المسؤولية الاجتماعية.. التزام وتنمية

 

 

فايزة الكلبانية

 

انطلقت جريدة الرؤية وضمن نهجها المُستدام في إعلام المبادرات، لمناقشة واقع المسؤولية الاجتماعية في السلطنة، وذلك من خلال تنظيم "المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية"، والذي نستعد خلال الخامس عشر والسادس عشر من أكتوبر القادم لإطلاق دورته الثانية، والذي سيأتي بعنوان "المسؤولية الاجتماعية.. التزام وطني لدعم التنمية المستدامة"، والذي يدور حول محورين رئيسين؛ أولهما: "آليات استدامة برامج المسؤولية الاجتماعية"، والذي يتيح الفرصة أمام الخبراء والمختصين لاستعراض آليات التوظيف القطاعي لبرامج المسؤولية الاجتماعية، واستعراض مُمكِّنات إنشاء جهاز لإدارة شؤون القطاع يكون بمثابة جهة استشارية، وبحث كيفية استثمار مقومات النجاح ومحفزات استدامة برامج القطاع. على أنَّ يصب المحور الثاني "تحديات تنظيم القطاع" اهتمامَه على صِياغة مَلامح جديدة لنهج إدارة قطاع المسؤولية الاجتماعية، ومناقشة إجراءات وتشريعات النهوض به، ومن ثمَّ منهجية الاستثمار الاجتماعي التشاركي.

مما لاشك فيه أنّه لا يمكننا اليوم أن ننكر وجود مساهمات من عدد من الشركات ضمن نطاق مسؤوليتها المجتمعية تجاه الوطن نظير ما تحصده من أرباح سنوية، ولكن أيضًا لا يمكننا إلا نصف تلك المبادرات إلا بـكونها مبادرات مجتمعية "خجولة"، ولا زلنا بحاجة لمزيد من التفاعل وليس الاعتماد على مؤسسات متعارف عليها تكرر نفسها وقد تقتصر المسؤولية الاجتماعية للشركات على قطاعات معينة وتنعدم في قطاعات أخرى، فنحن بحاجة إلى أولويات لترتيب وتنظيم العمل في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات حتى وإن لم يكن هناك قانون إلزامي لذلك، فلابد أن تكون هناك قناعة فردية ومؤسسية بضرورة مشاركة المجتمع ولو بالشيء القليل من أرباح الشركات ولاسيما الكبرى منها والتي تتباين أرباحها السنوية ولطالما هي في ازدياد.. فأين نصيب المجتمع وتنميته من خططهم وسجلاتهم، فهل نحن بحاجة إلى التأطير القانوني والمؤسس الملزم للشركات لنصل إلى قناعة البعض بأهمية الشراكة المجتمعية؟؟

حتى وإن كان البعض وضع ما يتم دفعه من "ضرائب" بمثابة نصيب مساهمتها المجتمعية، فهذا لا يُعقل، ولا يعد حجة مقارنة بحجم شركات الاستثمار ولاسيما "الشركات الكبيرة" والتي أخذت من هذا الوطن نصيبا كافيا لاستمراريتها وديمومتها، وفي المقابل يكون رد الجميل "قلة" مساهمتها الاجتماعية بالمقارنة بالأرباح التي تحصدها العديد من المؤسسات سنوياً إذا لم يكن شهريا ، "المسؤولية الاجتماعية للشركات" عوضًا عن كونها تطوعية وذاتية في جانب من جوانبها إلا أنها إلزامية في جوانب أخرى كثيرة، ونحن اليوم نواصل رسالة المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية الذي أطلقت جريدة الرؤية دورته الأولى خلال العام الماضي تحت شعار "نحو ميثاق وطني للمسؤولية الاجتماعية"، فقد حان الوقت لأن تكون هناك جهة مستقلة تعنى بالاهتمام بجانب المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع وأفراده، لتحقيق التكامل المجتمعي المنشود بين طبقات المجتمع المختلفة، والشعور الإيجابي بين أفراد المجتمع ومؤسساته.

فمنذ التفكير في إطلاق مبادرة مُجتمعية تُعنى بقطاع المسؤولية الاجتماعية، وضعت "الرُّؤية" كلجنة منظمة للمنتدى جُملة أهداف وطنية، تأمل أن يحققها المنتدى على مدى فترات انعقاده سنويًّا؛ وتتمثل في الاصطلاح على تعريف محدَّد مُتفق عليه لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات العاملة في السلطنة، والاتفاق على مبادئ محدَّدة للمسؤولية الاجتماعية وقضاياها، إلى جانب صياغة مُسودة ميثاق وطني للمسؤولية الاجتماعية لتعظيم الاستفادة من جهود الشركات ذات الدور الطليعي في هذا الخصوص، تُرفع للجهات المعنية للاعتماد ووضعها في الإطار المناسب لإنفاذها، ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية في المجتمع وتفعيلها بين مؤسسات المجتمع والأفراد، وربطها بالخطط الإستراتيجية الوطنية والخمسية، إلى جانب إتاحة مساحة نقاش حول جدوى تأسيس مركز أو هيئة كجهة يُناط بها تنظيم جهود المسؤولية الاجتماعية، وتوجيهها، واستشراف مستقبل المسؤولية الاجتماعية ودمجها في عمليات اقتصاديات المعرفة، ودعمها من قبل القطاعات المتعددة، والاتفاق على ملامح إستراتيجيات الشركات في المسؤولية الاجتماعية، مع تحديد الأهداف المؤمَّل إنجازها، كمبدأ جديد من مبادئ التخطيط، بالإضافة إلى أن يكون المنتدى منصَّة سنويَّة لإطلاق ورعاية مبادرات الشراكة المجتمعية التي تستهدف قطاعاً بعينه، يُتَّفق عليه بالتشاور مع الشركاء، وتعظيم دور القطاع الخاص في الاضطلاع بمسؤولياته الاجتماعية بمبادرات واضحة في مجالات التوظيف والخدمات الاجتماعية والاقتصادية، كشريك تنموي، هُيِّأت له فرص الدعم والتسهيلات والامتيازات، والتعريف بدور الشركات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية، وأدوارها الوطنية، وكيفية تصميم المبادرات وتطويرها.

 

faiza@alroya.info