حقيبة ورق

عمان على قلب رجل واحد

حمود بن علي الطوقي

عندما تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - مقاليد الحكم في عمان في بداية عام ١٩٧٠ كان همّه الأول توحيد البلاد من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها والتف حوله الشعب العُماني ملبين دعوة جلالته من أجل بناء دولة عصرية. وقال جلالته مخاطبا شعبه الوفي "سأعمل بأسرع ما يمكن لأجعلكم تعيشون سعداء،"

كان المواطن العُماني هو محور الارتكاز لرؤية جلالته -حفظه الله -لأنّه يستحق أن يعيش حياة كريمة مليئة بالنشاط والحيوية، ومنذ تلك اللحظة والنظرة الثاقبة لجلالة السلطان لم تغفل في تنمية قدرات المواطن العُماني، وَمِمَّا قال جلالته - حفظه الله- وهو يشير إلى بناء دولة عصرية مكتملة الأركان "يد تبني ويد تحمل السلاح". من خلال هذه النظرة العميقة فنجد أنّ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - رسم لعمان السياسة الداخلية الخارجية للسلطنة، منذ أن تولى الحكم في السلطنة، وذلك من خلال اشتغاله على جعل السلطنة دولة متماسكة متحدة على المستوى الداخلي وصديقة لدول العالم قاطبة، ومضرب المثل في العلاقات البينية المبنية على أسس التوافق والسلام والحوار، بعيدا عن الحروب والدمارات التي لا يدفع ثمنها سوى الشعوب ذاتها، كل ذلك بما يحقق للسلطنة وشعبها ذلك الشعور بالاختلاف الإيجابي في التوجهات، والاستقلالية في ثقافته ورؤيته، والانسجام مع حضارات العالم وثقافاته المختلفة .

اكتب هذا المقال وأنا أستحضر مكانة المواطن العُماني الذي استطاع أن يحقق أعلى معدلات النجاح وبتفوق وبامتياز، مضربا للمثل في تكاتفه ليحقق رغبة جلالة السلطان في أن يجعل من عمان بلدا نموذجيا في الوحدة والمصير. وقد ظهرت الوحدة العمانية للعيان في تكاتف العمانيين في السراء والضراء، وخير شاهد على ذلك التفاتهم لبعضهم البعض في مواجهة الصعاب ضاربين أروع الأمثلة في تحقيق مفهوم الوحدة الوطنية.

استذكر وأنا أكتب هذا المقال شجاعة العمانيين إبّان اعصار جونو الذي الذي دمّر جزءا كبير من البنية التحتية عام ٢٠٠٧ وتشابكت أيدي العمانيين ومضوا خلف قائدهم لإعادة بناء ما دمره الإعصار وكان العمانيون كلهم على قلب رجل واحد يعملون بصمت لإعادة شموخ بلدهم وتحقق ما أرادوا لتعود عمان شامخة رافعة راية المحبة والرخاء من أجل أن يعيش المواطن في هناء وثياب.

هذا المشهد يتكرر الآن من خلال إعصار ميكانو المدمر الذي ضرب محافظة ظفار والوسطى هذا الإعصار عندما اقترب من سواحلنا رغم قسوته وجد العمانيون كما هم؛ متحدين متعاونين هذا التلاحم جعل العالم ينظر إلى عمان بنظرة إعجاب.

هذه المناخات المتعددة، التي تعكس محبة الشعوب للعمانيين، تشير إلى حقيقة راسخة، أثبتتها عقود من السياسة العمانية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، وهي انعكاسات تدعو إلى التلاحم والإيمان بالسلام، والعمل به، والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح في النهج العُماني الذي يدعو إلى المحبة، والنأي عن الدخول في صراعات وتحزبات وطروحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، مما جعل المواطن العُماني إيجابيا ومؤثرا ويشار إليه بالبنان.

اللهم اجعل هذا البلد آمنا واحفظ والدنا جلالة السلطان قابوس المعظم.