بعد الصافرة

حسين الغافري

 (1)

كثيرة هي الأحداث الرياضية التي عشناها الأسبوع المنصرم؛ ففي إسبانيا بات برشلونة قاب قوسين من تحقيق بطولة الليجا الإسبانية السابعة في آخر أحد عشر موسماً. ناهيك عن احتفاظه ببطولة الكأس الرابعة توالياً والثلاثين على مدار تاريخه. بنظري بأن النادي الكتلوني يسير بصورة فوق الممتازة على صعيد إسبانيا، بل إن الكل يُجمع على أن بطولة الدوري الحالية تُعدّ من أسهل البطولات التي حققها، إن لم تكن هي الأسهل. ولكن هل يمكن القول بأن قوة حضوره المحلي أنست الجماهير السقوط المرّ في روما من أبطال أوروبا؟ وهل كان الجمهور ليقبل بطولتين محليتين في سبيل تفريط ببطولة مثل دوري الأبطال؟ بنظري، السقوط لن يُنسى إطلاقاً. الخروج بتلك الصورة غير المقبولة لن يمر هكذا من جانب الجمهور. ولعل الأسباب التي تقودنا إلى هذا التحليل عديدة. منها أن الفريق لم يعد يواجه تلك الصعوبة في تحقيق الألقاب المحلية، وخير شاهد نهائي الكأس مساء السبت والخماسية في شباك أشبيلية، وطريقة التسجيل والوصول إلى الشباك التي يمكن تشبيهها بـ"سيرك" أو "حفلة". الفريق وفي حال تراجع مستوى منافسه المباشر ريال مدريد يبدو بأن طريقه يصبح مفروشاً بالورود. لذلك الاختبارات القوية يفتقدها الفريق محلياً. أما السبب الرئيسي فهو حضور ريال مدريد بصورة "فتاكة" أوروبياً، لذلك ربطت الجماهير أن السيطرة الأوروبية باتت أولى من أن تكون على الصعيد المحلي، ونجاح الملكي أوروبياً يزعج المشجعين الكتلونيين ويرون بأن فريقهم مطالب بأن يركز على بطولة الأبطال أكثر من الدوري والكأس المحلية.

 

(2)

في فرنسا وألمانيا لا يظهر أن هناك إمكانيات يمكن أن تعيق كلًّا من بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان من تحقيق البطولات المحلية. ففي فرنسا لا يخامر أحد الشك بأن البطولة باريسية قبل أن تبدأ، وهو أمر مشابهة لما يحدث في ألمانيا بدرجة أقل نوعاً ما. باريس سان جيرمان بعيد كل البعد أن يقارعه أحد. الفريق تقريباً "يأكل" -إن صح التعبير- كل موهبة وكل نجم واعد، وبالتالي فإن ذلك يقويه من جهة ويضعف منافسيه من جهة أخرى. كل ذلك أوجدته عوامل الإستثمار التي يعمل عليها النادي الباريسي. وفي ألمانيا، بايرن ميونخ يسير بطريق مفروش بالورود مهما كانت قوته. الفريق وإن تراجع مستواه فهو قادر على تحقيق اللقب مبكراً، بالتالي فإن البطولتين الفرنسية والألمانية بشكل خاص باتت غير مشوقة لهذا السبب. يقودنا كل ذلك إلى التساؤل عن مدى التأثير التي سيترتب على جودة البطولتين بشكل عام من ناحية حقوق النقل والمشاهدات التليفزيونية!

 

(3)

من أكثر الأخبار اللافتة هذه الأيام، تلك التي تحدثت حول إعلان الفرنسي آرسين فينغر مدرب آرسنال خروجه من مهمة القيادة الفنية للفريق. تاريخ حافل صنعه فينغر مع آرسنال وبطولات عديدة حققها. وارتباطه بآرسنال من الشواهد التاريخية لأهمية الاستقرار الفني. صحيح بأن فينغر صنع تاريخ كبير في "المدفعجية"، لكن مطالبات رحيله كثرت في آخر موسمين مع ارتفاع قوة المنافسين وغياب الفريق من مقارعة حقيقية لكبار الدوري الإنكليزي. ما أضرّ فينغر ليس البطولات بصورة كلية، وإنما عدم وجود مخطط حقيقي لسقف الطموحات. والكل أجمع بأن سياسية "بناء مواهب" ومن ثم تحقيق عوائد طائلة لم يعد يكفي، الجمهور بات يرغب في البطولات والألقاب، ومع خروج فينغر لربما تعيد الإدارة ترتيب أوراقها بأولويات مختلفة. أقول لربما.