"مكونو" وإدارة الأزمات

خالد الميمني

الأزمات والمِحَن فيها دُروس وعبر، ما تعلمناه من خلال الأنواء المناخية السابقة جونو وفيت يترجم عمليًّا في "مكونو"؛ سواء على مُستوى الأفراد أو المؤسسات أو حتى المستوى الاجتماعي؛ فشهِدنا تقدمًا ملحوظًا في التعامل مع الحالة المدارية الأخيرة؛ فالسلطنة بكافة مؤسساتها الرسمية تعاملت مع الحالة بشكل مُميز وفعَّال؛ وذلك لتقليل المخاطر بالخبرة المكتسبة من التجارب السابقة، والتوعية وكلاهما قد ساعد في الحد من المخاطر والأضرار في الأرواح والممتلكات.

قال تعالى: "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"؛ فهناك منافع قد تحملها الحالة معها، قد نجهل بعضها ونعلم البعض مثل وفرة المياه الجوفية والسطحية التي ينبت بها الزرع وتستفيد منها البلاد والعباد والدواب، كما أن الوقفة الوطنية والتكافل بين أفراد المجتمع كان بارزاً كعادة أهل هذا الوطن الخير المعطاء ومثالاً أشاد به الآخرون.

قد تمَّ إخلاء بعض المراكز الصحية، والأماكن الحكومية احترازاً وتخوفاً من تعرضها للضرر، وتمَّ نقلها إلى أماكن أكثر أماناً، وهذه العملية مُكلفة للجهد والمال والوقت؛ لذا وَجَب على المعنيين التخطيط السليم في المستقبل لاختيار مواقع أكثر أماناً للمشاريع الخدمية والتنموية والاقتصادية...وغيرها؛ بما يتناسب مع التحديات الطبيعية والمناخية.

إدارة المخاطر من أهم الإدارات في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وتلعب دورًا محوريًّا، وتشكيلها مهم وضروري لمواجهة الأزمات المتوقعة. وبكل تأكيد هناك فارق عسكرية ومدنية على حد سواء قد شكلت لإدارة الأزمة هنا، وهي تعنى لمواجهة هذه الحالات الطارئة ومدربة وبها كفاءات من مختلف التخصصات. وفي اعتقادي أنَّ توسيع فكرة إنشاء فرق إدارة الأزمات للقطاعات المدنية سيُسهم إيجاباً في التعافي السريع لما بعد الحالة مباشرة، والوقوف بكفاءة على عمليات إعادة الخدمات الأسياسية المختلفة كخطوط المياه والكهرباء والاتصالات والطرق إلى سابق عهدها.

كما أنَّ العمل التطوعي المنظم له دور بارز، خصوصاً وإنْ كان مُوحَّداً، وتحت مظلة إدارية مشتركة. حينها سيكون الأداء أفضل وذا كفاءة عالية وفي بيئة عمل آمنة، معرفة جوانب العمل والمساعدات المراد تقديمها والأهداف المرجوة سيسهل الكثير عِوَضاً عن الخروج بمجموعات صغيرة متناثرة. لذا؛ فتح باب التسجيل للعمل التطوعي قبل الحالة وبعدها سيُساعد حتماً في تنظيم هذه العملية التطوعية، كما أن وجود قوائم المتطوعين وتخصصاتهم سيُسهم في كسب الوقت للانخراط في العمل التطوعي التخصصي والخدمي خصوصاً والإنساني عموماً.

وفي هذه الظروف الاستثنائية، ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية والوطنية، يجب على المؤسسات والشركات الخاصة المشاركة والوقوف مع الجهات الحكومية لمساعدة المتضريين، والمساهمة كل حسب إمكانياته المادية والعملية المتوفرة.

... إنَّ تعامل الجهات الرسمية المعنية بمختلف تخصصاتها مع الحالة الطارئة كان مشرفاً ويجب الإشادة به، خصوصاً أسلحة القوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية بمختلف وحداتها المشاركة. حقيقة، هناك تطوُّر ملحوظ ومميز في التعامل مع الأنواء الأخيرة، نشكر الحكومة وكافة قطاعات الدولة العسكرية والمدنية على الجهود المبذولة، وحفظ الله عماننا الحبيبة وأهلها من كلِّ شر.

تعليق عبر الفيس بوك