علماء تحت المجهر ٣

ناصر العبري

محافظات السلطنة وولاياتها وقراها تزخر بالشواهد التاريخية والثقافية والعلماء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل تعليم الأجيال الماضية في أمور دينهم وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام دون أي مقابل في خدمة للوطن وأبنائه ومن خلال سلسلة مقالاتي وجدت من الواجب والزاما علينا أن نذكر بهم أبناءنا من الجيل الحالي وأتناول سيرة هؤلاء رجال العلم بين فترة وأخرى. واليوم أسلط الضوء في مقالي على سيرة المرحوم بإذن لله تعالى الواعظ الديني ومعلم القرآن الكريم أحد أبناء بلد العراقي بولاية عبري؛ المرحوم عبدالله بن فهمان الرجيبي الذي ولد وترعرع وتعلم فيها، أدى الواجب الوطني وخدم في الجيش السلطاني العماني حتى تقاعد، ومن ثمّ التحق بإدارة الأوقاف والشؤون الدينية بولاية عبري كواعظ ديني ومعلم للقرآن الكريم في العطلات الصيفية. كان رحمة الله عليه واسع الاطلاع في كتب الدين والسنة النبوية الشريفة والتاريخ العماني، ويحرص على اقتناء الكتب التاريخية والدينية حتى كوّن مكتبة زاخرة في منزله. كما كان رحمة الله عليه محبوبا من مختلف شرائح المجتمع كما كان حريصا كل الحرص على زيارة الناس وخصوصا كبار السن والمرضى سواء في منازلهم أو في المستشفيات. كما كانت له بصمات في بناء مدرسة الفرقان لتعليم القرآن الكريم في بلده ويحرص دائمًا على إقامة حلقات الذكر في مسجد ذي النورين في بلد العراقي والقرى المجاورة وإقامة المحاضرات خصوصا في شهر رمضان المبارك.

كان لا يتوانى في تصحيح ما يراه من أخطاء عند الشباب وغير الشباب، ورحوما بالعمالة الوافدة حيث كان رحمة الله عليه إذا رأى أحدا من الوافدين على الطريق يقف له ويقوم بتوصيله إلى الجهة التي يقصدها ويقدم لهم المساعدة والعون، لقد اكتسب محبة الناس وثقتهم كما كان حريصا على تسوية الخلافات الأسرية بين الناس والعمل على تصحيح بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس حتى أصبح الناس يقصدونه لحل مشكلاتهم، واستشارته في أمور دينهم وحياتهم سواء العمانيين أو الوافدين. وله في الأعمال الخيرية باع طويل. رحم الله الشيخ الجليل، الذي بذل ما بوسعه للمساهمة في تربية الأجيال، والإصلاح بين الناس، وتعليمهم أمور دينهم. كما كان المرحوم على علاقة وثيقة وتواصل مستمر مع مشايخ العلم في السلطنة ومنهم سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة وفضيلة الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي والشيخ سعيد القنوبي والشيخ محمد بن زاهر العبري والشيخ أحمد بن حمد العبري يتعلم منهم ويسترشد بنصحهم. كما كان الفقيد يحرص على مرافقة حملات العمرة والحج وخصوصا حملة البلوشي للحج والعمرة، فقد كان بمثابة الواعظ والمرشد الديني لهم في رحلاتهم للديار المقدسة حتى وافته المنية في حادث سير مع الحملة في طريق السيل الكبير بالمملكة العربية السعودية سنة 2015م. رحم الله الشيخ الجليل وأسكنه جنات النعيم.