سعر النفط وصل ٧٠ دولارا

 

خلفان الطوقي

 يُسجل سعر نفط عمان هذه الأيام سعرًا قياسيًا للبرميل ويقترب من ٧٠ دولارا أمريكيا؛ وهذا السعر يجعل الحكومة تتنفس الصعداء؛ ويُمكنها من ترتيب أوراقها بكل أريحية مقارنة بالأسعار السابقة التي وصلت إل ما دون ٣٠ دولارا أمريكيا قبل حوالي عامين من الآن.

كما يعلم الجميع أن النفط في دول الخليج هو من أهم المتغيرات التي تبنى عليها السياسات الاقتصادية؛ وذلك لأن معظم عوائد ميزانياتنا منه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، والدليل على ذلك هو اتخاذ جميع الحكومات الخليجية عدداً من القرارات الاقتصادية واعتماد عدد من الرسوم والضرائب التي لم تكن موجودة من قبل سنة ٢٠١٦م، وتم استحداثها إثر الانخفاض الشديد لأسعار النفط وتعويض المفقود لتعويض عوائد الموازنة العامة للدول.

 

البعض يعتقد أنه بمجرد وصول النفط إلى هذا المستوى الذي افتقدناه لأكثر من سنتين، فإن كل المشاكل يسهل حلها، لكن من المنظور الشمولي للدولة فإنَّ هناك تحديات عميقة تتعدى الترقيات المتأخرة على سبيل المثال، فإذا كنّا كأفراد ننظر من الزاوية التي تخصنا، فإنّ على الحكومة أن تنظر من عشرات الزاويا لتحقق التوازن المطلوب الذي يعين الدولة في استمرار التنمية والتطور المنشود.

 

إنَّ أهم التحديات التي ما زالت تواجه الدولة هو رفع مستوى التصنيف الائتماني لمستويات إيجابية كما لو كانت قبل الأزمة الاقتصادية الحالية، واستمرار الإنفاق الحكومي المعهود على المشاريع الكبرى التي تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط الدورة الاقتصادية لكافة القطاعات التجارية في البلاد،  ودفع المستحقات في الوقت المتفق عليه دون تأخير، ورفع نسب التوظيف خاصة للعمانيين في القطاع الخاص مع مراعاة عدم تباطؤ النشاط التجاري لهذه الشركات، ورفع كفاءة عمل المؤسسات الحكومية وخاصة المعنية بالأنشطة التجارية والاستثمارية دون زيادة أعداد الموظفين بل تقليل وتقليص الأعداد الحالية من الموظفين الحكوميين إن أمكن، ورفع أو المحافظة على نسبة النمو الاقتصادي السنوي في ظل وجود تحديات داخلية وخارجية عديدة، ودفع مستحقات الديون الاستهلاكية واجبة الدفع مع الفوائد وتحديات أخرى يصعب أن نذكرها في هذا المقال المختصر، لكنها مرتبطة بالتحديات المذكورة أعلاه.

يتضح مما سبق أن سعر ٧٠ دولارا لا يُعتبر حلا لكل المشاكل الاقتصادية، بل عاملا مساعدا لمواصلة التنمية المستدامة الماسكة بالعصا من الوسط والمحافظة على نسق الحياة الكريمة للمواطن والمقيم، ومساندة القطاع الخاص لينمو ويزدهر، المهيئة لبيئة عمل صحية للتجار المحليين والجاذبة للاستثمار الخارجي، المقاومة للتحديات والمتواكبة مع المتغيرات الداخلية والخارجية والمرنة لكل الظروف المحيطة.

عمومًا، ذلك لا يتأتى بسهولة مالم تتوافر هناك كفاءات اقتصادية في أمانة مجلس الوزراء ومجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة ووزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية والمجلس الأعلى للتخطيط وكافة الجهات الحكومية المانحة للتراخيص التجارية واللجان الاقتصادية التابعة لمجلس الشورى والدولة ممن يمتلكون نظرة شمولية ومستوعبة للاقتصاد الكلي وكيفية التعامل مع متغيراته المتسارعة وابتكار الحلول المناسبة لكل متغير، فمع هذه الأسعار الجديدة لسعر برميل النفط، فإنَّ عمان لا تحتاج إلى محاسبين يقومون بدور أمناء الصندوق قدر حاجتها الى اقتصاديين مُحنكين يستوعبون عواقب الأمور، على أن تكون كلمتهم مسموعة في المجالس التشريعية والتنفيذية لبث الحياة من جديد إلى الحالة الاقتصادية وانتشالها من حالة التباطؤ والانكماش الاقتصادي.