ضربتان في الرأس.. توجع!

خلفان الطوقي

في الأول من مارس من هذا العام قرر مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة منح فترة سماح لفترة ٣ أشهر للشركات والمؤسسات التجارية لدفع ضرائب البلدية والبلديات الإقليمية، بمعنى أن يتم الدفع بتاريخ ١ يونيو ٢٠١٨م، أي بعد أقل من أسبوعين من اليوم، كما قرر المجلس تشكيل فريق عمل لتقييم الآثار المترتبة على تلك القرارات، قرار تأجيل تطبيق القرار ترك أثراً طيباً لدى الشركات وأصحاب الأعمال، لعل وعسى أن تراجع الحكومة الآثار السلبية وتقوم بإلغاء القرار بالكامل وتتدارس القرار، ولكن إلى لحظة كتابة هذا المقال لا يوجد أي مستجدات حول قرار الإلغاء النهائي لرفع رسوم البلدية والبلديات الإقليمية.

كتبت مقالة في تلك الأثناء عن الآثار الإيجابية لقرار التأجيل أو كما سمي في القرار "فترة سماح"، لكي يستطيع فريق العمل المشكل أن يرفع توصيات الدراسة وتقييم آثار رفع الرسوم في هذا التوقيت الحرج والحساس، وكمُتابعين للوضع الاقتصادي نتمنى أن يُوصي الفريق بإلغاء القرار برمته أو مُراجعة بعض الرسوم الفلكية التي أقرت ولكنها لم تطبق لاستياء الجميع منها.

 

أدعو الحكومة مُمثلة في مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة أن يؤجل هذا القرار إلى أجل غير مسمى وإلى أن يتعافى الاقتصاد بشكل تام، وأتمنى أن يأخذ عددا من الاعتبارات أهمها: أن معظم شركات القطاع الخاص تُعاني ومعظمنا يعلم ذلك، ورفع الرسوم والضرائب عليهم يعني أن نطلب منهم الإغلاق، وللعلم فإنَّ أكثر المتضررين من هذا القرار سيكونون الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يعني أنَّ الحكومة تناقض نفسها بنفسها، فمن ناحية ترفع الحكومة شعارا أنها تدعم هذه الفئة من الشركات، وفي الجانب الآخر فإنها ترفع عليهم الرسوم، مع العلم بأن معظم الشركات الكبرى بدأت في تقليص مصاريفها وعمالها لقلة الأعمال والمناقصات التي تحصل عليها من الحكومة، وهذا مؤشر واضح بأنّ الوضع الاقتصادي يمر بمرحلة حرجة وانكماش واضح، والحكومة لديها خيار في هذه الظروف إما الدعم والمساندة أو التضييق، ويكمن في القرارات الاقتصادية المطبقة في أرض الواقع.

من المعلوم أنَّ مؤسسات القطاع الخاص وقعت اتفاقات تسليم الأعمال مع زبائنها ومورديها بموجب أسعار معينة، وأي زيادة للرسوم سيقابلها ربكة لدى كل الأطراف مما سينعكس على الزبون النهائي وهو المواطن والمقيم، فكما هو معروف فإن الاقتصاد سلسلة مترابطة، وأي تغيير في الضريبة أو الرسوم المفروضة على التصاريح أو الخدمات سيصل أثره إلى كافة الأنشطة التجارية وبالتالي سيصل أثره إلى الفرد، وإن أعلنت الحكومة أنها لن تمس حياة الفرد، لكن في الواقع حياة الفرد ستتأثر سلباً أو إيجابًا بأي قرار يخص الأنشطة التجارية.

في المؤتمر الصحفي الموسع الذي أقيم قبل الإعلان عن رفع الرسوم شد انتباهي معلومتان هامتان قالهما أحد ممثلي الحكومة حينما قال إنّ الحكومة تأخرت كثيرا في رفع الرسوم، وإن رسوم الأنشطة التجارية الأقل على مستوى الخليج، وكأنه يعترف - دون أن يدري - أن هذا الخطأ هو من الحكومة، وليس من القطاع الخاص، فهل من المناسب تصحيح الخطأ في الوقت الخاطئ، فإن كان الوضع الاقتصادي الآن ضعيفاً، فإن تطبيق رفع الرسوم حالياً سيضعفه أكثر فأكثر وستكون آثار ذلك وخيمة جدا، أما بالنسبة للملاحظة الثانية، ربما رسومنا تكون الأقل على مستوى الخليج، لكن علينا أن نقارن القوة الشرائية والتعداد السكاني ونسبة الأجانب إلى العُمانيين والمساحة الكلية للدولة وعدد التصاريح الممنوحة لكل نشاط وعوامل اقتصادية أخرى لكي تكون المقارنة واقعية تتبعها رسوم واقعية.

عمان مُقبلة على رسوم أو ضرائب إضافية في بداية عام ٢٠١٩م، والتي تسمى ضريبة القيمة المضافة والتي سوف يكون لها أثر كبير على شركات القطاع الخاص وحياة المواطنين والمقيمين، وقبلها في عام ٢٠١٧م، تم رفع رسوم بعض الخدمات الحكومية، ونية الحكومة رفع الرسوم والتصاريح الحكومية في بداية يونيو المقبل، كل ذلك سيكون مؤثراً ومؤجعاً، وما علينا إلا أن نُذكر الحكومة ونقول لها "إن ضربتين في الرأس توجعان" فما بالك إن كانت أكثر من ضربتين.