محمد المشايخي.. هزيمة الانتصار

المعتصم البوسعيدي

 
من أي نقطة يمكن ابدأ حديثي عن محمد المشايخي، هذا البطل العُماني الذي لقن العالم درساً في العزيمة والإصرار والتفوق، ولقن الرياضة العُمانية ومن له شأن فيها درساً أكبر مع صفعة لعلها تفيقنا من السبات، أو من التيه الذي أعمانا عن الطريق الصحيح.
لقد حقق المشايخي ثلاث ميداليات عالمية منها ذهبية وفضيتان، وانتهت القصة عند سطر لم نر قبله ولن نرى ــ على ما يبدو ــ بعده أي تغيير؛ فالمشاركة في البطولة وقبل بدايتها قصقصت جناحيها وحُرم رفاق محمد من المشاركة فيها تحت ذريعة "الضائقة المالية" للجنة البارالمبية العُمانية!! التي وعلى قراءتنا للوضع ستظل ــ أي الضائقة المادية ــ الداء الدائم لكل المشاركات، حتى إن البرامج التدريبة لهؤلاء الأبطال مُصابة بذات الداء دون وجود وقاية مُسبقة ولا رغبة في الوصول للدواء.
تكتمل الصورة السوداء لهذا المشهد الذي يأتينا في عزِ انتصار البطل العُماني، ذاك مشهد استقباله البسيط، نعم البسيط بعقد المقارنات ومستوى الإنجاز، فهذا إنجاز ليس بإنجاز كأس الخليج؛ حيث الهالة والأضواء والإعلام وتهافت القطاع الخاص والشخصيات لفتح خزائن أموالهم المُباركة، ولا يستثنى أحد في هذه السوداوية وبتفاوت نسب المسؤولية التي يقف على قمة نسبتها وزارة الشؤون الرياضية، وقد رأينا إنفاقها ودعمها الكبير لبرنامج شجع فريقك مع سؤال حائر يدور حولها.. هل بمثلها سنجد بطل كالمشايخي؟!

يوجد في السلطنة المنتج الجاهز في أكثر من مجال وخاصة الرياضة، لكن ــ للأسف الشديد ــ لا يجد هذا المنتج الصناعة والتسويق اللازمين، بل إننا لا ندرك ماهية المنتج، فنصوب بوصلتنا إلى منتجات "مُعلبة" قد تسد فراغا ما، لكنها "لا تسمن ولا تغني من جوع"، والمشايخي ما هو إلا مثال حي - ليس على الحصر - على هزيمة انتصاراتنا، فكم من موهبة تسقط، وكم من فرصة تفوت، وكم من حقيقة لا تُرى أو لا يُراد النظر إليها لأي سبب من الأسباب، وكم من دعم يفقد التوجيه، ورعاية "منظرية" تعكس قيمة الراعي أكثر لا الرعية
لاعب البيسبول الأمريكي الشهير "جاكي روبنسون" أسقط عنصرية بغيضة عشعشت في العقول خلال حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، فقد جاهد نفسه بتخطي ضد كل التحديات حتى عُلقت نجمته الشهيرة في "هوليوود" على الجدار مجاورة نجمة محمد علي كلاي، وليس على الممر الشرفي، لأنه أراد ألا "يدوسه" الناس وهو ميت بعدما صبر وقاوم ذلك وهو حي، وقد مُنع ارتداء الرقم "42" رقم جاكي تقديراً لأفضل لاعبي بيسبول في التاريخ، ونصره هذا لم يكن لأنه كان وحده في الطريق، بل ثمة عوامل كثيرة؛ ليس أولها حب اللعبة والرغبة في تغيير الواقع، وليس آخرها المال الذي سيجنيه الجميع من استثمار الإنسان وما يقع حول هذا الاستثمار من أشياء متعددة، فالانتصار يجب أن يجلب الانتصار وليس الخسارة والبكاء عليها!!