مدرين المكتومية
يوماً بعد يوم يزداد الاحتياج إلى مواكبة التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، وهذه القفزة الكبيرة التي تحققت وتتسع حتى تغيرت المفاهيم، وخاصة تلك المتعلقة بالإعلام الذي أصبح مطالباً بحجز مكان له في المستقبل أو الاندثار وحجز مكان له في متحف التاريخ.
هذه المقدمة ضرورية للحديث عن الإذاعات الرقمية التي ستصبح في المقدمة خلال الفترة القادمة، وعلى رأس أولويات الجمهور واختياراته للحصول على المعلومة والخبر والاستفادة من المحتوى الإعلامي، خاصة وأن الإذاعة بوجه عام تلعب دوراً كبيراً وتحظى باهتمام المتلقين منذ بداية ظهورها ثم التطورات التي شهدتها منذ عصر الراديو التقليدي الذي كان النافذة الأهم للناس في معرفة مايجري وتذوق الكثير من الفنون والمواد المسموعة، ومع التطور في البث الصوتي صارت لدينا إذاعات إف إم .
ولكن الأمر اختلف مع وجود وسائل إعلامية أخرى وظهور الثورة الرقمية فبات كل شيء مرتبط بالإنترنت، فما عاد هناك نفس الاهتمام بتلك "المسجلة الصغيرة" للاستماع إلى مايجري أو الأغاني والبرامج المفضلة.
وفي زمن قياسي أصبح الإنترنت في كل مكان وهو شبكة التواصل بين عالم وآخر، وبين شخص وآخر، وبالتالي تلك الطفرة في عالم الإنترنت سهلت الكثير من المعاملات الصعبة وبسطتها، لذلك ظهر مفهوم جديد في عالم التكنولوجيا يدعى "البث الرقمي" أو "راديو الإنترنت" الذي جعل الكثير من مستخدمي الإنترنت في الدول المتقدمة يلجأون إليه خاصة وأن الإف إم لم يعد مفضلاً لدى الكثير من الأشخاص وأيضا لمستخدمي السيارات، ولكن مع وجود الإنترنت ارتأت الكثير من الدول إعطاء البث الرقمي حقه كالنرويج مثلا والتي تعد أول دولة في العالم تبدأ بإلغاء البث الإذاعي إف إم لتستبدله بالبث الرقمي خاصة وأن له مزاياه التي تعود أولا لمسألة الكلفة والجودة وتغطية مساحة أكبر وأيضا يمكن للشخص إعادة الاستماع للبرامج.
صحيح أن النرويج كانت الأولى في اتخاذ تلك الخطوة لكن المحاولات باتت مهمة بالنسبة للكثير من الدول والتي أدخلت نظام "البث الرقمي" بالتوازي مع بث الإف إم كفرنسا التي بدأت فعلياً في تطبيقه، في حين سعت شركة "لوسنت" الأمريكية لتطوير تكنولوجـيا جـديدة تسمى In-Band On (IBOC) يمكنها بث البرامج الإذاعية الرقمية ضمن قنوات الإرسال التقليدي أيضًا. كل هذا الاتجاه من كبرى الدول والدول المتقدمة تكنولوجياً، يؤكد على أن هناك نقلة نوعية قادمة في مجال الإعلام الرقمي وأن هناك الكثير من الدول التي ستستغني عن البث الإذاعي التقليدي لتركز على الإذاعة الرقمية وذلك يعود إلى كون كل المعاملات قائمة على الإنترنت، السيارات الحديثة مرتبطة بالإنترنت وأيضًا قلة التكلفة إلى جانب أن تغطية الشبكة الإلكترونية أكبر بكثير من تغطية الإف إم، بالتالي سيصبح الأمر ضرورة عندما يضطر الشخص لارتياد المترو ووسائل النقل الأخرى وعندما يضطر للبحث عن إرسال لسماع برنامج معين، وأيضًا الحاجة لإعادة سماع البرامج تضطر الشخص للبحث عن البديل الممكن والأسهل، والأمر أيضا بالنسبة لأبنائنا في دول العالم الذين اضطروا للسفر لاستكمال دراساتهم العليا فمع الإذاعة الرقمية يمكنهم السماع التواصل ومعرفة كل ما يدور في أوطانهم الأم.
من هذه الزاوية يمكن فهم الأسباب التي دفعت بجريدة الرؤية لخلق صيغ ومساحات جديدة متطورة للتواصل مع الجمهور، وعندما قامت بخطوة مثل إطلاق إذاعتها الجديدة صوت الرؤية، وكذلك الرؤية tv، في أوج نجاح قنوات إف إم ووصولها لشرائح المجتمع بصورة واسعة، فإنَّ الرؤية كانت كانت لديها نظرة أشمل تجاه إذاعة الإنترنت وقناعة مؤداها أن الإذاعات الرقمية هي المستقبل الذي تتطلع إليه دول العالم، وثقة في أن المتلقي لابد أن يواكب أحدث ما وصل إليه العالم من تطور تقني.