منتخبنا.. كيف يصل للمونديال

أحمد السلماني

طوى العالم وروسيا صفحة "المونديال الاستثنائي"، الذي انطلق على آراضيها، قبل أكثر من شهر من اليوم، 30 يوما من التفاعل البشري الهائل والمذهل مع "الكأس الكونية"، 32 منتخبا عالميا كانوا صفوة قاراتهم، 736 لاعبا حرثوا الملاعب الروسية الخضراء، واستعرضوا بها مهاراتهم وإمكانياتهم الفنية، بطولة استثنائية بكل المقاييس: تنظيميا وفنيا، وحُبلى بالمفاجآت، نجوم أضاؤوا، وأخرى انطفأت نجوميتهم وتوارت بل وانكفأت، كل هذا حدث في 30 يوما، وفي بقعة واحدة من الأرض، وحَّدت العالم المتمزِّق خلف "ساحرته المستديرة".

هنا.. في السلطنة، لم نكن بمنأى عن المشهد العالمي، هذا طبيعي جدا؛ فالحدث لا يتكرر سوى مرة كل 4 سنوات، فقد كان التهافت على الاشتراك بالشبكة صاحبة النقل الحصري كبيرا، وتفننت وسائل الإعلام المحلية في تقديم حزم ووجبات كروية؛ بعضها دسم وغاية في التمكين، في حين كان بعضها غثًّا وركيكًا، ولم يحترم المتابع، وغابة في الضحالة، وللأسف فجأة صار الجميع مُحلِّلا، بل وتجاوزت الأمور حدودَ المتعة لتصل حدَّ التعصب، وكأن الذي يلعب هو منتخبنا الوطني.

والحقيقة من يعشق "الأحمر" تابع المونديال، وبداخله غُصة من عدم وجوده بين الـ32 منتخبا، وكان يستمع للمنتخبات وهي تصدح بالنشيد الوطني وبكل حماسة، في حين طال انتظار سماع السلام السلطاني العماني في هذا المحفل الكروي العالمي، وهنا مربط فرس هذا المقال؛ إذ ومع انطلاقة المونديال كُنت قد طرحت سؤالا طرحه الكثير غيري وهو: متى سيصل منتخبنا كأس العالم؟ الجواب صعب، ولم أحصل على إجابة أصلا، ولا أحد يملك أن يجيب، حتى اتحاد الكرة نفسه لا يعرف.

لذا؛ وبعد أن تابع الجميع كأس العالم والمستويات الفنية العالية التي أظهرتها المنتخبات العالمية المتنافسة، فضلا عن الخطط وطرق اللعب المستحدثة، وغيرها من التفاصيل الفنية، وحتى الإدارية والتنظيمية، كلها كانت متاحة بالمونديال؛ فالسؤال الأهم اليوم ليس متى سيصل الأحمر؟ بل كيف يصل؟ المسألة تحتاج إلى عمل كبير، فإذا أردت أن تتأهل عن قارة آسيا، فعليك أن تبحث عن الطرق التي سلكتها القوى الكروية الكبرى في القارة قبل عقدين من الزمان، وكيف تسلحت الكرة اليابانية بالشجاعة، والإيرانية بالقتالية والتنظيم، باقي المنتخبات كانت كالأشباح ولا ندري كيف وصلت لكأس العالم (رسالة لاتحاد الكرة).

كثيرة هي الدروس المستفادة من كأس العالم، والكيِّس من الاتحادات المحلية والمنتخبات في العالم من التزم بوضع لجنة أو فريق فني متخصص لدراسة وتحليل خطط المباريات والتكتيكات المستحدثة، وطرق التدريب الجديدة، خاصة تلك المتعلقة بتحضير المنتخبات بدنيًّا وفنيًّا ونفسيًّا، فمن أراد الإجادة والتفوق والفوز بالألقاب والتأهل للمناسبات والبطولات الكبرى فعليه بالمبادرة والعمل بعد كأس العالم مباشرة؛ وذلك بالاستفادة القصوى من كل ما هو جديد، والأجدى كثيرا ذلك الذي ذهب بعيدا بإيفاد الفنيين والإداريين بمنتخباته لحضور كأس العالم، ومن ثمَّ العودة بجديد الأفكار والخطط وحتى وضع الإستراتيجيات لبناء منتخب المستقبل، فهل قام بذلك اتحاد الكرة لدينا؟ أو هل لدى القائمين عليه النية للاستفادة من مستجدات ومخرجات وأحداث كأس العالم؟ شخصيا أشك وأستبعد ذلك، لذا أقترح عليهم ضرورة القيام بذلك، فقد آن الأوان لتحقيق حلم التأهل لكأس العالم.. "وقفوهم إنهم مسؤولون".