حمود الطوقي
يُتداول منذ أيام على شبكات التواصل الاجتماعي قصة نجاح شاب عُماني، استطاع أن يُحقق نجاحًا باهرًا في عالم التجارة والاستثمار، ويبني شركة عِملاقة تتَّخذ من دبي مقرًّا لها، واستطاع في زمن قياسي أن يفتح لها فروعًا في نيويورك وهونج كونج والمملكة المتحدة والرياض.. قصة الشاب العُماني -والذي يُشار إليه بأنه خبير في عالم الاستثمار- هو د. جلال بن صالح الحضرمي، الذي قام بتأسيس صندوق تمويل رأسمال المخاطر "سيليبريتي جلوبال القابضة". واستطاع بحِنكته التجارية والاستثمارية أن يجعل من الصندوق علامة تجارية شهيرة يُشار إليها بالبنان.. شخصيًّا، لا أعرفه، ولم ألتقِ به، وحتى ما كُتِب عنه لا أعلم حقيقةَ مصدره، ولكن كل نموذج عُماني يُحقق النجاح يُشْعرنا بالفخر والاعتزاز.
يُتناقل عن الحضرمي أنه رجل أعمال بارز، ترك عالم الطيران، واتجه لعالم الاستثمار، وبدأ مشواره قبل عقد من الزمان، حينما ألقى عَصا الترحال في مدينة دبي، باحثًا عن فرص استثمارية واعدة، وتمكَّن من الوصول لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، والتي تدعم مشاريع الابتكار والريادة والتطوير؛ حيث كانتْ انطلاقته بعد نجاحه وتفوقه وتخرجه في هذه المؤسسة، واتجه بعدها نحو تأسيس مشروعه الاستثماري الطموح الذي أصبح بعد عقد من الزمن عالميًّا بجدارة واستحقاق؛ حيث حقَّق النجاح المنشود -حسب ما ذُكر- بسبب التسهيلات والبيئة الاستثمارية التي تشجع لخوض التجربة الاستثمارية.. هذه البيئة التي ينشدها الجميع لتكون في بلدنا الغالي.
الشاب والخبير الاستثماري الدكتور جلال الحضرمي الذي أصبح -كما يُتداول عنه- رجل أعمال بارزًا، يدير الآن صندوقا استثماريا تصل أصوله لنحو 320 مليون دولار، وطموحه واسع في تمويل مشاريع الشباب الطموح ورواد الأعمال، ويقوم حاليًا بتنظيم سلسلة من ورش العمل لمساعدة الشباب ورواد الأعمال، وتشجيعهم لخوض عالم البزنس.
تجربة ونجاح الحضرمي تُشابهها تجارب ناجحة لرجال أعمال عُمانيين بارزين، انطلقوا من البيئة العُمانية الخصبة؛ فمنهم من حقَّق النجاح من عُمان ليُحلِّق في فضاءات واسعة فيما وراء البحار والمحيطات؛ مثل تجربة رجل الأعمال الأكثر بروزا في السلطنة محمد بن علي البرواني، الذي أسَّس في مُنتصف الثمانينيات شركة صغيرة تُقدِّم خدمات في قطاع النفط والغار، لتصبح الآن إحدى الشركات العملاقة على المستوى الإقليمي والدولي، وهناك تجارب ناجحة لرجال أعمال يُديرون أصولًا استثمارية ضخمة ينطلقون من خارج حدود السلطنة، لكنهم يحملون الهُوية العُمانية في معاملاتهم وتعاملاتهم، ويضربون أرقى الأمثلة في النجاح والتفرُّد.
هؤلاء رجال الأعمال العُمانيون تجدهم في مختلف عواصم العالم؛ فتجدهم بدبي ونيويورك وماليزيا وتنزانيا والمملكة المتحدة، ومنهم من فتح فروعًا لشركته في الصين وكوريا والهند واليابان. لكنهم لم ينسوا أن الأصل والمنبت في التجارة هو لغة يفهمها أغلب سكان عُمان، وتوارثوها أبًّا عن جد، فقد ارتبطت لغة التجارة والاستثمار بالشخصية العُمانية منذ أمدٍ بعيد، وكون هذه الصفات الاستثمارية لصيقة بالعُماني فيجب على الحكومة والمعنيين في قطاع التجارة والاستثمار تشجيع الكوادر الوطنية، ودعم مشاريعهم الاستثمارية، والابتعاد كل البعد عن التعقيدات والحواجز التي هي بمثابة بيئة طاردة، وتحويلها لبيئة جاذبة.
المواطن العُماني قادر على أن يُقدم نموذجا يُحتذى به، ويُشار إليه بالبنان، إذا وجد أرضيةً مُشجِّعة لإدارة استثماراته، بعيدا عن التعقيدات والبيروقراطية الزائفة.
النموذج العُماني من أمثال د. جلال الحضرمي، يجب أن يُشجَّع وتُقدَّم له التسهيلات والدعم المادي والمعنوي، لكي يُوطِّن استثماراته في البلد الأم، وأيضاً يحتاج من الجهات المختصة دعوة الاستثمارات العمانية المهاجرة لأن تعود إلى عشها وموطنها لأن هذه الاستثمارات من شأنها أن تُسهم في رفد الاقتصاد الوطني الذي يعاني من ركود منذ بداية الأزمة النفطية منتصف العام 2015.
سبق وكتبنا مقالات عديدة وشخَّصنا التحديات التي تُواجه البيئة الاستثمارية، ولا ننكر أن جهودًا تُبذل، لكنها غير قادرة على أن تُبرز الجانب الإيجابي للاستثمارات التي بدأت تفقد بريقها وتبحث عن أماكن آمنة لنموها، فهل سنرى التحرك الجاد لإزالة كل ما يعكِّر صفو لغة المال والاستثمار في بلادنا؟!
نتمنى ذلك، وحتما سنرى المئات من النماذج العُمانية الناجحة، التي سيُشار إليها بالبنان محليًّا، وإقليميًّا، وعالميًّا.