شهادات حيّة عن أنماط العيش القديم في مشروع "جمع التاريخ المروي"

 

مسقط - العمانية

صدر عن وزارة التراث والثقافة كتاب (مشروع جمع التاريخ المروي.. حياة البادية) إعداد الباحث علي بن محمد الريامي ويقع في 103 صفحات. وقد عملت وزارة التراث والثقافة منذ عام 2006م على تنفيذ برنامج لجمع التاريخ المروي العماني وفق جدول عمل يتناول مختلف محافظات السلطنة إدراكا منها لأهمية وشمولية التراث الثقافي غير المادي بكافة مجالاته وأبوابه بصفته الوعاء الذي حفظ للأمم والشعوب ثقافتها عبر التاريخ.

ودفعت الوزارة بـ 6 إصدارات جديدة في عام 2016 جمعت نتائج مشروع جمع التاريخ المروي في محافظة جنوب الباطنة (إصداران في كل محور) ضمت الفنون الشعبية والأدب الشعبي والمعتقد الشعبي في ولايات المصنعة، وبركاء، ونخل والرستاق. وكانت قد أصدرت قبل ذلك كتبا حول مشروع الحياة الاقتصادية والاجتماعية لولاية مسقط، ومشروع جمع التاريخ البحري لولاية صور، ومشروع جمع التاريخ المروي في ولايتي سمائل وقريات، وجمع التاريخ المروي لولاية نزوى.

وقال الريامي في مقدمة الكتاب إنّ "الروايات الشفوية تعد مادة مهمة وخصبة للتشكل التاريخي يغفل عنها الكثير من المهتمين بعلوم التاريخ والسكان وتوزيعهم لما تمتلكه من معلومات ذات أبعاد شتى وبلا شك فجمع التاريخ المروي لمفردات الحياة البدوية في محافظات (الوسطى وشمال الشرقية وجنوب الشرقية) من سلطنة عمان مهمة ليست باليسيرة لتتبع هذه الحياة ونمطها في زمن تحوّلت فيه الكثير من تلك المفردات التي تكاد تنمحي في خضم الحداثة الطاغية على الثقافة إضافة إلى أنّ استحضار مثل تلك الحياة من ذاكرة كبار السن عمل مرهق للجانبين الجامع والراوي على حد سواء".

وأكد أنّ "ترتيب الكتاب جاء حسب الموضوعات التي استقيت المعلومات عنها من واقع المقابلات الشخصية للرواة فجاءت على هيئة مقابلات منها ما يمس الحياة الاجتماعية للبدو ومن امثلتها هيئة البدوي من خلال لباسه التقليدي ومصادر تلك الأقمشة وأنواعها وزينة النساء والرجال وكذلك تطرقت إلى الترحال ودواعيه وموسمي الحضور والربوع والوضع المعيشي من ناحية الأكل والشرب والعناء والمشقة اللذين تكبدهما الإنسان في سبيل ذلك وطريقة بناء المسكن وعلى إثر ذلك تحاورت مع الرواة في تفاصيل أدق حول النار وما تمثله في حياة البدو وما يصاحبها من سمر، ثم عرجت على العادات والتقاليد التي أصّلت قيم الانتماء والأعراف التي تسود في مجتمع ما وتترسخ في عقل ووجدان أفراده فالكرم أهم صفات البدو ومراسم الزواج وما يصاحبها من فنون يسمى (الحضرة) في أعراف البدو وهي تعد نموذجا بارزا ومثالا يحتذى به لأصالة الماضي وعراقته ومفردة من مفردات الثقافة البدوية كما تطرّقت لعادات الزواج ومراسمه وما يكتنفه من طقوس بدوية مصاحبة .وأشار الكاتب إلى أن الحديث خلال بحثه ساقه إلى الممارسات والأنشطة السائدة في المجتمع البدوي وحللت عناصرها وفصلت شيئا ما عن طرق الرعي والاهتمام بالماشية كونها العمود الفقري للنشاط المعيشي عند أهل البادية، كما أشرت إلى القوافل التجارية والطرق التي تسلكها في بادية عمان وأهم السلع التي تتبادل بين المدن والصحراء كذلك الحرف التقليدية كالغزل والنسيج.

وأضاف أن الجانب التربوي والتعليمي والثقافي وما مثلته من خصوصية لمجتمع البادية وعكست بطبيعة الحال حياة البدوي وجزءاً هاما من الموروث الشعبي الذي يعد من المكونات الشخصية لمجتمع ما ويحمل هويته، ويتصل بكثير من رؤية الشعب لتاريخه وفكره الحضاري والاجتماعي بما يتضمنه من قيم أخلاقية تتصل بكل عناصر المجتمع.

وأكد الكاتب أنّ اللغة وعاء يحوي اللهجات المختلفة لمجتمع البادية بما فيها من الفروق البينية في النطق وتعاطي بعض المصطلحات إضافة إلى ما تشكله بعض اللغات البدوية كالحرسوسية من عمق وهوية تاريخية لتلك الجماعة من البدو، وما تختزله من مظاهر حضارتهم وإرثهم وطرق معيشتهم ورؤيتهم للحياة وفلسفتها، وكان للتعليم نصيب من حواراتي وما يعنيه للبدو فكتبت شيئا من الفنون المغناة والموروث الشعبي للشعر والقصة لديهم".

 

تعليق عبر الفيس بوك