مجلس الشورى ووسائل التواصل الاجتماعي

 

ماجد بن ناصر الهنائي

جامعة السلطان قابوس

قسم اللغة الإنجليزية

مع وصول التجربة الشوروية العمانية إلى مرحلة النضج بالصلاحيات التشريعية والرقابية التي تفضل المقام السامي (حفظه الله ورعاه) بمنحها لمجلس الشورى، يبدو أنَّ هذه التجربة الرائدة ينقصها عنصر "العصرنة"، بما يُفيد ويتوافق مع ثوابت المجتمع العماني ويخدم أهداف التنمية. وأحد أهم عناصر عصرنة الحياة، عموماً، هو استخدام التكنولوجيا الحديثة. ولذلك وضعت دراسة أكاديمية تبحث في مدى وأهمية وضرورة استخدام أعضاء مجلس الشورى، المحترمين، لمنصات التواصل الاجتماعي للتواصل مع من يمثلون في المجلس الموقر. وفي ما يلي، أقوم بتلخيص الدراسة ومن ثم طرح نتائجها والتوصيات بشأنها.

تطرقت الدراسة، والتي كانت بعنوان "إلى أي مدى تسهِّل شبكات التواصل الاجتماعي المشاركة السياسية والتواصل بين أعضاء مجلس الشورى والمجتمع"، لمدى استخدام أعضاء مجلس الشورى لوسائل التواصل الاجتماعي لإدارة حملاتهم الانتخابية، وكذلك لفوائد استخدام أعضاء مجلس الشورى والمجتمع لوسائل التواصل الاجتماعي من أجل التواصل في ما بينهم. تم جمع البيانات عن طريق استبيان شارك فيه 50 من طلاب وموظفي جامعة السلطان قابوس و93 مواطناً من خارج الجامعة، وكذلك مقابلتين مع اثنين من أعضاء مجلس الشورى، يستخدم أحدهما وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الجمهور بينما لا يستخدمها الآخر لأغراض مجلس الشورى.

      توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:

1. أظهرت الردود في الاستبيان، بنسبة 91%، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل على كسر الحواجز بين أعضاء مجلس الشورى والمواطنين.

2. أظهرت الردود، بنسبة 93%، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أسرع من استخدام الطرق التقليدية للتواصل مع المواطنين.

3. أظهرت الردود، بنسبة 87%، أن استخدام أعضاء المجلس الموقر لوسائل التواصل الاجتماعي يبقيهم على اتصال مستمر مع المواطنين، مما يؤدي إلى انعدام الحاجة لاستخدام المعارف المقربة من الأعضاء من أجل الالتقاء بهم.

4. أظهرت الردود، بنسبة 85%، أن استخدام أعضاء المجلس لوسائل التواصل الاجتماعي يزيح عنهم ضغط المواعيد المحجوزة من قبل المواطنين للقائهم ومناقشة متطلباتهم وقضاياهم.  

5. أظهرت حوالي 65% من الردود أن أعضاء المجلس يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي خلال حملاتهم الانتخابية بغرض الترويج وكسب ثقة المواطنين والوصول إلى شريحة كبيرة منهم، ولكن بعد فوزهم بعضوية المجلس الموقر فإنِّهم يتوقفون عن استخدامها.

6. أظهرت النتائج أن معظم أعضاء مجلس الشورى لا يمتلكون حسابات فعالة على منصات التواصل الاجتماعي، وأن بعضهم لا يمتلكون معلومات كافية عن كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

7. أظهرت نتائج الأسئلة المفتوحة أن بعض أعضاء المجلس يتجاهلون واجباتهم تجاه المواطنين بعد الحصول على عضوية المجلس، ويتجهون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية فقط.

8.  أكد أحد أعضاء مجلس الشورى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي هي الطريقة الأنسب للوصول إلى شريحة كبيرة من مختلف فئات المجتمع، وأنه يجب على كل عضو المسارعة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق أهداف المواطنين ومتطلباتهم.

      ولذلك فإنِّ هذه الدراسة توصي بالآتي:

1. ضرورة انتقال أعضاء المجلس الموقر من استخدام الطرق التقليدية للتواصل مع المواطنين إلى استخدام طرق أكثر حداثة، مواكبة لتغيرات العصر الحديث، وذلك عن طريق امتلاك حسابات فعالة على منصات التواصل الاجتماعي من أجل تسهيل عملية التواصل مع المواطنين.

2. يجب على أعضاء المجلس البقاء على اتصال مستمر مع المواطنين الذين يمثلون، واستعمال كافة الطرق للمحافظة على الوعود الانتخابية التي أقسموا على الوفاء بها من أجل خدمة أبناء وطنهم.

3. يجب على كل عضو كسب الثقة الممنوحة له من قبل المواطنين الذين يمثلهم ومتابعة تطلعاتهم وأهدافهم باستخدام شتى الطرق المعاصرة.  

4. إنشاء منصة تختص بالتواصل الاجتماعي المباشر بين أعضاء المجلس الموقر ومَن يمثلون، ويطلق على هذه المنصة اسم "البرزة"، لسبب مهم سوف نأتي على ذكره لاحقاً.

5. إنشاء قسم يتبع المجلس الموقر يختص بإدارة منصة البرزة التواصلية لمتابعة حجم التواصل والتفاعل بين أصحاب السعادة الأعضاء والمواطنين الذين يمثلون. 

وحتى لا يظن أحد أننا نبتدع شيئاً لم تسبقنا إليه التجربة الحضارية العمانية، فإننا نؤكد أن النظام السياسي والاجتماعي في عُمان كان يتضمن عنصر التواصل المباشر بين القادة والشعب، من خلال نظام البرزة، وهو نظام المجالس اليومية المباشرة بين القادة والمسؤولين في المجتمع وعامة الناس، والذي كان موجوداً بفاعلية حتى وقت قريب. وما أردناه هو تفعيله باستخدام وسائل العصر الحديثة. فإذا كان الأعضاء المحترمون يستخدمون وسائل التواصل عندما يحتاجون صوت المواطن، فالأولى أن يستخدمونها عندما يحتاج المواطن إليهم.

تعليق عبر الفيس بوك