اتحاد السلة.. "سلم المفتاح للوزارة وارحل"

 

 

العام 1982 كان عامًا دراسيا استثنائيا بالنسبة لي وبقية الزملاء والسلك التدريسي؛ فقد شهد هذا العام انتقالنا من مدرسة "العرشان"، وما أجملها، إلى المدرسة الجديدة التي شُيدت بأحدث المواصفات حينها، وزودت بالمكاتب الإدارية والفصول والمختبرات الدراسية، وبمرافق أخرى كُنا ننظر إليها على أنها تقع تحت بند الترف، إلا أنَّها في حقيقة الأمر كانت ترجمةً لنظرة ورؤية مستقبلية حاذقة ومخلصة في أن تسابق بلادي الزمن؛ لتتمكن من مزاحمة الأمم المتطورة.. أتحدث هنا عن ملاعب لكلٍّ من كرة القدم والطائرة والسلة وطاولة لتنس الطاولة جُلبت لاحقا.

أي أنَّه وقبل ثلاثة عقود ونيف، فإن أجندة النهضة العمانية الحديثة حملت معها الاهتمام الكبير بمتطلبات الشباب الرياضي وتطلعاته من أجل ممارسة مختلف الرياضات كهواية، ومن ثم لا بأس من وضع السلطنة ضمن خارطة العالم والتعريف بها... قبل 36 عاما داعبت وزملائي كرة برتقالية كبيرة لا زلت أذكر أن أول حصة لكرة السلة قدَّمها لنا أستاذ الرياضة المصري محمود السماني، كانت كيف أضع الكرة في السلة، واليوم كانت ولا تزال أنديتنا ومنتخباتنا "محلك سر"، و"خطوة تنظيم" في مكانها، هي كلعبة موجودة، ولديها اتحاد وجمعية عمومية، إلا أنها تكاد تكون اللعبة الوحيدة التي لم نحقق بها أي شيء.

سؤالي للوسط الرياضي: هل تعرف أن السلطنة تستضيف حاليا "البطولة الخليجية لكرة السلة"، ونزوى يُمثل السلطنة؟! ولست هنا بوارد تحليل نتائجه بالبطولة، فهذه محسومة سلفا، ولم يأتِ بجديد، والنتائج واقعية، ولن نُطالبه بأكثر من ذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه، والحق أن الفريق قاتل بقوة قدر المستطاع، وقدم مستوى جيدا ولكن البون شاسع، فبجانب الإعداد المتواضع وفقدانه لأبرز نجومه هذا الموسم مثل فيصل الجامودي ومحمود الصولي وقاسم الصبحي؛ تعكس النتائج واقع هذه الرياضة، والحجم الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق اتحاد اللعبة.

الحقيقة أن هذه النتيجة وغيرها إنما هي ترجمة لتراكمات سوء إدارة اللعبة منذ إشهار اتحادها وحتى اليوم، الاتحاد الحالي يعيش دورته الثانية، وكان قد أطلق طقطقات إعلامية تتحدث عن إستراتيجية، ويريد أن يستكمل ما بدأه، واليوم نعود ونسأله عنها وما الذي حققته؟ وهنا سأنيب عن الاتحاد في الإجابة: 7 أندية تمارس اللعبة، وطبيعي جدا أن تكون جمعيته العمومية متواضعة وغير فاعلة، وجودها محدود مدرسيا، النادي يلعب موسما كاملا 15 مباراة، موارد مالية محدودة تعتمد كثيرا على الدعم الحكومي، والتسويق ليس في قاموسه، وإلا لما استضفنا بطولة إقليمية بهذا الحجم من الحضور الفني، بوجود فرق خليجية عالية المستوى، ولم تُستغل تسويقيا أو إعلاميا؛ فمع النقل التليفزيوني للقناة الرياضية مشكورة، فقد أُوكل لإعلامي اجتهد لنشر أخبارها، وبنمط تقليدي لدى مؤسسته الإعلامية.

شخصيًّا وزملاء آخرون، ندرج هذا الاتحاد ومن على شاكلته تحت بند "اتحادات الظل"، فهي تتوارى عن الإعلام، وتعمل في الظلام كي لا تظهر إخفاقاتها، وهذا عُقم في التفكير؛ فالإعلام شريك أصيل للرياضة، ويضمن نجاحها وتفوق ممارسيها، نحتاج لتوسيع قاعدة اللعبة ونشرها وتحفيز باقي الأندية لتفعيلها بتقديم الدعم والحوافز لها؛ مثل: التعاقد مع مدربين وطنيين ممن قدموا الكثير للعبة؛ أمثال: محمد القسيمي ونادر البحراني وحنيف البلوشي وحمود العميري وسمير البوسعيدي وشفيق البوسعيدي ومرشد عباس ويعقوب الصبحي وسلطان المحروقي وسعيد الحبسي وعبدالله العبدلي وخالد البوسعيد، والقائمة تطول، لو تم توزيعهم على الأندية، ولا بأس من الاستعانة بالأجانب ودفع جزء من مكافآتهم.. التسويق مطلب مهم وملح ليتخلى الاتحاد عن شماعة محدودية الموارد المالية.

أعتقد أن الإتحاد الحالي لن يأتي بجديد، وإذا كان لا بد أن يستمر في دورته الحالية، فمن الجيد أن يسعى لترك بصمة، أو أؤكد على مقولة لزميل إعلامي حين قال: "سيجدون بناية كبرى شمال دوار روي، فليتركوا مفاتيح باب الاتحاد هناك ويرحلوا".. فقد طفح الكيل.