قصة قصيرة: لقاء مع الماضي


د. محمد الدفراوي – مصر


حين استوى على الطريق، أخرج هاتفه من جيبه، وراح يبحث عبثا عن رقم ظنه سقط منه وهوى.. وأثناء انشغاله بالبحث، عبق الهواء بروائح اعتادها أنفه زمنا، فلم يعد يخطيء صاحبته... بدا نشوانا أسكره العطر المنعش.. فكل الأشياء الأخرى فيه تتضوعه... مد بصره فإذا بها كأنها غصن بان يختال مياسا.
تزاحمت في رأسه ذكريات طائشة تنهمر كالشلال لايدري من أين جاءت ولا أين ذهبت؟!
أقبلت عليه بطيئة تغمرها ابتسامتها الملائكية، الدمثة، أكثر فأكثر.. انكب مستلقيا على شريط الذكريات؛ يقلب فيه عن كل حرف، أو همسة، أو تنهيدة منسية أكثر فأكثر .
دار بينهما حوار معتاد عن الصحة والحال وصروف الزمان.
لكنه باغتها:
لم نسو حبنا القديم .. قالها بطريقة حاذقة ؟!
ردت: أنت من اختار .. فالطريق طريقك، فكيف تلومني؟!
لم أنم منذ افترقنا نوما هادئا عكس توقعاتي .. فالناس ترتاح حين ينتقلون لبيت جديد أو يفارقون مرضا الإ أنا فكل أحلامي وألامي كانت عنك يا عائشة.. أنت طائري السماوي الذي خلق لسلواي وسعادتي.
كذلك الناس ينامون هادئين حين يتخلون عن الأشياء المشاكسة إلا أنا أحيا بالقلق، أشتهي سعادة طيور السماء منذ افترقنا ..أنت تسكنين في كل أشيائي وجوارحي!
كتبت في مفكرتي:
لماذا لست طيرا جارحا أطارد فرائسي في كل مكان؟
كل الدنيا لي حتى انت ..
كتبت لك عن امرأة فاتنة، وأخرى طيبة، وديعة، كتوم، وامرأة لعوب، غانية، وأصناف عدة من النساء اللاتي قابلتهن بعدك.
لم يبق في حناياي إلا أنت.
انعقد لسانها وأشارت له بأصبع الوعيد؟!
وقبل أن تكمل المسير .
أؤمأت له قائلة:
اكتبْ على رقم هاتفي القديم بالتفصيل عن كل جديد لديك..

 

تعليق عبر الفيس بوك