الابتكار.. حتمية التفكير خارج الصندوق

فايزة الكلبانية

 

 "التفكير خارج الصندوق".. عبارة لطالما أحببتها واتخذتها منهاجا في حياتي اليومية؛ وذلك من منطلق إنّ التفكير بطرق جديدة وأساليب علمية ومعرفية جديدة يعني في معناه " الابتكار" الذي يحول الفكرة ولو كانت خيالية أو مجنونة إلى واقع ملموس، ينهض بالمجتمع من خلال التركيز على المقومات الأساسية لثقافة الابتكار، كالقيادة والتخطيط، العلم والعمل، المتابعة والتمكين.

اليوم وبفضل تطور مسيرة التعليم والحركة العلمية والمعرفية بالسلطنة تعددت العقول التي تفكر خارج نطاق الصندوق المتعارف عليه، ومن مختلف شرائح الفئات العمرية ذكورًا وإناثا، متوزعين بين أروقة الصروح العلمية من مدارس وكليات وجامعات ومؤسسات حكومية وخاصة.. فقد اتسعت الخارطة الابتكارية -ولله المنة والحمد-..

ولا شك أنّها عقول نابغة، تتطلع لما وراء الأفق، وتحلق بأفكارها إلى المستقبل البعيد، يبدأون مشوار الألف ميل لنجاحاتهم بخطوة رائدة، يسجلون بها بصمة حضورهم، واضعين نصب أعينهم تحويل أحلامهم وأفكارهم إلى واقع ملموس، لترى ابتكاراتهم النور، لاسيما في ظل السعي الدؤوب لتعزيز مصادر التنويع الاقتصادي، ليحل مجال دعم الابتكار أولويات قائمة برنامج تعزيز التنويع الاقتصادي " تنفيذ"، وفي ترقب لنقلة نوعية ملموسة كنتائج سريعة لمخرجات "تنفيذ" فيما يعنى بدعم الابتكار والمبتكرين.

بالأمس، تشرّفت فكنت شاهدة على حفل تخريج مركز الابتكار الصناعي لــ 100 اختصاصي ابتكار صناعي، تمّ تعزيز قدراتهم الابتكارية من خلال توفير بيئة متخصصة لاحتضان مهاراتهم الابتكارية، وتوفير مكان ملائم للتدريب من خلال ورش العمل والخبراء المتواجدين معهم لمساعدتهم للرقي بأسلوب الإبداع والابتكار لديهم.

إن جهود مركز الابتكار الصناعي سبقتها وستتبعها جهود أخرى، وفي بالنا  جهود جريدة الرؤية من خلال مبادراتها المتنوعة التي في مجملها تسلط الضوء على قدرات الشباب وأفكارهم الابتكارية في مختلف المجالات العلمية ومثال لذلك "جائزة الرؤية لمبادرات الشباب" التي استطاعت أن كشفت الستار عن وجود شباب مبتكرين تفوق أعدادهم أضعاف أعداد الخريجين، لكنّهم فقط كانوا بحاجة إلى من يتبنى تعزيز مهاراتهم، وتوجيه عقولهم ليفيدوا البلاد بما وهبهم الله من عقول نيرة، وتتاح لهم الثقة والرعاية لأنهم قادرون على صناعة التغير لمستقبل عمان باتحاد مهاراتهم وحسن التوجيه والإرشاد، فهم وأنتم ونحن نؤمن بأنّ الأفكار العظيمة كلها بدأت بفكرة وتطورت تدريجيا فأصبحت إنجازا عظيما تفاخر به الأمم ويدر إنتاجا ودخلا على الفرد وبلده.

نقطة الانطلاقة نلمسها اليوم مع الــ 100 اختصاصي ابتكار صناعي، والإعلان عن وجود شركة ناشئة صناعية، والتوسع في المركز ليصبح شركة مستقلة تنبثق مستقبلا عن العديد من الشركات الابتكارية التي ستكون نتاج حصاد أفكار هؤلاء الخريجين، والأكيد أنّ هناك مئات آخرون يترقبون أن تتاح لها الفرصة لتطوير ابتكاراتهم ومهاراتهم وتعزيزها لينضموا لمن سبقهم، لنؤسس قاعدة مبتكرين عمانيين محترفين وقادرين على تغيير واقع الابتكار في السلطنة والنهوض بالمؤسسات الابتكارية الكبيرة أو الصغيرة أو المتوسطة؛ وكل هذا لن يتحقق إلا بمضاعفة تكاتف الجهود من قبل الجهات الحكومية المعنية والخاصة، وإعطاء الثقة للمبتكرين العمانيين ليضعوا بصماتهم لاستمرار الإنجازات الابتكارية.

وأختم بالقول أنّ تعزيز ثقافة الابتكار تحتاج منّا جميعا حكومة وشعبا إلى مزيد من الجهود المفضيّة إلى توفير بيئة ابتكارية والربط بين التعليم والتفكير العلمي لما فيه فائدة الوطن.

 

faiza@alroya.info