شعاع الشمس.. ذهب لا يصدأ

المعتصم البوسعيدي

يُقال إن الكتاب يُقرأ من عنوانه، وفي الموسم الكروي الحالي كانت عناوين الكتاب واضحة منذ البداية رغم سقوط بعضها كحال نادي ظفار الذي أستعد جيدًا وظهر عنوان دفاعه عن اللقب من خلال طموحات إدارته، لكن "جرت الرياح بما لا تشتهي السفن"، أما العنوان الأبرز الذي تُرجم واقعيًا فقد كان نادي السويق بطل الدوري قبل أربع جولات من النهاية، وبإحصائية نقطية قد تصبح الرقم القياسي الجديد في دورينا.

نادي السويق يحظى بدعم كبير من قبل صاحب السمو السيد فاتك بن فهر أيقونة النادي ومصدر توهجه عبر مسيرته التاريخية، وعلى أثره المستمر أقتفى ابناؤه من أصحاب السمو طريق الوفاء؛ فكانوا ــ ولا زالوا ــ سندًا النادي ووتد فخره ومجده المشع، علاوة على أعلام إدارية ورياضية وإعلامية معروفة، ومن خلفِهم جمهور عاشق للشعار، مفتون بالكرة، عارف بأحوالها وأجوائها، كل ذلك والسويق بالتعريف العُماني الخالص يُعد "مندوس" اللاعبين؛ حيث يكاد لا يخلو نادٍ في عُمان من لاعبي فخر الباطنة وشعاع شمسها الساطع.

لقد كان استقطاب اللاعبين قبل بداية الموسم، وعودة بعض الطيور المهاجرة، والتعاقد مع مدرب بحجم "بلاتشي" عوامل رئيسة في صناعة فريق منافس على لقب الدوري، وما تحقق في الدور الأول عزز من ترشيحات الفريق للبطولة، بل جعلها محسومة ــ بشكل نظري ــ قبل أن يحدث فقدان التوازن لسبب أو لآخر، فساهم ذلك في ضياعِ لقب الكأس، مع ظهور هزيل في البطولة الآسيوية، ومن ثم اقتراب نادي الشباب من الصدارة، فكان العلاج "بالكي" السريع؛ فرحل "صائد البطولات" عن دفة القيادة الفنية وعاد العراقي الحكيم "حكيم شاكر" بسيناريو متكرر، ونجح الفريق ــ مرة أخرى ــ في بسط سيادة الأصفر بمنظومة عمل حمل لواءها "فارس" شاب مُلهم؛ فتناثر الفرح على امتداد إحدى أكبر ولايات السلطنة ــ إن لم تكن أكبرها ــ وأرتسمت السعادة على ضفاف خليج عُمان الأزرق، وعلى جبال الولاية الشامخة، وأسوارها الحاضنة للمحبة، وحصونها الحصينة بالسلام، وأفلاجها المتدفقة بالرضا، وبواديها الهادئة وسهولها الخصبة. فرحٌ وسعادة أهتز معها نخل نديم الشعر السامق؛ فتساقط تبر معاني على وقعِ غناء القمر.

إن نادي السويق يُصنف ــ اليوم ــ كأفضل أندية السلطنة خلال العقد الأخير من الألفية الجديدة؛ فقد أشرقت شمسه بعد سنوات طويلة من العتمة، شمسٌ يجب على شُعاعِها أن يظل متوهجاً، وعلى كل من يقف خلف هذا النادي السعي لزرعِ المؤسسية في هيكلته، والرقي به نحو أبعد مما تحقق، ومساندة الداعمين من رجال السويق الأوفياء في تشكيل منظومة عمل دائمة، وفي اعتقادي ــ وأحسبه ظن الكثيرين ــ أنَّ السويق تستحق بنية تحتية أفضل عن الموجودة بما فيها مجمع أو إستاد رياضي رغم أنَّ مجمع الرستاق الرياضي ــ الجاري إنشاؤه ـ سيكون حلاً ناجعاً في هذا الجانب. وفي السويق تكبرُ الأحلام مع وجود فرق أهلية لها صيت ِذائع، وتتعالى الطموحات في ظل أسماء رياضية محلية وخارجية تحمل تاريخاً لامعاً، وفي السويق الكرة نمط حياة، والانتماء سجية بشر، وفي السويق ينساق الحب وتنجلي عتمة الأشياء بشعاعِ شمسٍ أقربُ للذهبِ الذي لا يصدأ، ولذلك كله نجد السويق ــ دائماً ــ في صدارةِ المُتنافسين.