"فصلان في السنة خير من أربعة"

 

طالب المقبالي

لقد استمتعت شبه الجزيرة العربية ومنها سلطنة عُمان بأجواء رائعة تكاد تكون الأجمل على مستوى العالم.

وقد انقسمت السنة إلى قسمين، القسم الأول وهو الأجمل على الإطلاق ويبدأ من شهر نوفمبر وينتهي في شهر إبريل من كل عام.

هذه الأشهر من وجهة نظري ويشاركني في ذلك كثيرون أنها من أجمل أيام العام في اعتدال الطقس في بلادنا، فلا حرارة، ولا برودة قاسية، وتشهد هذه الفترة ذروة في توافد السياح القادمين من الدول التي تشهد برودة قاسية يُصاحبها الصقيع في كثير من بلدان العالم، كذلك وبسبب برودة الطقس في أوروبا فإنها الفترة المزدهرة لهجرة الطيور الموسمية إلى منطقتنا الجميلة خلال هذه الفترة.

ومن مميزات هذه الفترة ازدهار السياحة الداخلية والاستمتاع بالأجواء الجميلة، والتي تصاحبها في كثير من الأحيان الأمطار القادمة من منطقة الشمال مما يضفي على بلادنا خاصة أجواء مميزة، وتنشط الزيارات والرحلات الأسرية، كما تزدهر الزراعة الموسمية خلال هذه الأشهر حيث تتراوح درجات الحرارة بين 8 درجات إلى 25 درجة حسب الأشهر الستة.

ومع نهاية شهر إبريل ودخول شهر مايو تتحول البلاد تحولاً جذرياً فتشتد الحرارة لتناهز الخمسين درجة في كثير من المناطق، ويبقى الرقم 45 هو المتصدر طوال فترة الصيف.

إلا أن السلطنة قد حباها الله تعالى بتنوع في الطقس، فهناك مناطق تميزت باعتدال أجوائها، وهي على سبيل المثال جبل شمس والجبل الأخضر والمناطق الساحلية المتاخمة لبحر العرب التي يشدُّ الرحال إليها للاستمتاع فيها ببرودة الطقس والهواء العليل.

ولكن هناك في جنوب السلطنة الوضع مختلف تماماً، حيث الأجواء الخريفية الرائعة التي يشدُّ إليها الرحال من السلطنة ومن دول الخليج العربي للهروب من هجير الصيف.

فهناك الرذاذ والمطر والشلالات والخضرة الدائمة طوال فترة الصيف من يونيو وحتى سبتمبر من كل عام.

لم نجد بيتاً في شمال السلطنة إلا ويخطط لزيارة محافظة ظفار لقضاء الإجازة هناك بصحبة الأسرة والاستمتاع بالأجواء الاستثنائية.

هذه الأجواء هيأت لها الحكومة الرشيدة كافة السبل من أجل راحة زوار صلالة وتقديم الخدمات إليهم لقضاء أوقات جميلة، فهيأت الطرق وأنشأت الجسور من أجل انسيابية الحركة المرورية، وأوجدت المرافق العامة كي يتمكن زوار صلالة من قضاء إجازة مريحة من خلال توفير كافة الخدمات.

ومن أبرز المشاريع التي شهدتها مدينة صلالة افتتاح مطار صلالة الجديد في عام 2015، حيث يعد هذا المطار نقلة نوعية في خدمات النقل الجوي.

وقد استعدت محافظة ظفار مبكراً لهذه التظاهرة الكبيرة والتي سبقها إعصار مكونو الذي هبَّ شعب السلطنة من شماله إلى جنوبه لإصلاح ما أفسده، وهنا تجلت جوانب أخرى وهي ترابط الشعب العماني الذي يتحول إلى خلية واحدة تجاه أي محنة، فتتحول المحنة إلى نعمة، فكان الإعصار نعمة وقد تحولت صلالة إلى جنة قبل وصول موسم الخريف، فتجاوزت المحنة.

وهناك المتشائم من اعتقد أن صلالة هذا العام ستفقد السمة التي تتميز بها، ويحول الشعب بوصلته إلى جهة أخرى، لكن الذي حدث على أرض الواقع كان العكس تماماً، فمن لم يسبق له زيارة صلالة من قبل أصر على زيارتها هذا العام، بعد انتشار الصور ومقاطع الفيديو للأنهار والشلالات العظيمة التي خلفها الإعصار وحولها إلى نعمة من نعم الله تعالى.

muqbali@gmail.com