أكد تضافر الجهود لإنشاء معهد تكامل التقنيات المتقدمة

شهاب بن طارق: "إستراتيجية البحث العلمي" تستهدف تأسيس منظومة إبداعية تواكب التوجهات العالمية

 

 

◄ "إيجاد" منصة إلكترونية لتفعيل التعاون بين القطاعين الصناعي والأكاديمي والبحثي

مسقط - العمانية

أكَّد صاحبُ السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد مستشار جلالة السلطان رئيس مجلس البحث العلمي، أن المجلس حرص على إعداد إستراتيجية وطنية تحدِّد مسار البحث العلمي والتطوير بالسلطنة، وتربطه مع مسار خطط التنمية الشاملة التي تنفذها الحكومة من أجل الرُّقي بالإنسان العماني.

وقال: إن المهمة التي تمت صياغتها للبحث العلمي تتمثل في تأسيس منظومة إبداعية تستجيب للمتطلبات المحلية والتوجهات العالمية، وتعزز الانسجام الاجتماعي، وتقُود إلى الابتكار والتميز العلمي، وأن المحاور الرئيسية للإستراتيجية تتمثَّل في بناء وامتلاك سعة بحثية واسعة، وتحقيق تميُّز بحثي في مجالات مُنتقاة ذات أهمية وطنية، وتأسيس البيئة المحفزة للبحث العلمي، إلى جانب نقل المعرفة، واكتساب القيمة من البحوث العلمية. وأضاف سموه -في حوار لمجلة "شرفات المجلس" بعددها الجديد- أن إستراتيجية البحث العلمي تتضمن ثلاث مراحل للتنفيذ؛ هي: مرحلة التمكين؛ من خلال إزالة العقبات؛ حيث عمل المجلس على إنشاء منظومة من البرامج لدعم الباحثين، مع توفير الدعم المالي اللازم لإجراء البحوث، وتوفير المعدات البحثية والمختبرات...وغيرها من مُمكنات البحث العلمي. في حين ركزت المرحلة الثانية وهي مرحلة المواءمة بين بناء السعة البحثية والإمكانات البحثية على متطلبات التنمية في السلطنة؛ حيث تم تدشين عدد من البرامج الإستراتيجية الموجهة لتقديم حلول علمية في القضايا الوطنية ذات الأولوية كحوادث الطرق ودوباس النخيل والطاقة المتجددة والمرصد الاجتماعي...وغيرها. وذكر سموه أن المرحلة الثالثة تتمثل في بناء المستقبل، وتركز على بناء مراكز التميز البحثي لسد الفجوة بين الأبحاث التي تقوم بها المؤسسات البحثية والأكاديمية وبين متطلبات القطاع الخاص لإيجاد حلول علمية للتحديات التي يواجهها. وضرب سموه مثالا بأن المجلس يعمل في هذا الجانب على إنشاء معهد تكامل التقنيات المتقدمة، بالتعاون مع شركة تنمية نفط عمان، ومؤسسة هلم هولتز الألمانية، كذلك يعمل على إنشاء مركز التميز البيئي، بالتعاون مع شركة بيئة، وعدد من الشركاء...وغيرها من المراكز البحثية في المجالات ذات الأولوية الوطنية.

وأوضح سموه أن السعة البحثية في أغلب الدول النامية محدودة، سواء كان ذلك في الجانب البشري أو الأجهزة والمعدات اللازمة؛ لذلك كان لا بد من التركيز على الأولويات الوطنية في البحث والابتكار، وكذلك التركيز على ما يمنح السلطنة الميزة التنافسية فيها مقارنة بالدول الأخرى؛ فعلى سبيل المثال: الاستخلاص المعزز للنفط يُعتبر أولوية وطنية، وللسلطنة مزايا تنافسية في هذا. وأشار سموه إلى أن المجلس -وبالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني- عمل على إعداد الإستراتيجية الوطنية للابتكار؛ حيث تم تحليل أسباب نجاح بعض الدول في الاستفادة من نتائج البحث والابتكار في دعم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وقد بدا واضحا أهمية وجود رؤية وطنية مشتركة يعمل كافة الشركاء من مختلف المؤسسات على تنفيذها بتناغم وانسجام كل في مجال اختصاصه. وبيَّن أنه تم تحديد رؤية مشتركة ومؤشرات أداء توضح مدى التقدم في تحقيق أهداف الإستراتيجية والبرامج والمبادرات الواردة فيها واهتماما من قبل كافة المؤسسات من أجل تحقيق هذه الرؤية التي تسعى لأن تكون السلطنة ضمن الدول الرائدة في مجال الابتكار (ضمن أفضل 20 دولة في 2040).

وقال صاحب السمو السيد مستشار جلالة السلطان رئيس مجلس البحث العلمي: إنَّ مجلس البحث العلمي وشركة تنمية نفط عمان -وبالتعاون مع وزارة النفط والغاز- دشَّنا منصة "إيجاد"، وهي المنصة الإلكترونية لتفعيل التعاون بين القطاع الصناعي والقطاع الأكاديمي والبحثي في السلطنة في مجال الطاقة، تحت مظلة معهد تكامل التقنيات المتقدمة؛ حيث تتيح المنصة الإلكترونية للقطاع الصناعي عرض التحديات الصناعية التي تواجهه وتمكن الباحثون في الجامعات والكليات من الاطلاع على هذه التحديات إلكترونيًّا، واقتراح حلول لها؛ مما سيؤدي لتوجيه الأبحاث في الجامعات إلى أبحاث تطبيقية مرتبطة بالصناعة بشكل وثيق، وتطوير التعاون بين هذه المؤسسات؛ بما يسمح لتوجيه الدعم المالي إلى المؤسسات الأكاديمية والبحثية المحلية. وأضاف سموه أن منصة إيجاد ستعمل نحو تحفيز أنشطة البحث العلمي والابتكار في مجال الطاقة عبر إقامة حلقات العمل والمؤتمرات والتدريب لبناء القدرات الوطنية، كما تهدف كذلك لحث المؤسسات المنتمية للقطاع الصناعي لاستثمار القيمة المحلية المضافة لدعم الأبحاث والابتكارات في مجال الطاقة.

وبيَّن سموه أن المجلس موَّل حوالي 160 مشروعا بحثيا خلال السنوات الماضية، وأن برنامج المنح البحثية الإستراتيجية معنيٌّ بإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع وذات أولوية وطنية كالبرنامج البحثي الإستراتيجي لحوادث الطرق، والبرنامج البحثي الإستراتيجي لحشرة دوباس النخيل، وبرنامج بحوث المرصد الاجتماعي...وغيرها من المجالات.

وتطرَّق سموُّه إلى التنافس في مجال البحوث من أجل توجيه الدعم والارتقاء بجودة المشاريع البحثية التي ترد للمجلس؛ وبالتالي الحصول على مخرجات رصينة موجهة للقضايا المحلية. وفي هذا الإطار، هُناك عدد من المعايير التي وضعت في هذا الجانب كالرصانة العملية والجودة والحداثة والأولوية الوطنية...وغيرها من المعايير التي تضمن الحصول على مخرجات ذات قيمة عالية تعود بالنفع على التنمية في البلاد، وهناك تفاعل وتجاوب كبير من قبل الباحثين والمؤسسات مع هذه البرامج.

وزاد سموه قائلا: إن إنشاء المجلس برنامج الكراسي البحثية من أجل إيجاد مراكز تميز بحثي في مجالات علمية ذات أولوية وطنية يتم إنشاؤها في المؤسسات الأكاديمية؛ حيث تتنافس هذه المؤسسات للحصول على تمويل إنشاء كرسي بحثي فيها في مجال محدد ضمن نطاق اهتماماتها البحثية، وبما يتماشى والإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي. وقال: "نرى أن إنشاء هذه الكراسي ضرورة وطنية لبناء قدرات هذه المؤسسات لتكون منارات بحثية في مجالات تخصصية؛ حيث قام المجلس حتى الآن بتمويل إنشاء كرسيين بحثيين؛ الأول الكرسي البحثي في مجال تحلية المياه عبر تقنية النانو بجامعة السلطان قابوس، وقد حقق الأهداف المرجوة، وهو حاليا في طور التحول لمركز بحثي متخصص في هذا المجال. أما الكرسي الآخر، فهو الكرسي البحثي في مجال المعادن وعلوم المواد بجامعة نزوى؛ حيث يعدُّ هذا المجال أولوية وطنية؛ من خلال سعي السلطنة لتطوير المعرفة والقدرات الأكاديمية والابتكارية والصناعية، في ظل توجه السلطنة نحو الاستفادة من الموارد المعدنية والطبيعية بالسلطنة.

وأضاف سموه أن برنامج المنح البحثية المفتوحة يهدف لبناء السعة البحثية والقدرات الوطنية؛ حيث حقق البرنامج خلال السنوات الماضية حِراكا بحثيًّا نشطا، وتمكنت العديد من المؤسسات الأكاديمية، وبالأخص الجامعات الخاصة من بناء المختبرات، وتوفير الأجهزة والمعدات البحثية المتخصصة، كما تمَّ استقطاب العديد من الباحثين نظرا لتوافر بيئة محفزة للبحث العلمي، كما ارتفعت أعداد المنشورات العلمية بشكل ملحوظ في المجلات العلمية العالمية المحكمة، وهذا الحراك يعكس جهود السلطنة بشكل عام، كما أسهمت هذه المشاريع البحثية في بناء القدرات الوطنية البحثية؛ حيث استفاد من هذه المشاريع عدد 139 طالبَ ماجستير، و64 طالبَ دكتوراه، علاوة على ذلك حققت بعض المشاريع البحثية نتائج علمية مهمة، وأسهمت في بناء المعرفة حول الكثير من القضايا المحلية بشكل علمي مدروس.

وقال صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد مستشار جلالة السلطان رئيس مجلس البحث العلمي: إن البحث العلمي يعتبر أحد أهم أعمدة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أي بلد، فللمجالس البرلمانية دور مهم لا في إعداد السياسات والقوانين المنظمة لتوفير الدعم والتمويل المطلوب للاستثمار طويل الأجل فحسب، بل أيضا في نشر الوعي بأهمية هذا الاستثمار للتنمية المستدامة، ودعم المنظومة البحثية، خاصة وأن مجلس عمان يسهم بشكل مؤثر في مراجعة الموازنات السنوية والخطط الخمسية.

تعليق عبر الفيس بوك