حضور من سراب


د. فوزية البدواوي – سلطنة عُمان


"..ها قد جاء اليوم الذي أغير فيه قناعتي هذه وهي أن أتقبل الجميع مهما بدا عليهم السوء فصلاحهم أو غيره هو أمر خاص بهم ولو احترمتهم لأبدوا ذات الاحترام لي، أما إذا أسأت لهم فلن يردهم شيء عن الإساءة إلي كذلك.
أرى الكثير من المعاصي والفحش فأستر، فأنا بشر ولست ملاكا وقد ترى إحداهن أني أرتكب جرما أو فحشا في حين أنه لا يكون كذلك بالنسبة إلي؛ لذلك فقد أدركت أن الحساب لرب العباد. ومتى ما استطعت الانسحاب من وسط قد اعتقدت بأنه فاسد فقد وجب علي الانسحاب دون أن أدفع نفسي إلى تحمل ما لا تطيق، ودون تشويشها وتلويث فطرتها، فالمعصية قد تدرك أنها معصية بالفطرة، فأنت لا تحتاج لمفت ولا لكتاب فتاوى، ولكن متى ما انحرفت الفطرة فأنت تصبح عبدا للشيطان يحركك كيفما شاء. لا ترى في المعصية سوى لذتها المؤقته والله المستعان.
كنت أترصد زلات الطالبات في سكني الجديد فأبلغ المشرفة بالأمر حتى لا يمس خطأهن سمعة السكن ثم سمعتي، باعتبار أني أنتمي للسكن نفسه، لم أدرك يومها كم كنت مخطئة فقوتي وطاقتي هي شيء ثمين لا يجب أن يضيع هكذا في أمور تافهة، فبدأت أتجاهل الأمر حينها، فالبحر مهما أمطرت فيه السحب سيظل مالحا، لا أقول هذا الأمر حتى ييأس أحد من النصح لكني أقوله حتى يبدأ الشخص بالتغيير من نفسه أولا. لا من العالم المحيط به. لقد كانت مهمتي صعبة، وقد بدأت أتخلى عنها شيئا فشيئا وقد حررت نفسي من كل ما أراه. ولم أشغل نفسي بالجميع بل كان لا بد علي أن أرتقي بذاتي حتى تشغلهم أنفسهم بي -هكذا قررت حينها- أن ألقي التحية على من أحب  وأكره. وأبتسم في وجه الجميع. أحادث الجميع ولكن في حدود الأدب، وأستفيد من أقل الناس شأنا قبل أكبرهم. من أراد قربي فأهلا به ومن رغب عن لقائي فأنا غنية عنه. لقد علمتني الحياة الكثير، الكثير من الأمور التي لم تعلمها إياي الكتب.."

 

تعليق عبر الفيس بوك