محمد بن عيسى البلوشي
تسارعت المنافسة بين الشركات في الاستثمار الاجتماعي، وأصبحت جميعها تخصص صندوقًا تضع فيه مبالغ سنوية للمساهمة في مشاريع وطنية ومجتمعية متنوعة، وهذه حالة حميدة تشكر عليها تلك المؤسسات، إلا أنَّ الشركة العمانية الهندية للسماد (أوميفكو) التي أتخذت من المنطقة الصناعية بصور محطة مهمة لتصدير منتجاتها إلى خارج السلطنة، اتخذت نهجا مميزا في مشاريع المسؤولية الاجتماعية خلال العقد الأول من تشغيلها تجاريا عام 2005م.
نعم خصصت أوميفكو نسبة من صافي أرباحها السنوية لمشاريع المسؤولية الاجتماعية، والتي قدرت خلال العشرة أعوام الماضية منذ إنشائها وحتى عام ٢٠١٦ بما يقرب من ١٠ ملايين ريال عماني تم استثمارها في ٥٧٩ مشروعاً للمجتمع توزعت ٥٣% منها في محافظتي جنوب وشمال الشرقية كجزء من وفائها نحو البيئة المحيطة بها، في حين ذهبت ٣٤% إلى المشاريع الوطنية المهمة والتي تجد الشركة أنها وفاء لعمان بما قدمته من إمكانيات وسخرتها من بيئة استثمارية آمنة ومتطورة، في حين ذهبت نسبة ١٣% لباقي محافظات السلطنة من مشاريع تجد الشركة أهمية بالغة لدعمها وتنفيذها، لتبقى عمان حاضرة على الدوام في قلب إدارتها.
ما جعلني أوكد على إستراتيجية أوميفكو المميزة هو توزيع تلكم المشاريع على قطاعات مهمة، حيث تتلخص تلك الاستراتيجية في أربعة مجالات ذات أولوية وهي مجال ريادة الأعمال وتنمية رأس المال البشري ومجال الثقافة والتراث وأيضاً الحفاظ على البيئة وتعزيز جودة الحياة، حيث مولت الشركة في برنامجها للمسؤولية الاجتماعية ١٢١ مشروعًا في بناء القدرات و١٢٨ مشروعا في مجال التعليم و٢٥ مشروعا في العناية بالطبيعة و٤٣ مشروعا لتمكين المرأة و٥٦ مشروعا في المجال الرياضي و١٩ مشروعا للمجال الصحي و٦٢ مشروعا في مجال التواصل الاجتماعي و٥٢ مشروعا لذوي الإعاقة و٤٣ مشروعا لصون الموروث و٣٠ مشروعا ذات أثر إيجابي على المجتمع.
ومن أهم مشاريع المسؤولية الاجتماعية الريادية لاوميفكو والتي تعمل على تعزيز فكرة الاستدامة هو برنامج الخلية لريادة الأعمال والذي استفاد منه أكثر من ٨٠ من رواد الأعمال الشباب الذين قدمت لهم الشركة تدريباً مكثفاً لبدء مشاريعهم التجارية الخاصة بهم، حيث تم دعم 53 مشروعا بمنح مالية للتأسيس خلال الثلاث دورات الماضية من عمر البرنامج مقسمة حسب التالي، في الدورة الأولى تم دعم 26 مشروعا بمنح تأسيسية وفي الدورة الثانية من البرنامج تم دعم ١٦ مشروعاً أما في الدورة الثالثة فقد تم دعم ١١ مشروعًا وذلك منذ تأسيس الفكرة في ٢٠١٢م.
هذا المشروع يعزز جهود الحكومة في دعم ريادة الأعمال وترسيخ دورها وتوسيع فاعليتها، بل ذهبت أوميفكو أبعد من ذلك إلى المساهمة بفاعلية في تطوير أدوات المشاريع التجارية ومتابعتها بشكل مستمر خدمة منها للمجتمع وإحساسا بمسؤولياتها الكاملة تجاه هذا الوطن العزيز.
هذا الدور يقودني إلى مشروع أجد من الجيد أن تتبناه الشركة خلال المرحلة المقبلة ضمن برنامجها للمسؤولية الاجتماعية على غرار برنامج أوميفكو الريادي في إعداد كوادر بشرية، والمنسجم مع إستراتيجياتها الخاصة بالتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية والتعليم المستمر، ويتمثل المشروع بتمويل مبادرة إنشاء مركز أو حاضنة تخدم قطاع الإعلام في مُحافظتي جنوب وشمال الشرقية، ويهدف إلى تطوير الكفاءات الإعلامية من مراسلي وسائل الإعلام وأيضًا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المؤثرين على مستوى المحافظتين ويستقطب برامج تدريبية وتأهيلية، إلى جانب أنَّه سيكون محطة مهمة في اللقاء والتواصل الإعلامي بين جميع الأطراف ذات العلاقة، ويعمل على تنسيق الجهود بما يخدم التنمية الشاملة التي تقودها الحكومة والترويج والتسويق للمقومات الاقتصادية والسياحية والتجارية والاجتماعية والتنموية، وذلك على غرار البرامج المماثلة التي قامت أوميفكو بتمويلها بنجاح خلال العقد الأول والتي أعطت ثمارًا يانعة لعُمان الحاضر وبإذن الله تستشرف الغد بإنجازات متطورة.
كما أدعو بل وأرجو من الشركة توسيع مساحة الشراكة مع الإعلام المحلي بولاية صور، وأيضاً تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية من خلال تعزيز التفاعل والتعاون الإيجابي مع الإعلاميين بصورة مستمرة واستحداث منصة لتبادل الأفكار والمقترحات التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والنمو لمشاريع المسؤولية الاجتماعية خدمة للمجتمع المحلي والمجتمع العماني بشكل عام، حيث ستعزز هذه الخطوة المهمة الدور الريادي للشركة في مجال المسؤولية الاجتماعية وترفدها بأفكار وخبرات اكتسبها الإعلاميون من مهام عملهم وأدوراهم في قيادة العملية التوعوية والإعلامية كمتابعين وراصدين لعجلة التنمية في المجتمع، وأيضًا دورهم المؤثر في وضع الاستراتيجيات الإعلامية التي تساعد الشركة في إبراز جهودها ودورها في خدمة الاقتصاد العماني والمجتمع المحلي عبر نافذة المسؤولية الاجتماعية لتعزز أوميفكو بذلك أهدافها الرامية لخدمة الوطن، وليكون وجود الإعلام حلقة وصل فاعلة بين جهود الشركة وبين المجتمع المستفيد الأول من برامج المسؤولية الاجتماعية ليرفع بذلك درجة الاستفادة، وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو أن أوميفكو تنمو مع المجتمع.