شميسة النعمانية تروي كيف وقعت في "فخ الشعر"

 

مسقط - العمانية

خاضتْ الشاعرة شميسة النعمانية تجربةَ الكتابة منذ نُعومة أظفارها، أسهم في ذلك أنها تنحدرُ من عائلةٍ على علاقة طيبة بالشعر، فوالدها شاعر، وعمُّها شاعر، وكثير من أهل والدتها شعراء أيضاً.

وتقول النعمانية إن والدها كان يُملي عليها وهي في سنّ الصبا، ما يؤلّفه من قصائد ارتجالية، ويطلب منها أن تدونها وتكتبها ثم تعيد قراءتها عليه لأجل أن يتأكد من وزنها وموسيقاها وبلاغتها ومعانيها، وهكذا وقعتْ في "فخّ الشع، " وبدأت كتابة القصيدة في نهاية المرحلة الابتدائية وبداية الإعدادية.

بعد التحاقِها بجامعة السلطان قابوس لنيل شهادة البكالوريوس، تخصَّصت النعمانية في اللغة العربية، وأثناء دراستها مقرر مادة العروض طلب د.هلال الحجري أن يكون مشروع المادة قصيدةً يؤلفها الطالب نفسه على أحد البحور المدروسة، أو أن يحقق الطالب ديواناً شعريًّا كاملاً لأحد الشعراء ومعرفة بحوره، وحينها قدمت النعمانية قصيدة من تأليفها أُعجب بها أستاذها وطلب الاطلاع على تجربتها الكتابية وحثّها على النشر في مجلة "نزوى" الثقافية الفصلية، وفي الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة "عُمان"، فنشرتْ فيهما، وكانت هذه هي البداية الشعرية "الخجولة والمتواضعة" كما تصفها.

وتؤكِّد النعمانية الحاصلة على شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة السلطان قابوس (2014) أنها لم تجد اعتراضاً من أهلها على كونها شاعرة، بل "كان الأمر عاديًّا؛ لا موقفَ رفْض المرفوض ولا احتفاء مبالَغ به". ولعلّ الأمر عائدٌ "إلى طبيعة تعاطي العُمانيين مع الأمور من دون تهليل أو تهويل" بحسب تعبيرها.

أما الدعم الأبرز الذي تلقّته الفتاةُ المبدعةُ من الأهل، فكان بسماحهم لها بالوقوف على المنابر، وموافقتهم على مشاركاتها الداخلية والخارجية؛ رغم كونها من "بيئة محافظة لا تسمح للمرأة بالسفر كثيراً، لا سيما إن كانت غير متزوجة".

وتؤكد النعمانية التي شاركت في مهرجانات وملتقيات عربية ودولية، أن الشاعرة العُمانية استطاعت إيصال صوتها إلى مساحات واسعة سواء، داخل عُمان أم خارجها، وما كان سيتحقق لها ذلك لولا امتلاكها "شاعرية ثرية وذات قيمة". موردةً من الأسماء التي برزت في هذا المجال الشاعرةَ د.سعيدة خاطر التي خُصصت دورة باسمها في مهرجانٍ شعري بالمغرب.

وحصلت النعمانية على العديد من الجوائز؛ منها: المركز الثالث في جائزة السلطان قابوس للإبداع الطلابي في مجال البحوث الثقافية (2005/2006)، والمركز الثالث في مهرجان الخليل للأدب في مجال الشعر الفصيح (2006)، والمراكز الأول والثاني والثالث على التوالي في مسابقة المنتدى الأدبي للأعوام  2008 و2009 و2010 في مجال الشعر الفصيح، والمركزين الأول والثالث في مسابقة المعلمين والعاملين في الحقل التربوي (2009 و2010)، والمركزين الأول والرابع في الملتقى الأدبي للشباب على التوالي للعامين 2009 و2010 في مجال الشعر الفصيح.

وفي هذا السياق، تَرَى صاحبة مجموعة "ما تبقّى من اللون" (2014)، أن الجوائز تمكِّن الشاعر من إيصال صوته إلى العدد الأكبر من الناس، وإلى وسائل الإعلام على اختلافها، وتعريف النقاد به ولفت نظرهم لتجربته، إلى جانب أنها "تحفز الشاعر وتشجعه على تطوير تجربته وتقديم الأفضل باستمرار".

وتؤكد الشاعرة التي ترجُمت مجموعتها الأولى "ما تبقى من اللون" إلى الفرنسية، كما تُرجمت بعض نصوصها إلى اللغة الألمانية، أن الترجمة هي "جسرُ العبور إلى الآخر الذي لا يتقن اللغة العربية"، وأن أهميتها ثابتة منذ قديم الزمان؛ حيث نُقلت من خلالها علوم الحضارات واستفاد العلماء والأدباء مِن إرث مَن سبقهم.

وفي معرض حديثها عن عودة القصيدة العمودية إلى الواجهة، تشير الشاعرة -التي صدرت لها أواخر العام 2017 مجموعة ثانية بعنوان "سأزرع في الريح قمحي"- إلى أن الإرث الشعري العربي يضم كثيراً من الحكم والأمثال والقصص التي كُتبت في شكل القصيدة العمودية، لذا من الصعب كليةً أن تنتهي هذه القصيدة من ذاكرة الإنسان العربي، مؤكدة أنها لا تجد ضرراً في "استمرار احتفاء الذاكرة العربية بهذه القصيدة"، وأن تحديث القصيدة العمودية "استنفر قدرات الشاعر العربي الحديث لأجل تطوير الصورة البلاغية فيها، بحيث لا تقلّ جودةً عن قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، بل هي تفوقهما بالموسيقى أيضاً".

وتلفت النعمانية إلى أهمية انخراط المرأة الكاتبة في مجال العمل الثقافي وإدارته، مؤكدةً في هذا الشأن أن المرأة الكاتبة "جزء أساسيّ من أيّ مشهد ثقافي"، ومساهمتها مهمة جداً بالنظر لما تقدمه من نتاجٍ مختلف عمّا سواه.

تعليق عبر الفيس بوك