ماكرون يرفعهم إلى رتبة فارس.. وزيتوني يحرمهم من العودة للوطن

التاريخ يحسم مصير "الحركيين"..أبطال في فرنسا وخونة في الجزائر

 

 

 

هيثم الغيتاوي - الوكالات

اليوم، احتفال مختلف بالعيد الوطني "للحركيين"، بفضل قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكريم "حركيين" جزائريين، وهم مقاتلون سابقون حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب تحرير الجزائر (1954 - 1962) . حيث رفّع ماكرون بموجب مرسوم نُشر في الجريدة الرسمية 6 حركيين سابقين إلى درجة جوقة الشرف برتبة فارس، أعلى رتبة تكريم تمنحها الدولة الفرنسية، كما تم ترفيع 4 أشخاص إلى درجة الاستحقاق الوطني برتبة ضابط، و15 آخرين إلى رتبة فارس، وغالبيتهم ممثلون لجمعيات أو هيئات.

وقد كانت الظروف التي رافقت وصول الحركيين إلى فرنسا صعبة جداً. فقد تم "تكديسهم" وعائلاتهم في مراكز مغلقة لإيواء اللاجئين بجنوب وشمال فرنسا، فعاشوا حتى السبعينات داخل تلك المراكز وترعرع فيها أولادهم ودرسوا في المراكز التي وصفت بأنها "سجون مفتوحة".
وبعد تولي جيسكار ديستان الحكم في 1974، قرر إغلاق هذه المراكز وإسكان الحركيين وعائلاتهم في شقق لائقة تقع غالبيتها في أحياء شعبية.
وخلال حملة الرئيس ماكرون الانتخابية في 2017، تعهد بالتكفل بشؤونهم وإعطائهم حقوقهم وإنصافهم. وعندما زار الجزائر في ديسمبر 2017، ناقش ملف الحركيين مع الحكومة الجزائرية ودعاها إلى أن تفتح لهم الأبواب لكي يعودوا إلى وطنهم الأم.
لكن طلب ماكرون قوبل بالرفض، إذ اعتبر وزير المجاهدين وقدماء المحاربين الطيب زيتوني أن "التاريخ حسم قدرهم.. لقد اختاروا موقعهم. الناس الذين خانوا وطنهم وإخوانهم لا يحق لهم أن يعودوا إلى وطننا". غير أن أولاد الحركي غير ممنوعين من العودة إلى الجزائر كما هو الحال بالنسبة إلى آبائهم، لكن الجزائريين ينظرون إليهم بنوع من الاحتقار والإساءة كونهم يمثلون فترة تاريخية صعبة بالنسبة لهم.

وكانت فرنسا استقبلت بعد حرب الجزائر نحو 60 ألف جزائري تم تجنيدهم في صفوف الجيش الفرنسي بعد توقيع اتفاق سلام مع الجزائر، إلا أنها تخلت عن 55 إلى75 ألفا آخرين بحسب المؤرخين تعرّضوا لعمليات انتقام دامية من قبل قوميين كانوا يعتبرونهم خونة.

وسبق وشكّل ماركون مجموعة عمل في يوليو الماضي بهدف إطلاق «صندوق للتعويض والتضامن» بقيمة 40 مليون يورو لهؤلاء المقاتلين السابقين وأبنائهم. لكن المبلغ يبقى أدنى من مطالب الجمعيات.
وقد دعا ممثلون عن الحركيين مطلع سبتمبر ماكرون إلى تعويض عن الأضرار التي تعرضوا لها في نهاية حرب الجزائر، وذكّروه بالدعم الذي قدموه له في العام 2017، مهددين برفع دعوى ضد الحكومة الفرنسية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وكانت بداية "الحركيين" في 1954 حين انطلقت حركة انتصار الحريات التي أسسها مصالي الحاج بعد الحرب العالمية الثانية والتي انبثق عنها جبهة التحرير الوطني، فكلمة الحركي كانت مشتقة من الحركة. ونظرا لمعارضة الحركة فيما بعد لجبهة التحرير الوطني بات اسم الحركي يطلق على كل الذين عارضوا جبهة التحرير الوطني . وشن الحركيون الحرب على "جبهة التحرير الوطني" التي كانت في نظرهم "جماعة إرهابية".

وخدم 150 ألف حركي في صفوف القوات الفرنسية، وبعد انتهاء الحرب جردوا من أسلحتهم وتُرك القسم الأكبر منهم في الجزائر في مواجهة مصيرهم.

ولا يزال يشكل مصير الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد ثورة التحرير في بلادهم نقطة خلاف بين الجزائر وفرنسا لحساسيتها التاريخية. ولم تعترف السلطات الفرنسية بحرب الجزائر إلا في عام 2000 إذ كانت تسمي الحرب، التي دامت 7 أعوام وذهب ضحيتها أكثر من مليون قتيل: "أحداث الجزائر"، وتصف مهمة جيشها وأجهزتها الأمنية في الجزائر من 1954 إلى 1962 بأنها "عمليات حفظ النظام".

 

تعليق عبر الفيس بوك