سبتمبر بلا مواقع تواصل اجتماعي

يوسف البلوشي

شدَّني هذا العنوان الذي تداولته وسائل الإعلام، حيث إنني لم أكن أتصور أن تعج الحياة في وقتنا الحاضر بهذا الكم الهائل من الثورة الرقمية التي صَنعت لنا الكثير من التطبيقات التي أصبحت مَلْهَاة للكثيرين في أوقات الجد والعمل والنشاط، بل وأيضا في وقت المهام الرسمية والخصوصية.

زحامٌ من المعلومات المنقولة والمتداولة والممرة عن طريق منظمات وجهات ومؤسسات وأفراد هدفها توجيه الرأي العام والمخ العربي، بل الإنسان في أيديولوجياته العامة وسلوكياته الخاصة.

وفي إحدى زياراتي للصين وكوريا الجنوبية، قبل أعوام، كانت التقنية الحديثة طاغية على تلك البلاد؛ لدرجة وجود الاتصال اللاسلكي "واي فاي" لفتح الإنترنت والولوج للشبكة العنكبوتية الحديثة في جميع محطات انتظار الحافلات، وفي الأنفاق الخاصة بالمترو، وأيضا أنفاق المارة، ورغم ذلك لا تجد أنَّ شعوب تلك الدول تضيع وقتها في ملامسة الهاتف طوال الوقت، ولا حتى الاشتغال بالتطبيقات الموجودة أيامها، وهذا يقودنا إلى أن الحياة العملية طاغية في الدول المليئة بالخدمات التقنية والإلكترونية والتكنولوجية، وأنها وسيلة وليست هدفَ تلك الشعوب، وهذا ما استنتجاه في تقدم تلك الأمم.

وبعد سنوات من تدفق التكنولوجيا، وأصبحت الشغل الشاغل لنا نحن شعوب دول العالم الثالث، واقتناء التقنية الجديدة والهواتف الكمالية الحديثة، جاءت الدراسات والنصائح بضرورة الابتعاد عن هذه التطبيقات والتخفيف من التقنية الذكية والتكنولوجية لمضارها على حياة الإنسان، وقرأتُ مشدوها توجُّه بعض الدول إلى عزل نفسها وأبنائها عن التقنية الجديدة نوعًا ما حمايةً لهم، ووضعت الخبر حسب ما جاء لنستفيد منه جميعا على آخره كما ورد، بحسب صحيفة "الجارديان"، والتقرير كتبه دينيس كامبل بعنوان "حملة سبتمبر بلا تصفُّح هدفها الفطام عن وسائل التواصل الاجتماعي".. جاء فيه: إنَّ الهيئة الملكية للصحة العامة، راعية هذه الحملة، تهدف من ورائها إلى استعادة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في التأثير على صحة ملايين البريطانيين.

وذكرت الصحيفة أن الحملة التي أطلق عليها "سبتمبر بلا تصفح"، وتبدأ الشهر المقبل، تستهدف في الأساس مستخدمي منصات فيسبوك وإنستجرام وتويتر وسناب تشات. وأوضحت الجمعية أن الابتعاد عن المنصات الاجتماعية يمكن أن يُسهم في الحد من الأرق، ويساعد على تعزيز العلاقات الاجتماعية، والصحة العامة. وتقول الصحيفة: إن استطلاعا للرأي أجرته مؤسسة "بوبليوس" على عينة من 2057 شخصا، أظهر أن 65% يفكرون في المشاركة في هذه الحملة، وأن نصف المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34 يعتقدون أن الامتناع فجأة عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لشهر كامل سيكون له أثر إيجابي على النوم والعلاقات الاجتماعية الحقيقية. كما يعتقد قرابة 47% من المستطلعة آراؤهم أنَّ الابتعاد عن هذه المنصات سيكون مفيدا للصحة العقلية بصورة عامة.

ونقلتْ الصحيفة عن شيرلي كرامر الرئيسة التنفيذية للجمعية الملكية للصحة العامة، قولها: "الهدف هو أنَّه وبحلول نهاية الشهر، سنكون قادرين على التأمل في ما فاتنا وما استطعنا الاستمتاع به بدلاً من التمرير من خلال أخبارنا الإخبارية"، وأضافت: "بالطبع نحن نعلم أن هذا سيكون تحديًا بسبب الطبيعة الإدمانية لتقنية وسائل الإعلام الاجتماعية".

وفي ختام مقالي بعد هذا التقرير، فإنَّنا فعلا نحتاج أن نستطلع ما فاتنا، ونحافظ نحن كمجتمع على أنفسنا من هذا الغزو التقني العنيف؛ فمادامت تلك الدول تبني لنفسها أسسا صحيحة يجب أن لا نكابر أننا نستطيع التخلي يوما ما، حيث لن تجدي العودة للوراء بعد أن نكون قد خسرنا أنفسنا في خضم هذه الثورة الإلكترونية التي اجتاحت الصحة قبل العقل والقلب.

usf202@yahoo.com