مواطنون: تجويد الخدمات أولا ثم فرض الضرائب ورفع الرسوم البلدية

الرؤية - أحمد الجهوري

طالبَ عددٌ من المواطنين ألا يتم فرض الضرائب، ورفع الرسوم، دون تجويد الخدمات وتقديمها بشكل أفضل مما عليه الآن في بعض الجهات، مشيرين إلى أن رفعها له جانبان: إيجابي وسلبي، وأنَّ الجانبَ الأخير أصبح يُؤثِّر بشكل ملحوظ على المواطنين، وكذلك على أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. على ألا تكون الضرائب ورفع الرسوم عبئًا على دافعها، وتشكل حاجزًا في تطوُّر الأعمال، وتقدُّم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتزيد من الهُوَّة بين فارض الرسوم على الخدمة وبين متلقي الخدمة.

ويقول خميس المسروري ممثل المجلس البلدي لولاية جعلان بني بو حسن: يجب الارتقاء بالخدمة التي من أجلها يتم فرض الرسوم، ويتمثل ذلك في تبسيط الحصول على الخدمة، وسرعة إنجازها، وتوفيرها للمواطن، وسهولة الحصول عليها، وسرعة ودقة إنجازها؛ فبذلك يكون فارض الرسوم قد أعطى قيمة مُضَافة لخدماته المقدمة استحقَّ معها الحصول على الرسم. أمَّا السلبية، فتتمثل في أنْ يكون الرسم المفروض عبئًا على من يدفع؛ ممَّا يشكل حاجزاً أمام تطور الأعمال وتقدم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث إنَّ دافعي الرسوم لا يجدون قيمة مضافة للمبالغ التي يتكبدونها نظير الخدمة، فتجد البيروقراطية في إنهاء المعاملات وتلقي الخدمات.

وحول تأثر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من رفع الرسوم، قال المسروري: في كثيرٍ من الأحيان يكون التأثير سلبيًّا؛ فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني من تحديات كثيرة في السوق؛ مثل: المنافسة وظروف العرض والطلب، إضافة إلى أن هذه المؤسسات تعد العمود الفقري لأي اقتصاد؛ لهذا فإن فرض الرسوم يشكل عائقًا ويهدد بقاء هذه المؤسسات.

الأعباء المالية

أما حامد المنذري، فيقول: إذا ما نظرنا إلى تطبيق نظام الرسوم والضرائب في السلطنة، لوجدنا أنه جاء بشكل مُندفع وكردَّة فعل من جراء انخفاض أسعار النفط، وإذا كانت هناك فوائد تتحقق للاقتصاد، إلا أننا في المقابل نجد ركودا تجاريا وضعفا شرائيا، ومن البديهي أن الأسعار تتأثر وترتفع مع رفع الضرائب والرسوم؛ كون السلعة كلما ارتفعت تكلفتها على التاجر قام برفع سعرها في السوق لأجل الفائدة.

وأضاف: لدينا تجربة شخصية في دفع رسوم التراخيص البلدية، فإننا نقوم بدفع مبلغ وقدر 500 ريال سنويًّا لتجديد ترخيص مركز تسوق، علماً بأنَّ هذا المركز يُصنف في إطار المشاريع التجارية الصغيرة؛ فكيف للمواطن أن يصمد في وجه هذه الرسوم القاصمة للظهر؟ وماذا سيفعل إذا ما تم رفع الرسوم 5% وِفق مخطط البلدية الذي تم تأجيله؟ هُنا لا سبيل إلا إغلاق المشروع والاستسلام أمام الضغوط المادية.

من جانبه، اعتبرَ بدر المحروقي رفع الرسوم والضرائب ضررًا له بالغ الأثر؛ حيث إنَّ المشاريع الصغيرة والمتوسطة معروفة برأسمالها الصغير الذي لا يتحمَّل زيادة الرسوم والضرائب، وأيضاً فرض الرسوم والضرائب لا يطال الشركات الصغيرة والمتوسطة فحسب، وإنما أيضاً يمنع شركات جديدة من دخول السوق.

وأشار إلى رفع رسوم الإسكان من 3% إلى 5% في رسوم تسجيل الأراضي، معتبرا على حد قوله أنها كبيرة، والخدمات المقدمة عبر مكاتب بريد عمان زادت فيها الرسوم إلى 100%.

إثقال كاهل المواطن

وقال أمير الجهوري: إيجابيات الرسوم والضرائب قد تكون محدودة، ولكن يمكن أن تضاف الضرائب وبنسب محدودة إلى الخدمات التي تقدمها الحكومة، وبشكل مدروس، على أن تتناسب مع الخدمة المقدمة، وليس لتأخذ الحكومة ربحها من المواطن، وتتوزَّع الإيجابية في عدة عناصر؛ منها: زيادة دخل الدولة، وتوعية المجتمع بقيمة الخدمة المقدمة والثروات، وتقليل الدين العام وفوائد القروض إذا تمَّ الاقتراض، وزيادة الخدمات المقدمة من الحكومة؛ بحيث تقوم الحكومة بخصخصة المرفق العام، وتنوع الخدمات المقدمة وتجودها، وإذا زاد الدخل زادت المشاريع التي سوف تستثمر بمبلغ الضرائب، أو سوف تقوم الشركات بعرض خدماتها مقابل مبلغ مالي لتنفذه للمواطنين وللحكومة. أمَّا السلبيات، فإنها تتركز في إثقال كاهل المواطنين، وعدم قدرة الفرد على الادخار، وستسبب ضعفًا في الاقتصاد المحلي بسبب نقص السيولة، وقلة جذب المشاريع الخارجية أو ضعف التنافسية، وضجر من الخدمة إذا لم تتناسب مع المبلغ.

ويضيف الجهوري: كوني صاحب مؤسسة، أعتقد أن الضرائب مبالغ بها، وتجعل المستثمر يحسب حسابه قبل الدخول في سوق العمل، فالضرائب تزيد من أسعار المنتجات في الأسواق؛ لذلك يجب مراعاة حجم المؤسسات في الضرائب؛ باعتبارها توفِّر وظائف لفئة كبيرة من الباحثين عن العمل، وتخفف من عبء توفير وظائف لتلك الفئة. كما يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقليل المبيعات وعدد الموظفين، وبانخفاض المبيعات ينخفض الإنتاج، وبلا شك سوف يقل عدد العمال؛ مما سيؤدي لضعف الدورة المالية في السوق المحلي. كما أن ارتفاع أسعار المنتجات المحلية سوف يؤدي للاعتماد على المنتجات المستوردة. وضرب مثالاً برفع رسوم الترخيص البيئي إلى حوالي 750 ريالا، ورسوم المأذونيات من 201 ريال إلى 301 ريال، والإقامة من 10 ريالات إلى 20 ريالا، كما تم رفع العقوبات والمخالفات بشكل عام، والترخيص البلدي لنشاط قطع وتشكيل وصقل الأحجار من 150 ريالا إلى 1500 ريال.

ويرى محمد المكتومي أنَّ الضرائب التي فرضتها الحكومة، مؤخرا، عادية، ويتم تطبيقها في كل دول العالم، لكن ما ينقصنا في تطبيقها معرفة الخدمة الجيدة نظير الضريبة التي تم دفعها، كما أنَّ قرار إصدار الضريبة يجب أن يكون من خلال مجلس الشورى. وأشار إلى أهمية أن تكون هناك نسبة وتناسب في دفع الضرائب والرسوم؛ حيث لا يُعقل تساوي قيمة الضرائب لكل المواطنين، مثلا: يجب رفع قيمة الضرائب على السجلات التجارية الممتازة، والتقليل على الدرجة الرابعة؛ كذلك ممكن رفع الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع، والتقليل على ما دونه.

التجارة المستترة

أما فهد الحارثي، فيقول: هناك إيجابيات لرفع الضرائب؛ أهمها: تنويع مصادر الدخل، وزيادة المداخيل الضريبية من الخدمات. أما السلبيات، فتتمثل في زيادة الأعباء المالية على المواطن، وغياب الشفافية في الإفصاح عن مصير المداخيل الضريبية، وغياب المحاسبة عن الموظف في التقصير في تقديم وتجويد الخدمات مقابل الضرائب المفروضة.

أما فلاح الهنائي، فيرى أن فرض الضرائب ورفع الرسوم سلاح ذو حدين؛ فهو يرفد الاقتصاد الوطني بالموارد المالية المتنوعة بشكل رسوم مبسطة، ممكن استثمارها من قبل الحكومة، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار عدم كفاية دخل بعض الأفراد لتوفير أساسياتهم الشهرية، في ظل توقف الترقيات منذ فترة طويلة، وتحديدا لموظفي الخدمة المدنية. ويضيف: يؤثر رفع الرسوم بلا شك على رفع الأسعار، وتلقائيًّا سوف يؤثر على المستهلك، والذي سوف يبحث عن الخيار الأنسب للتسوق.

أما علي بن سالم كفيتان، فيقول: لا أرى في رفع الرسوم والضرائب أي إيجابيات في ظل انخفاض مستوى الدخل، وعدم وجود خدمات ذات جودة عالية بالمقابل. مضيفا: تتمثل السلبيات في البحث عن وسائل بديلة لدعم دخل الفرد بطرق غير مشروعة.

وقال سالم اللمكي: تتركز الإيجابيات فقط في تنويع مصادر الدخل للحكومة، ولكن تظل السلبيات أكثر؛ لأنها تلامس دخل المواطن بشكل مباشر، وترهق كاهل المواطن إذا ما كانت هناك نسبة وتناسب بين دخل الفرد والضرائب. وعلى سبيل المثال: تسبَّب رفع ضرائب تسجيل الأراضي بوزارة الإسكان في ركود سوق الأراضي العقارات. وارتفاع الأسعار يرتبط مباشرة بارتفاع تكلفة توفير المادة الخام من حيث توريده ورسوم الجمارك...وغيرها من الرسوم التي تزيد من قيمة المنتج، وكما لاحظ الجميع أن رفع الدعم عن البنزين أسهم في تحرير أسعار المواد وارتفاعها لارتباطها بزيادة تكلفة النقل.

 الأزمات الاقتصادية

وعدَّد غانم المشيفري في حديثه الإيجابيات المترتبة على فرض الرسوم والضرائب؛ وهي: تقوية ميزانية الدولة وتعزيزها بمصدر غير نفطي، إضافة لتعليم المواطن سياسة الضرائب والتي أصبحت لا محالة في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة. ومن حيث السلبيات، فتتمثل في: عدم تكافؤ الضرائب مع متوسط دخل الفرد، وعزوف المواطنين عن التجارة، وضعف الاقتصاد، وعدم وجود شفافية في مصير هذه الضرائب، رغم أن المواطن هو المصدر الأساسي للضرائب، وارتفاع الأسعار، وارتفاع الضرائب ليس من المؤكد أن تتحسن معه الخدمات.

وتواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة صعوبة الصمود في ظل ارتفاع الضرائب وضعف الاقتصاد الوطني وطول فترة الإجراءات والموافقات الحكومية؛ وبالتالي كثير من المؤسسات ستغلق أبوابها أو ستنقل مقارها لدول مجاورة.

ويقول عبدالعزيز الوهيبي: الإيجابيات في دفع الرسوم هي وجود مصادر دخل أخرى غير تقليدية، مع تعويد المجتمع على الدفع للحصول على خدمة، بدلا من الخدمات المجانية التي لا يدرك قيمتها مستهلكو تلك الخدمات؛ وبالتالي إهدارها أو عدم الاهتمام بإلغائها إذا انتهت أو عدم وجود الحاجة منها، والذي يترتب عليه بيانات خاطئة؛ وبالتالي ينتج عنه تخطيط سيئ. ومثال ذلك: إلغاء السجلات التجارية؛ فإن لم تكن هناك رسوم إلغاء، فسيهمل الجميع إلغاءها. أما سلبيات ذلك، فمنها: التطبيق العشوائي لتلك الرسوم دون دراسة ودون تمحيص؛ فمثلا رسوم إنشاء مظلات الذي أقرته بلدية مسقط، ينبغي أن يختلف باختلاف موقع العقار وقيمة العقار في السوق العقاري ومساحاته. أو حسب شهادة راتب مالك العقار، المهم أن تكون هناك طريقة عادلة لتوزيع الرسوم؛ فالذي يملك فيلا في شاطئ القرم يختلف دخله جذريًّا عن الذي يمتلك منزلًا في أطراف مسقط كقريات ومنطقة الحشية في العامرات، على أن يكُون هناك سقف محدد بين أدناه عشرة ريالات وأقصاه 60 ريالا حسب موقع العقار ومساحته، أو بالأدق حسب دخل الفرد؛ لذلك يمكن أن يطبق القرار بكل أريحية على كل الأفراد، فالذي دخله بسيط يمكن أن يدفع 10 ريالات، والذي دخله مرتفع يمكن أن يدفع 60 ريالا.

ويضيف الوهيبي: بلا شك يؤثر القرار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دون دراسة ودون وجود قاعدة لذلك، ويعتبر الطريق السهل للقضاء على تلك المؤسسات الناشئة. أما أن تفرض الرسوم بناءً على عدد الأفرع لتلك المؤسسات أو إجمالي حجم رأس المال أو عدد العمال أو إجمالي الدخل، أو أن تلغى تلك الرسوم خاصة في الأوضاع الحالية للاستثمار التي تشهد تدنيًا في الحركة الشرائية للمجتمع، فأنا مع إلغاء الرسوم على كافة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ لأنها تُسهم في توفير وظائف، وكذلك تنمي إجمالي الناتج المحلي الذي لولاه لتفاقمت الأزمة المالية، علاوة على ذلك يجب إيجاد منافذ بيع المنتجات العمانية؛ لأن أغلب تلك المؤسسات تستخدم الخامات العمانية كالزراعة، وكذلك اللحوم والدواجن والمنتجات المحلية بكامل أصنافها؛ فوجودها قوة ديناميكية تعزز قوة الاقتصاد الوطني في مجابهة تدني أسعار النفط.

وتقول نعيمة الهطالية: الإيجابية تتمثل في رفع الاقتصاد، واستثمار المردود من أجل الاستثمار في المشاريع التنموية والبنية الأساسية للبلد، والسلبية تتمثل في زيادة الضغط على المواطنين والشركات؛ سواء كانت الكبيرة أو المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وتعتبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تزال ناشئة وفي بداية مشوارها، وإن زيدت عليها الضرائب والرسوم والنفقات، في مقابل إيرادات ضعيفة، فإنها بلا شك لن تستطيع الاستمرار في التنافس؛ وبالتالي يضطر إصحابُها لأغلاقها. وتضيف أن رفع الرسوم والضرائب له علاقة طردية، فكلما زادت زاد معها أسعار السلع، وهذا يمثل ضغطا مباشرا على المستهلك؛ لأنَّ المؤسسات والشركات تعوض دفعها للضرائب والرسوم من خلال رفع الأسعار، والمواطن مع تدني مستوى دخله سيكون هو الخاسر الأوحد في الأطراف الثلاثة؛ وهي: الحكومة، والمؤسسات، والمواطن.

تعليق عبر الفيس بوك