الظواهر السلبية في الخريف

 

 

سالم الكثيري

 

أتمنى أن يأتي عليَّ موسم خريف ولا أُعيد كتابة مثل هذا المقال الذي يكاد يحمل نفس المضمون سنوياً وأن أهنأ كغيري بهذا الموسم الجميل تحت زخات المطر مستنشقاً نسيم الكوس العليل متنقلا بين وديان وسهول وهضاب هذا الفردوس الآخاذ المُتفرد في جنوب الجزيرة.

غير أنني ومعي الكثير بلا شك لا نكاد نستبشر ببوادر الخريف حتى يتبادر إلى أذهاننا الظواهر السلبية المصاحبة والتي تعكر الصفو وتكدر الخاطر وهي كثيرة منها على سبيل المثال التفحيط والتجاوز بالمركبات على المسطحات الخضراء والتهور في القيادة والسرعة القصوى في المواقع السياحية المكتظة بالزوار وجلوس البعض على الطرق العامة وإزعاج الآخرين بمُكبرات الصوت بداعي المغامرات السياحية وكذلك المبالغة في عملية التخييم إلى درجة تحول المخيمات إلى بيوت متنقلة من الأسمنت والطرق المرصوفة ودورات المياه، ومن هذه الظواهر أيضًا العمالة السائبة التي تعرض بضاعتها على رؤوس العوائل المتنزهة دونما حسيب أو رقيب وظاهرة التسول التي تحوم حولها الشكوك أكثر من أي شيء آخر وغيرها مما غضت عنه الجهات المعنية الطرف أو أهملته أول الأمر حتى تفاقم وفقدت السيطرة عليه في النهاية.

يحدث كل هذا رغم تشكيل لجنة مُكافحة الظواهر السلبية من جهات مختلفة إلا أنها لم تحقق ذلك الصدى أو تلك القوة التي تجعل كل من يرتكب الأخطاء الخريفية إن صح التعبير يحذر من تكرارها وأن يحسب للعقوبة ألف حساب، بل على العكس بينما تكبر ظاهرة سلبية تلو الأخرى كل خريف تصغر نتائج اللجنة المشار إليها أكثر فأكثر.

نحن نعلم أن هناك جهودا قائمة لتنظيم العملية السياحية إلا أنه بات واضحًا للعيان التراجع وقلة المتابعة في السنوات الأخيرة للحد من هذه الظواهر فهل بلغت هذه الجهات درجة من الإحباط بحيث لم يعد لديها إمكانية القيام بأدوارها البسيطة ومن ثم التعاون مع بعضها في كل ما هو مشترك لتتكامل الجهود أم هو قصور إداري طبيعي بسبب تراكم المهام وازدحام الأعمال!

وإلا ما الذي يمنع وزارات السياحة والبيئة والزراعة وبلدية ظفار على جهودها المقدرة أن تضع مسألة اللوائح الإرشادية والتحذيرية على سلم أولوياتها كبادرة حسن نية على الأقل مع بداية الموسم وإلزام الشركات المنفذة للمشاريع على جوانب الطرق بإعادة الحواجز التي صرفت عليها الحكومة الملايين في مشروع حماية المسطحات الخضراء لا أن تنفذ هذه الجهات صميم عملها كرد فعل على مطالبات المواطنين وتحركاتهم في هذه القضية أو تلك وهذه ملاحظة واضحة جدا في السنوات الأخيرة، ثم ما المانع من تطبيق قانون التخييم ومنع استخدام المعدات الثقيلة والجرافات في المخيمات بحيث تصبح هذه المخيمات منظمة وصديقة للبيئة، والتساؤل مطروح في السبب الذي يجعل كل هذه الجهات وهي مسؤولة بطريقة أو بأخرى عن حماية الغطاء النباتي وغيرها من الجهات الحكومية المعنية تغط في سبات عميق طيلة العام حتى يوقظها رذاذ نجم النعايم لتلهث في ارتباك واضح للملمة بعض الأوراق قبل أن يبللها المطر.

وفي الختام فإنَّ الجميع يعلم أنَّ الخريف والسياحة باتا وجهين لعملة واحدة ولذا لابد من وقفة جادة وصريحة لمُراجعة إستراتيجية السياحة بحيث يصبح موسماً متكاملاً يرحب به المواطن ويستفيد منه التاجر ويستمتع به السائح ويسلم فيه المجتمع والبيئة من التجاوزات غير المبررة.