حمود بن علي الطوقي
مرَّ على افتتاح مطار مسقط الدولي الجديد أسبوعان بالتحديد وقد كان خبر افتتاح المطار بمثابة عرس وطني شارك فيه كل أبناء الوطن والمقيمون على أرض هذا الوطن، لم يسلم هذا العرس منذ الوهلة الأولى من بعض الانتقادات بعضها كانت انتقادات إيجابية وواقعية مكنت القائمين من التعرف على مكامن القوة والضعف لتصحيح الأخطاء، وبعض الانتقادات كانت محبطة وليست واقعية ونظرتها سوداوية تصيب بالإحباط وتصدر من فئة قليلة من أبناء المجتمع همها نشر النظرة السلبية، وهذه الفئة لا يُعجبها شيء تسيطر عليها السوداوية وتلبس النظارة السوداء ولا تريد أن ترى الجانب المضيء . سبحان الله هذه الفئة دائمًا مكتئبة، وأجدها في النقاشات وشبكات التواصل الاجتماعي تبحث عن الإثارة وتتصيد الأشياء التافهة وتصطاد في الماء العكر، تؤجج وتنشر الفتنة بين أبناء المجتمع بحجة أن من حقها التعبير وأن حرية الرأي مكفولة للجميع،
أقول لهذه الفئة يجب علينا أن نتوقف حول نقطة حرية الرأي وأن نضع تحتها خطوطا لكي ننطلق من مبدأ تقبل الرأي والرأي الآخر، فالرأي الذي يطلق ويراد نشره يجب أن يكون مبنياً على الحقائق والوقائع ويجب أن يناقش من خلال مبادئ الحوار البناء الذي يعود لنا بالنفع بدلاً من التذمر وجلد الذات، فأرى وحسب متابعتي أن خطاب التذمر لدى هذه الفئة البسيطة من أبناء المجتمع يستقطع حيزًا كبيرًا من الوقت، وهذا الخطاب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بل أجده بمثابة مسمار يخدش نقاء وبياض الجدار، ويكسر المجاديف ليبقى محور النقاش بلا طعم وبلا رؤية، وأيضاً بلا هدف.
طبعاً لا أعني هنا الحوار البناء والنقد المفيد الذي يُنير لنا الدورب بل أركز على الفئة التي يتغلف حوارها ونقاشها بالضبابية والسوداوية وليس لديها أدنى أبجديات الفكر والنقد البناء الذي ينشده الجميع لأنه نقد يبحث عن التغيير ويقدم حلولا جوهرية ومنطقية ويطرح أفكارًا خلاقة ونيرة تساهم في مد جسور التعاون بين أبناء المجتمع.
في الوقت الذي تشتد لغة الحوار السوداوية بين المتذمرين نرى في المقابل المخططين يمضون في ترجمة أهدافهم إلى واقع فعلي دون الالتفات إلى الوراء بل يمضون نحو الأمام بثبات وبإخلاص في تأدية واجبهم دون كلل أو ملل.
أنا شخصيا من أشد المؤيدين للحوار شريطة أن يكون الحوار هادفاً وبناءً ولا يمنع من تنظيم جلسات حوارية تطرح فيها الأفكار وتناقش في ظل دعوة المسؤولين وهنا أرى أن تنتعش جمعيات المجتمع المدني وتقوم بهذا الدور في تنظيم اللقاءات التي تعود بالنفع على الوطن وتنطلق من أرضية صلبة وتناقش المشكلة من منظور واقعي وتبحث عن الحلول بحيث ينتهي الحوار بقناعة تامة بالنتائج محور النقاش حتى وإن لم يؤخذ بها ولكنها تنطلق من مبدأ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
جميل جداً أن تكون الآراء في حواراتنا متباينة وتنطلق من مبدأ العلم بالشيء وحتى وإن تفاوتت الأطروحات يظل النقاش بعيدا عن اللغة السوداوية هذه اللغة التي وللأسف الشديد هي المهيمنة على واقعنا الاجتماعي.
علينا أن ننظر حولنا لنرى كم نحن سعداء إننا نعيش في بيئة تستمع إلى الرأي والرأي الآخر هذه البيئة التى أعطت ومنحت المتحاورين السبل الكفيلة لطرح ومناقشة القضايا التي تعود بالنفع على المُجتمع،
علينا أن نغرس لغة الإيجابية في أطفالنا فهم عمود المُستقبل وهم من سيحملون اللواء ويقودون قاطرة التغيير البناء والإيجابي فهذا الجيل يتأثر بمن حوله وبما يناقش من قضايا اجتماعية وغيرها علينا أن نؤهله للبناء والتعمير وليس للحوار الذي يحتدم بالسوداوية وبفكر هش ورؤية ضيقة.
الجيل القادم يجب أن يقف على أرضية صلبة وينغمس في حب العمل ويحمل شعاع التنوير لأنه بالاختصار طاقات ستحدث التغيير بشرط أن تتمسك بلغة الحوار البناء.