"عفاف وكفاف".. إلى أين؟!

سليمة المشرفية

 

حضرت الاجتماع العام الذي عقد من أجل أخذ آراء المجتمع حول مبادرة عفاف وكفاف التي تهدف إلى التقليل من أعباء تكاليف الزواج الباهظة.

وعقد مثل هذه الاجتماعات ينم عن فكر راق يهدف إلى إشراك جميع فئات المجتمع لاتخاذ القرار المناسب حول قضاياه المهمة وينم أيضا عن تفشي هذه الظاهرة والتي ساقت المسؤولين إلى محاولة إيجاد سقف لهذه المظاهر التي أثقلت بدورها ظهر المواطن البسيط فصار الزواج من الأحلام المستحيلة بالنسبة إليه.

لقد شرع الإسلام الزواج من أجل إحصان الفرد وصيانة المجتمع من تفشي الفواحش وجعله يسيرا ميسرا؛ فلقد تزوّجت بعض النساء في عهد النبوة مقابل خاتم حديد بل ومقابل حفظ سورة من القرآن وغير ذلك من المهور الرمزية البعيدة كل البعد عن الماديات. وهذا يدل على الوعي المرتفع الذي أحدثه الإسلام في تلك القلوب مما جعلها في حصن حصين عن التعلق بالماديات والمظاهر الزائفه

ويدل أيضًا على مكانة الزواج في الإسلام الذي جعله ميثاقا غليظا وهو حق لكل فرد بالمجتمع متى ما رأى في نفسه القدرة المادية والمعنوية لتحمل أعباء الزواج وقد قال عليه الصلاه والسلام"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج" وتيسير الزواج هو مقصد من مقاصد الشريعة الغراء.

كما أن مسألة تحديد المهر دارت في خلد الكثيرين وأول من دارت بخلده هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي هم بتحديد المهر من أجل التيسير على الشباب فقامت له امرأة وتلت له قوله تعالى"وإذا أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا" النساء

فرجع عن ذلك وقال قولته الشهيرة "أخطأ عمر وأصابت امرأة"

وفي عمان تم تحديد سقف المهر في العقد الثامن من القرن المنصرم ليصبح ألفي ريال فقط كسقف أعلى 

إلا أننا لا نستطيع الجزم بنجاح تلك المبادرة أو فشلها

لأننا نعيش في مجتمع متعدد الفئات والأفكار والعادات مما يجعل تطبيق مثل هذه المبادرات من الأمر العسير. ومن وجهة نظري فإنّ الأولى عن قضية تحديد المهر بمبلغ معين هو نشر الوعي والفكر الأصيل في المجتمع واجتثاث المشكلة من جذورها..

إنّ طغيان النظرة المادية والتركيز التام على المظاهر الزائفة والرياء هي التي أفرزت هذه التكاليف وحولت الحياة الزوجية فيما بعد إلى جحيم لا يطاق، وعاما بعد عام يشهد مجتمعنا ميلاد بدعة جديدة تضاف إلى تكاليف الزواج ابتداء بالمهر مرورا بالوليمة وليس انتهاء بالقاعة والكوشة إلى غير ذلك من المظاهر؛ مما يجعل الزواج أملا يصعب مناله.

وأفضل الحلول لهذه الظاهرة هو الرجوع إلى الماضي؛ نعم الرجوع إلى الماضي الجميل الذي ابتعد الأغلبية عنه مما جعل أعراسهم جسما بلا روح، فقد كان الاحتفاء بالأعراس يتم في بيت العروس مع وليمة متواضعة ويحيي الحفل أصحاب الحفل بالأغاني التراثية الراقية مما يجعل يوم العرس يوما بهيجا على كل أفراد الحارة ليس فقط أسر العروسين وهنا يبرز التكافل والتعاون المجتمعي من حيث التكاليف والقيام بالأعمال، وإن كان هناك من قرار تأديبي يجب اتخاذه فهو ضد من ينشر كل هدية أو مهر إلى غير ذلك من الخصوصيات التي جعلت الكل يريد مثلها غير آبهين بمقدار الرزق في يد هذا أو ذاك، لقد خلق الله الناس متفاوتين في الرزق وهذا يجعل تحديد المهر أو الإتيان بالهدايا أو إقامة الاحتفالات هي خصوصية لدى كل شخص "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله" - سورة الطلاق.

ومع وجود مواقع التواصل نشرت هذه الخصوصيات التي لها بالغ الأثر على الذين لا يستطيعون تحمل أعباءها مما يجعلهم في ضيق من أمرهم وتؤدي في حالات كثيرة إلى الطلاق وضياع الأسرة.

إن مثل هؤلاء العابثين بمشاعر الناس يجب أن يؤدبوا حتى يرتدع من ابتلي بمرض الرياء الذميم، ويغلق ملف هذه الظواهر إلى الأبد.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك