تصديق المجتمع للنمو الاقتصادي

فايزة الكلبانية

لا يزال اقتصادُنا الوطني يواجه العديد من التحديات؛ سواء كانت نتيجة لعوامل داخلية تتعلق بالسياسات، أو خارجية متأثرة بتذبذب أسعار النفط، وتطورات حركة التجارة العالمية، لكنَّ المؤكد أنَّ الجهود المبذولة لتحقيق التعافي تتواصل، بل وتؤتي أُكلها في عدد من القطاعات، بدليل توقعات صندوق النقد الدولي بأن تحقق السلطنة أعلى معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي بين دول الخليج مجتمعة العام المقبل، وهو أمر لو تعلمون عظيم، رغم الفوارق الكبيرة بين حجم اقتصادنا وأحجام هذه الاقتصادات، إلا أن ذلك يبرهن على بلادنا بقيادتها الحكيمة تسير على الدرب الصحيح، وإن تأثر المواطن، لكن تظل سياسات الحماية الاجتماعية قائمة، ولعل أبرزها برامج الدعم المختلفة.

ويبدو أن قطاعا من المواطنين لا تصله هذه الرسائل الإيجابية، ونحن لا نلومه، فليس مطلوبا من كل مواطن أن يكون خبيرا اقتصاديا، أو محللا في شؤون الميزانية، لكن في المقابل لا ينبغي عليه أن ينجر انجرارا وراء ما يُثار على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يتعاطى مع ما يتم إعلانه رسميا من المؤسسات المعنية.. لا نقول بأحادية المصادر الإخبارية، بل على أقل تقدير الاستماع للأكثر موثوقية.

ومن أبرز الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع الإعلان عن تعيين 24945 مواطنا ومواطنة بمختلف مؤسسات القطاع الخاص، خلال الفترة من 3 ديسمبر الماضي وحتى 23 أبريل الجاري، وهو ما يعني أن الحكومة أنجزت ما نسبته 99.78 في المئة من برنامج توفير 25 ألف وظيفة، وهو تقدم مؤثر جدا في ملف الباحثين عن عمل، لكن في المقابل يرى البعض أن هذه الأرقام غير دقيقة، بل ووصل الأمر إلى التشكيك في حقيقتها بالكامل.. أين الخلل إذن؟ أعتقد أن الأزمة تتمثل في آلية التواصل مع هؤلاء، الذين يعانون من الأفكار السلبية التي تجعلهم يشككون في كثير من الأحداث من حولهم. لكن المؤكد أن الأرقام الحكومية تعكس واقعا حقيقيا، يبرهن على أن هؤلاء الخمسة وعشرين ألفا قد حصلوا على وظائف.

هُناك جهود تُبذل لا يستطيع أحد إنكارها؛ منها: تنويع مصادر الدخل، وهنا أعود أيضا للأرقام، التي هي لغة الاقتصاد، والعوائد المتحققة من ارتفاع الصادرات غير النفطية خير شاهد على ذلك. فقد بلغ فائض الميزان التجاري للسلطنة العام الماضي ملياري ريال عماني، وقفز حجم الصادرات غير النفطية بنسبة تفوق 32%، وهذه أرقام منشورة وموثقة، وتؤكد مصداقية ما نشير إليه، فلولا الجهود ما تحقق ذلك الإنجاز. وفي المقابل، هل هناك قصور في عدد من الجوانب؟ الإجابة: نعم، فكلنا لا نتصف بالكمال، لكننا نأمل أن يؤدي كل مسؤول مسؤوليته التي كُلف بها أمام المجتمع.

ولمواصلة التعافي الاقتصادي، تعمل المؤسسات على جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، بما يضمن توفير فرص العمل للشباب والفتيات من الأجيال الجديدة، وكذلك رفد اقتصادنا الوطني بموارد ومصادر دخل متنوعة، بدلا من الاعتماد الأحادي على عائدات النفط والغاز. ورغم ذلك، لم تغفل الحكومة مواصلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، لكن عبر تحقيق قيمة مضافة، تتجاوز الصناعة التقليدية المتمثلة في استخراج النفط وبيعه خاما، ولعل أبرز مثال على ذلك الاحتفال المقرر اليوم الخميس بوضع حجر أساس مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة الدقم، والتي نعول عليها الكثير في تعزيز حركة الاستثمار بالدقم والاقتصاد الوطني بشكل عام، وخلق فرص أعمال واعدة

هذا الحراك الاقتصادي الذي نلمسه بأنفسنا في شتى القطاعات، كفيل بأن يظهر الحقيقة لمن لا يكفون عن بث رسائل سلبية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أحاديثهم.

وأخيرا.. أهمس في أذن مسؤولينا بأهمية تسريع وتيرة العمل، لاسيما فيما يخص التحول الإلكتروني؛ لأن الخدمات الحكومية المقدَّمة للمواطن هي التي ستشعره بحجم ما تحقق، كما أجدد المطالب المنادية بطرح تخصصات تواكب الثورة الصناعية الرابعة، وعصر إنترنت الأشياء، وهي جهود عندما تتحقق ستخلق دفعة هائلة في اقتصادنا.

faiza@alroya.info