تركيز على ضرورة التفرقة بين البرامج ذات نمط الاستدامة وتقديم التبرعات

أمسية "الغرفة" تناقش آليات تعزيز الاستفادة من برامج المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

الكلباني: "التنمية الاجتماعية" تواصل التنسيق المباشر بين القطاع الخاص ومبادرات الجمعيات الأهلية

شيماء: نجاح مبادرات المسؤولية المجتمعية مشروط بتقديم حلول جذرية

السناني: 1% من صافي ربح "العمانية للغاز المسال" لخدمة المجتمع

الغريبي: الاستثمار في خدمة المجتمع ضمن مبادئ "تنمية نفط عمان"

الحسني: تطور مفاهيم المسؤولية المجتمعية أسهم في توفير خدمات طويلة المدى

 

الرؤية - فايزة الكلبانية

 

نظمت غرفة تجارة وصناعة عُمان الأمسية الرمضانية الثانية، تحت عنوان "المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص" تحت رعاية معالي الشيخ مُحمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية بمقر الغرفة الرئيسي بروي. وقال معالي الكلباني إنَّ الأمسية شهدت طرح ومناقشة العديد من الأفكار التي من شأنها أن تشكل نقلة نوعية في مساهمة القطاع الخاص بالمسؤولية الاجتماعية سواء في مناطق الامتياز أو مُختلف مناطق السلطنة، ومثل هذه اللقاءات تدفع بعمل القطاع الخاص أو الأهلي إلى الأمام وتحفز مختلف الجمعيات الأهلية التي تعمل في مختلف ولايات السلطنة لتنشيط فعالياتها وتقديم برامج هادفة بدعم من شركات القطاع الخاص.

وحول وضع قانون المسؤولية الاجتماعية، أوضح معالي الشيخ أنَّ الحكومة تعمل على تبني أهداف التنمية المستدامة، بحيث تجمع كل ما يتعلق بالإنسان والمجتمع، فمتى ما استطعنا تبني هذه الأهداف وعملنا على تحقيقها، سنكون قادرين على إصدار نظام أو قانون للمسؤولية الاجتماعية.

ولفت معاليه إلى أنَّ الوزارة لديها دائرة للاستثمار والدعم الاجتماعي تعمل منذ سنوات في إطار التنسيق المباشر بين شركات القطاع الخاص والجمعيات الأهلية وهناك أمثلة بارزة للمشاريع القائمة ومنها قطاع الإعاقة ممثلا في الجمعية العمانية للمعاقين وجمعية التوحد، ومبادرات مباشرة في قطاعات التعليم والطفولة بالتعاون مع الوزارة. وتعمل الوزارة بالتنسيق مع القطاع الخاص لدعم هذه البرامج باستمرار.

وأشار معاليه إلى أنَّ عقد ندوات ومؤتمرات تناقش تحديات وتطورات المسؤولية الاجتماعية يخدم تطور مسيرة هذا الجانب، في العام 2011 لم يكن هناك أي مبادرات من جانب الشركات بالسلطنة تعنى بشأن المسؤولية الاجتماعية، واليوم يوجد لدينا 3 شركات حققت نقلة نوعية لتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية وهي شركة جسور بصحار، وشركة تواصل للمسؤولية الاجتماعية بالدقم، والمؤسسة التنموية للغاز الطبيعي المسال، إلى جانب تبني سوق مسقط للأوراق المالية لعدد من برامج المسؤولية الاجتماعية.

محاور متنوعة

وتناولت الأمسية عددًا من المحاور ذات العلاقة بالموضوع، حيث ركزت على مفهوم المسؤولية الاجتماعية وإمكانية تنظيمها وتأطيرها بشكل أكبر في السلطنة، وتقييم دور القطاع الخاص العماني والجهود الوطنية الساعية للارتقاء بالمسؤولية الاجتماعية، كما قدمت نماذج رائدة في المسؤولية الاجتماعية بالقطاع الخاص وجوانب المسؤولية الاجتماعية لدعم العمل الخيري في السلطنة، وذلك بحضور عدد كبير من أصحاب وصاحبات الأعمال والدراسين في المسؤولية المجتمعية والمهتمين بالشأن الاقتصادي بشكل عام والمسؤولية الاجتماعية بشكل خاص. وأدار الأمسية إسحاق الشرياني الرئيس التنفيذي لمركز الطموح الشامخ.

وقالت شيماء بنت مرتضى المؤسس والمدير العام  للوجهة للاستدامة - مستشار أول في الاستدامة والمسؤولية المجتمعية إنَّ المسؤولية المجتمعية هي مسؤولية المؤسسات تجاه رصد وتحمل آثار أنشطتها على البيئة والمجتمع من خلال ممارسات أخلاقية شفافة بهدف المساهمة في التنمية المستدامة، بما في ذلك الصحة ورفاهية المجتمع، مع أخذ توقعات أصحاب الشأن بعين الاعتبار. وأصحاب الشأن هم كل فئات المجتمع من أفراد وجمعيات ومؤسسات مجتمعية، وكذلك الامتثال للقوانين المعمول بها في الدولة وبما يتفق مع المعايير العالمية وأن تكون هذه الشركات أول من يطبق القوانين ويحرص على الامتثال لها.

وأضافت شيماء بنت مرتضى أن مشاريع المسؤولية الاجتماعية مخطط لها جيدًا، وتبدأ بالتواصل مع المجتمع قبل فترة كافية من الشروع فيها (أي قبل ظهور التحديات) بهدف بناء الثقة والمصداقية بين الشركة والمجتمع من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وليس من أجل إيجاد "حلول سريعة" للتحديات التي تواجهها الشركة، مشيرة إلى أنَّ المسؤولية المجتمعية للشركات بمفهومها في المواصفات القياسية الدولية أيزو 26000 تفيد جميع المتأثرين والمؤثرين، وليست ممارسة نظام "التبرعات" ومعاملة متلقيها كعالة على المجتمع.

وأشارت شيماء إلى أنَّ المسؤولية المجتمعية تخلق فرصا لاستفادة أفراد المجتمع، بحيث تكون الاستفادة بقدر عملهم وإنتاجهم والتزامهم بالمنفعة المتوفرة، كما أنَّ هذه المسؤولية تهدف إلى توفير حلول جذرية للتحديات التي يواجهها المجتمع، وتسهم في إعداد أفراد مُبادرين.

وأضافت شيماء: يجب أن يخطط لمشاريع المسؤولية الاجتماعية مسبقًا بوقت كافٍ ومن خلال التواصل مع جميع فئات المجتمع (بحيث لا تكون خطوة عشوائية لتغطية أزمة طارئة) قبل بلورة الفكرة وتطويرها ومن ثم الإعلان عنها، كما أنَّ جميع الأطراف لها حقوق وعليها التزامات واضحة ومعروفة، مع الإشارة إلى أنَّ هذه المشاريع تكون طويل الأمد، وأهدافها ونتائجها واضحة، حتى يكون لها أثر عميق، ويستشعر المستفيد منها قيمة الدعم.

وبمُقارنتها مع التبرعات، أوضحت شيماء أن التبرعات تخلق أفرادا معتمدين على غيرهم – متواكلين (عالة على المجتمع)، وأفرادا غير مبادرين يعتبرون النفع جزءًا من حقهم، ويكونون أكثر سخطاً إن لم يتكرر توفير المنفعة، وأكثر هذه التبرعات تأخذ شكل فعاليات وأنشطة قصيرة المدى وعشوائية ناتجة عن حاجة عاجلة أو أزمة طارئة، ولا توفر حلولاً جذرية للتحديات وإنما حلولا وقتية ليس لها نمط الاستدامة.

وعن وضع المسؤولية المجتمعية في عمان، قالت شيماء إن العديد من المؤسسات تُقدم تبرعات مالية تأخذ طابع "العمل الخيري" لكنها تروج لها كمشاريع مسؤولية مجتمعية، وينقصها الفهم العميق لكيفية تنفيذ وإدارة مشاريع مسؤولية مجتمعية طويلة المدى، كما ينقصها التقييم ودراسة أثرها، حيث لا يوجد تقييم فعلي محايد لبرامج المؤسسات. وأضافت شيماء أنَّ التواصل المجتمعي الذي يكون بين المؤسسة والمجتمع مباشرة، ليس من الطرق المفضلة للوقوف على احتياجات المجتمع وربطها باستراتيجية المؤسسة، حيث يتوجب إشراك المجتمع مشاركة فعَّالة.

وأضافت شيماء أن للسلطنة جهودا مشجعة لتوجيه مشاريع المسؤولية الاجتماعية نحو تحقيق الاستدامة، لكن هناك بعض التحديات ومنها تدريب وتطوير المهارات الصحيحة للعاملين في مختلف القطاعات لقيادة دفة الاستدامة في السلطنة، كذلك عدم وجود التشريعات والقوانين المنظمة للممارسات المتعلقة بالاستدامة، وعدم وجود التقييم المستمر لبرامج المسؤولية المجتمعية.

تجربة "العمانية للغاز المسال"

وتحدث هلال بن علي السناني نائب الرئيس التنفيذي للمسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة للمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في الأمسية حول دور وتجربة الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في المسؤولية المجتمعية، مشيرا إلى أنَّ الشركة تضع 1% من صافي أرباحها لخدمة المجتمع، وأوضح وجود عناصر مشجعة ومحفزة تدفع المؤسسة لخدمة ودعم المجتمع ومن بين هذه العناصر التي تمتلكها الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال رسالة المؤسسة منذ بدايتها واستمراريتها  لدعم الأعمال والمشاريع المجتمعية وهي دافع لها للمواصلة.

وأشار السناني إلى أنَّ الشركة نظمت أكثر من 6000 مبادرة ومشروع في مختلف القطاعات وفي مختلف محافظات السلطنة، كما أنَّ للشركة مبادرة لإقامة مشاريع كبيرة كل خمس سنوات، منها مشروع مستشفى صور والمشروع العلمي للسلاحف و26 سيارة إسعاف ومركز للتوحد وغيرها من المشاريع والبرامج لمختلف أفراد المجتمع.

وحول التحديات التي تواجه مؤسسات وشركات القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع المسؤولية الاجتماعية، قال إن منها عدم التمكن من تحديد الأولويات لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وعدم وجود مظلة واحدة منظمة لمشاريع المسؤولية الاجتماعية تقوم بتنظيم ومتابعة وتقييم هذه المشاريع. 

واختتم بقوله إن الشركة تتعاون مع "ريادة" من أجل تطوير عمل عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف تحقيق التنمية المستدامة لهذه المؤسسات ويسهم في تنميتها واستمرارها.   

جهود "تنمية نفط عمان"

واستعرض محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة تنمية نفط عمان جهود الشركة في مجال المسؤولية الاجتماعية، مشيرًا إلى أن للشركة العديد من المبادئ تدفعها لتبني مشاريع المسؤولية الاجتماعية ومن هذه المبادئ التركيز على الإنسان الذي هو محور التنمية، كذلك فإن إيمان الشركة الراسخ بأن نجاح الشركة من نجاح المجتمع، كما أن الاستثمار في المجتمع هو من ضمن الأركان التي تقوم عليها الشركة، مضيفاً أن للشركة عدة سياسات في الاستثمار الاجتماعي ومنها التقليل من تأثيرات المشاريع التي تقوم بها الشركة والتي من بينها الآثار البيئية والصحية وغيرها وذلك خدمة للمجتمع، وتعظيم المشاريع التي يمكن تنفيذها.

وأشار الغريبي إلى أن شركة النفط العمانية تركز في مشاريعها في الاستثمار الاجتماعي على البحوث وتنمية البنية الأساسية للمجتمع والمياه والصحة والسلامة. وأضاف أن مشاريع تنمية نفط عمان في التنمية الاجتماعية متعددة مثل بناء المستشفيات وحفر الآبار وتحلية المياه وتمكين النساء ذوات الدخل المحدود في المشاريع التجارية، مشيرا إلى أنّ عدد المشاريع التي تم تنظيمها أكثر من 80 مشروعا بأكثر من 18 إلى 20 مليون ريال عماني.

مدارس المسؤولية الاجتماعية

ومن جانبه أوضح محمد بن مبارك الحسني رئيس الاتصالات والعلاقات التجارية بمؤسسة الزبير أن عدد الشركات الفاعلة في المسؤولية الاجتماعية بالسلطنة لا يتعدى 50 شركة، مشيرا إلى وجود مدرستين في مجال المسؤولية الاجتماعية. الأولى ذكر مؤسسها أن الهدف الرئيسي لأي شركة هو تحقيق الربح والأهداف الأخرى تعتبر أهدافاً جانبية، حيث إن الكثير من الشركات الأوروبية تعتمد على هذه المدرسة، لكن أوروبا تعاملت مع تلك التحديات من خلال وضع القوانين والتشريعات التي تنظم المسؤولية الاجتماعية فيها. أما المدرسة الثانية فقد ذكر مؤسسها أن للشركات أهدافا متعددة من ضمنها الربحية بالإضافة إلى الأهداف الأخرى، وهذه نفس الفلسفة التي تنتهجها شركة تنمية نفط عمان والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال من خلال تنمية البشر والموظفين وغيرها.

وتحدث الحسني عن مفهوم الاستدامة، قائلا: يُمكن استدامة الشركات من خلال تحقيقها لأهدافها في البيئة المناسبة، بمعنى أن يكون هناك استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، حيث إنه إذ لم تتوفر تلك العوامل لن تتمكن من تحقيق أهدافها. وأوضح أن الاستقرار يكون في المنطقة التي تقع فيها الشركة، فبعض الأحيان يتطلب من تلك الشركة أن تصنع علاقات طيبة مع سكان المنطقة التي تعمل فيها.

وأضاف الحسني: حاليا ترتبط المسؤولية الاجتماعية بموضوع التقبل المجتمعي، حيث يجب على الشركات بعد الحصول على الموافقات الحكومية أن تحصل على موافقات من المجتمع التي تُمارس فيه عملها، وإذا لم تبنَ هذه الموافقات ببرامج طويلة المدى في أي لحظة يُمكن أن تلاقي هذه الشركات تحديات ومخاطر. وأكد أنَّ قطاع المسؤولية الاجتماعية كان سابقا عبارة عن تبرعات ودعم المجتمعات الأهلية، أما الآن فقد تطور لبناء مؤسسات وغيرها من الخدمات طويلة المدى.

 

تعليق عبر الفيس بوك