة وأجندة البيانات المفتوحة، وهي ما يُعرف بالبيانات المفتوحة الخضراء، والتي تركز على أن مراكز البيانات هي المستودع الرئيسي لتخزين البيانات المفتوحة ومعالجتها في المراكز العشرة الأولى من أكثر الصناعات التي تهدد المناخ.

وفي الجلسة الثالثة التي جاءت بعنوان "السياسات والأطر والقوانين المنظمة للبيانات المفتوحة"، وأدارها المهندس بدر بن علي الصالحي مدير عام المركز الوطني للسلامة المعلوماتية بهيئة تقنية المعلومات، فقد شهدت طرح ورقتي عمل؛ حملت الأولى عنوان "دليل قياس ميثاق البيانات المفتوحة"، وقدمتها ناتاليا كارفي والتي شغلت منصب مدير الحكومة المفتوحة لوكيل وزارة الابتكار العام والحكومة المفتوحة في الأرجنتين. وقالت كارفي إن ميثاق البيانات المفتوحة الذي تم وضعه في عام 2015 يتمحور حول 6 مبادئ عالمية لكيفية انفتاح وإتاحة البيانات والمعلومات الرسمية، ومنذ ذلك الحين، انضم أكثر من 90 حكومة ومؤسسة لهذا التحرك. وأوضحت أن الميثاق يستهدف توظيف البيانات المفتوحة كعنصر مركزي للوصول لأفضل حلول للتحديات الأكثر إلحاحًا.

أما الورقة الأخيرة في الجلسة الثالثة فجاءت بعنوان "أحدث الاتجاهات والتأثيرات في البيانات المفتوحة"، وقدمها المستشار رياض بن عبدالعزيز البلوشي المحامي المتخصص في قانون الإنترنت والملكية الفكرية. وأوضح أن أحد الجوانب الرئيسية لأي مبادرة للبيانات المفتوحة هو الشرط القانوني لجعل البيانات متاحة بحرية للاستخدام من قبل الجمهور لأي غرض من الأغراض.

واختتمت فعاليات اليوم الأول للندوة الوطنية للبيانات المفتوحة بالجلسة الرابعة التي أدارها سليمان بن عبدالرحيم الزدجالي مدير عام تقنية المعلومات بالمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وشهدت طرح ورقتي عمل، وعُنونت الورقة الأولى "كيف يمكن أن تساعد البيانات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، وقدمها ديناند تينهو لت نائب رئيس "كابجيمني للاستشارات"، أوضح فيها أن حجم السوق المباشر للبيانات المفتوحة ضخم ويقدر بمئات المليارات من اليوروهات.

وتناولت الورقة الأخيرة باليوم الأول من الندوة "آفاق الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مبادرات البيانات المفتوحة"، وقدمها الدكتور خالد بن الصافي الحريبي رائد أعمال ويعمل في مجال تنفيذ الاستراتيجيات وتطوير الحلول المبتكرة للمؤسسات. وبين من خلال الورقة أنَّ البيانات تمثل البنية الأساسية للمستقبل، نظراً لتطور ونشوء الثورة الصناعية الرابعة وتأثيرها على كافة القطاعات.

تعليق عبر الفيس بوك